تتميم:حكم الداخل إلى الحرم مع عدم قصد دخول مكّة \ ترك الإحرام للعمرة المفردة من الميقات والإحرام من أدنى الحل 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4940

 

تتميم

   لا خلاف ولا إشكال في عدم جواز الدخول إلى مكّة إلاّ محرماً إلاّ لأشخاص ممن يتكرر دخوله كالحطّاب والحشّاش .

   وإنما وقع الكلام في الداخل إلى الحرم ولم يكن من قصده الدخول إلى مكّة ، فهل يجب عليه الإحرام لدخول الحرم أم لا يجب إلاّ لمن يريد الدخول إلى مكّة ؟

   المعروف والمشهور بين الأصحاب عدم وجوب الإحرام لمن لا يريد دخول مكّة ونسب إلى بعضهم وجوب الإحرام للعمرة أو للحج لمن يريد دخول الحرم ، فإنّ الإحرام وإن كان عبادة ولكن لا يستقل بنفسه ، بل إما أن يكون للحج أو للعمرة ، فمن كان قاصداً لدخول الحرم لحاجة وغرض من الأغراض ولم يكن مريداً لدخول مكّة يجب عليه الإحرام لدخول الحرم ، ثمّ يجب عليه أن يذهب إلى مكّة لأداء المناسك من العمرة أو الحج، وممّن صرّح بوجوب الإحرام لدخول الحرم صاحب الوسائل(1)، حيث أخذ عدم جواز دخول الحرم إلاّ محرماً في عنوان الباب الخمسين من أبواب الإحرام وذكر : باب أنه لا يجوز دخول مكّة ولا الحرم بغير إحرام ، وما يذكره في عنوان الباب يفتي به .

   والصحيح ما ذهب إليه المشهور ، فإن الروايات الواردة في المقام على طائفتين :

   الاُولى : ما دلّ على وجوب الإحرام لدخول مكّة ، كصحيحة محمّد بن مسلم «هل يدخل الرجل مكّة بغير إحرام ؟ قال : لا إلاّ مريضاً أو من به بطن» (2) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 12 : 402 / أبواب الإحرام ب 50 .

(2) الوسائل 12 : 403 / أبواب الإحرام ب 50 ح 4 ، 1 .

ــ[337]ــ

   الثانية : ما دل على وجوب الإحرام لدخول الحرم كصحيحة عاصم «يدخل الحرم أحد إلاّ محرماً ؟ قال لا إلاّ مريض أو مبطون»(1) .

   ومقتضى الطائفتين في بادئ الأمر وجوب الإحرام لدخول مكّة ودخول الحرم ولكن التأمل فيهما يقضي بوجوب الإحرام لدخول مكّة فقط ، وحمل أخبار الحرم على مريد الدخول إلى مكّة . والوجه في ذلك : أن جعل الحكمين معاً ـ أي جعل وجوب الإحرام لدخول الحرم وجعل وجوب الإحرام لدخول مكّة ـ يستلزم اللغوية .

   بيان ذلك : الحكم بوجوب الإحرام لو كان مختصّاً بمن كان داخل الحرم لأمكن جعل الحكمين معاً في حقه ، فيقال له : إذا أردت دخول مكّة يجب عليك الإحرام وإذا خرجت من الحرم وأردت دخوله يجب عليك الإحرام لدخول الحرم ، إلاّ أنّ مقتضى بعض الروايات الصحيحة وصراحتها ثبوت هذا الحكم لعامّة المسلمين وعدم اختصاصه بطائفة دون اُخرى ، كما في صحيحة معاوية بن عمّار «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يوم فتح مكّة : إن الله حرم مكّة يوم خلق السموات والأرض، وهي حرام إلى أن تقوم الساعة، لم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي»(2).

   فلا يمكن تخصيص الحكم بداخل الحرم ، وعليه فجعل الحكمين معاً يصبح لغواً لأ نّه لو وجب الإحرام لدخول الحرم فإنما هو لأداء المناسك ، وإلاّ فمجرّد الإحرام بدون الأعمال والمناسك لا نحتمل وجوبه ، ومن الواضح أن مكّة المكرمة محاطة بالحرم ، فإذا دخل الحرم محرماً لأداء المناسك فجعل وجوب الإحرام الثاني لدخول مكّة لغواً لا أثر له ، فهذه القرينة توجب حمل روايات وجوب الإحرام لدخول الحرم على من يريد الدخول إلى مكّة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 12 : 403 / أبواب الإحرام ب 50 ح 4 ، 1 .

(2) الوسائل 12 : 404 / أبواب الإحرام ب 50 ح 7 .

ــ[338]ــ

   [ 3222 ] مسألة 4 : لو كان قاصداً من الميقات للعمرة المفردة وترك الإحرام لها متعمداً يجوز له أن يحرم من أدنى الحل وإن كان متمكناً من العود إلى الميقات فأدنى الحل له مثل كون الميقات أمامه ((1)) ، وإن كان الأحوط مع ذلك العود إلى الميقات ، ولو لم يتمكن من العود ولا الإحرام من أدنى الحل بطلت عمرته (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   فمن دخل الحرم لغرض من الأغراض ولا يريد الدخول إلى مكّة لا يجب عليه الإحرام .

   (1) لا ريب في أن العمرة المفردة كالحج وعمرة التمتّع في وجوب الإحرام لها من الميقات ، وإنما الفرق بما ذكره في المتن من أنه لو كان قاصداً للعمرة المفردة وترك الإحرام لها من الميقات عمداً يجوز له الإحرام لها من أدنى الحل ، ولا يجب عليه الرجوع إلى الميقات وإن كان متمكِّناً من العود إليها ، فحال أدنى الحل حال الميقات الذي يكون أمامه ، فأدنى الحل ميقات اختياري للعمرة المفردة وإن كان آثماً بتركه الإحرام عند مروره بالميقات .

 وليعلم أنه قد عرفت سابقاً أنه لو تجاوز عن الميقات بلا إحرام يجب عليه الرجوع ، ولا يكتفي بالإحرام من الميقات الذي أمامه ، وقد دلّ على ذلك صريحاً بعض الروايات المعتبرة كرواية إبراهيم بن عبدالحميد(2) التي منعت من الإحرام من ذات عرق لمن كان في المدينة ، بل لو فرضنا جواز ذلك فإنما يجوز في الحج أو عمرة التمتّع ، وأمّا في العمرة المفردة فلا دليل على كون أدنى الحل ميقاتاً لها على الاطلاق وإنما هو ميقات لها لمن كان في مكّة وإن لم يكن من أهلها ، وأضفنا إلى ذلك من بدا له العمرة وكان دون المواقيت ، فإنه لا يجب عليه أن يذهب إلى الميقات الذي وراءه ، بل يجوز له الإحرام من أدنى الحل كالجعرانة كما فعل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بعدما رجع من الطائف وغزوة حنين ، فإنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بدا له أن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه إشكال ، بل لا يبعد وجوب العود إلى الميقات .

(2) المتقدِّمة في ص 263 ، الوسائل 11 : 318 / أبواب المواقيت ب 8 ح 1 .

ــ[339]ــ

   [ 3223 ] مسألة 5 : لو كان مريضاً لم يتمكن من النزع ولبس الثوبين يجزئه النيّة والتلبية فإذا زال عذره نزع ولبسهما ((1)) ولا يجب حينئذ عليه العود إلى الميقات ، نعم لو كان له عذر عن أصل إنشاء الإحرام لمرض أو إغماء ثمّ زال وجب عليه العود إلى الميقات إذا تمكن ، وإلاّ كان حكمه حكم الناسي في الإحرام من مكانه ((2)) إذا لم يتمكّن إلاّ منه ، وإن تمكن العـود في الجملة وجب ((3)) وذهب بعضهم إلى أنه إذا كان مغمى عليه ينوب عنه غيره لمرسل جميل عن أحدهما (عليهما السلام) «في مريض اُغمي عليه فلم يفق حتى أتى الموقف ، قال (عليه السلام) : يحرم عنه رجل» ، والظاهر أن المراد أنه يحرمه رجل ويجنبه عن محرمات الإحرام لا أنه ينوب عنه في الإحرام ، ومقتضى هذا القول عدم وجوب

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يعتمر فأهلّ من الجعرانة ولم يرجع إلى الميقات .

   وبالجملة : في هذين الموردين يجوز الإحرام للعمرة المفردة من أدنى الحل ، وأمّا في غيرهما فلا دليل على كونه ميقاتاً لها ، خلافاً للمصنف وصاحب الجواهر(4) (قدس سرهما) ، فإنهما جعلا أدنى الحل ميقاتاً اختيارياً لمطلق العمرة المفردة حتى لمن يريد العمرة من الخارج ، وحملا كلام المحقق(5) من المنع عن الإحرام من أدنى الحل على غير العمرة المفردة ، ولا دليل على ما ذكراه ، بل يشكل شمول الحكم بجواز الإحرام من مكانه عند نسيان الإحرام من الميقات أو الجهل بذلك ولم يتمكن من الرجوع إلى الميقات للعمرة المفردة ، لأنّ الدليل إنما دلّ على جواز الإحرام من مكانه في الحج أو عمرة التمتّع ، ولا يشمل العمرة المفردة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سيأتي منه (قدس سره) عدم وجوب استدامة اللبس بعد تحقق الإحرام وهو الصحيح فلا يجب لبسهما في الفرض .

(2) على تفصيل تقدّم [ في المسألة 3221 التعليقة 4 ] .

(3) على الأحوط في خصوص الحائض في خارج الحرم ، ولا يجب في غيرها .

(4) الجواهر 18 : 133 .

(5) الشرائع 1 : 274 ،  المعتبر 2 : 804 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net