عدم وجوب التلبية على القارن إذا أشعر أو قلّد 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3432


ــ[419]ــ

والأولى في البدن الجمع بين الإشعار والتقليد ، فينعقد إحرام حج القران بأحد هذه الثلاثة ، ولكن الأحوط مع اختيار الإشعار والتقليد ضم التلبية أيضاً (1) ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ثمّ إنه في البدن مخير بين الاشعار والتقليد ، ويكفي أحدهما في عقد الإحرام ، لإطلاق الروايات المتقدّمة كصحيحة معاوية بن عمّار ونحوها .

   نعم، الأولى في البدن الجمع بين الاشعار والتقليد لمعتبرة السكوني عن جعفر (عليه السلام) «أنه سئل ما بال البدنة تقلد النعل وتشعر ؟ فقال : أمّا النعل فتعرف أنها بدنة ويعـرفها صاحبها بنعله ، وأمّا الاشـعار فإنّه يحرم ظهـرها على صاحـبها من حيث أشعرها»(1) فكأنّ الجمع بينهما مفروغ عنه وإنما سئل (عليه السلام) عن وجهه والإمام (عليه السلام) بين وجه الجمع ، ولصحيح معاوية بن عمّار «البدن تشعر في الجانب الأيمن ، ويقوم الرجل في الجانب الأيسر ، ثمّ يقلدها بنعل خلق قد صلّى فيها» (2) .

   بل الأحوط الأولى هو الجمع بين التلبية والاشعار والتقليد ولا يكتفي في عقد الإحرام بالاشعار أو التقليد ، خروجاً عن مخالفة السيّد(3) وابن إدريس(4) حيث ذهبا إلى أنّ التلبية محققة للإحرام في جميع الموارد حتى حج القران .

   (1) ويستدل لذلك بأحد أمرين :

   أحدهما : الاطلاقات الآمرة بالتلبية(5) ، إذ لا يظهر منها الاختصاص بغير حج القران ، وحيث إن المفروض تحقق الإحرام بالاشعار أو التقليد فيكون وجوب التلبية عليه حينئذ وجوباً نفسيّا .

   ثانيهما : موثقة يونس ، قال «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : إني قد اشتريت

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 279 / أبواب أقسام الحج ب 12 ح 22 .

(2) الوسائل 11 : 276 / أبواب أقسام الحج ب 12 ح 4 .

(3) الانتصار : 102 .

(4) السرائر 1 : 532 .

(5) الوسائل 12 : 382 / أبواب الإحرام ب 40 .

ــ[420]ــ

نعم الظاهر وجوب التلبية على القارن وإن لم يتوقف انعقاد إحرامه عليها فهي واجبة عليه في نفسها ((1)) ، ويستحب الجمع بين التلبية وأحد الأمرين وبأيهما بدأ

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بدنة ، فكيف أصنع بها ؟ فقال : انطلق حتى تأتي مسجد الشجرة فأفض عليك من الماء والبس ثوبك ، ثمّ أنخها مستقبل القبلة ، ثمّ ادخل المسجد فصلّ ثمّ افرض بعد صلاتك ، ثمّ اخرج إليها فأشعرها من الجانب الأيمن من سنامها ، ثمّ قل : بسم الله اللّهمّ منك ولك اللّهمّ تقبل منّي ، ثمّ انطلق حتى تأتي البيداء فلبّه» (2) فإن المفروض في مورد الرواية تحقق الإحرام بالاشعار ، فيكون الأمر بالتلبية ظاهراً في الوجوب النفسي .

   والجواب عنه : أمّا عن الأوّل فبأنه لا يمكن التمسك بالاطلاقات ، فإن الأخبار الآمرة بالتلبية كلّها في مقام بيان تحقق الإحرام بذلك وأنه أحد الثلاثة ، فإذا أشعر أو قلّد فقد حصل الإحرام منه ، ومعه لا يبقى مجال وموضوع للتلبية .

   وأمّا عن الثاني : وهو موثقة يونس ، فالظاهر من الأمر بالتلبية في مورد الاشعار والإحرام به هو وجوب التلبية وجوباً نفسيا .

   ودعوى أنه مشتملة على جملة من المستحبات وذلك يوجب عدم ظهور الأمر في الوجوب ، ضعيفة لما ذكرنا غير مرّة أن مجرد اشتمال الرواية على المستحبات لا يوجب رفع اليد عن ظهور الأمر في الوجوب ، إلاّ إذا قامت القرينة على عدم إرادة الوجوب ، فالموثقة لا قصور في دلالتها على الوجوب .

   ولكن مع ذلك لا يمكن الاستدلال بها للوجوب ، لأنّ الموثقة لو كانت على النحو الذي ذكرناها ورواها الكليني (3) فالأمر كما ذكرنا ، إلاّ أن الصدوق (4) رواها أيضاً بطريقه الصحيح بزيادة توجب كون الموثقة أجنبيّة عن المقام بالمرّة ، ولم يذكر الكليني هذه الزيادة ، فقد روى الصدوق باسناده عن ابن فضال عن يونس بن يعقوب ، قال :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في وجوبها عليه إشكال .

(2) الوسائل 11 : 275 / أبواب أقسام الحج ب 12 ح 2 .

(3) الكافي 4 : 296 / 1 .

(4) الفقيه 2 : 210 / 958 ، الوسائل 11 : 275 / أبواب أقسام الحج ب 12 ح 3 .

 
 

ــ[421]ــ

كان واجباً وكان الآخر مستحبّاً ((1)) (1)، ثمّ إنّ الإشعار عبارة عن شق السَّنام الأيمن بأن يقوم الرجل من الجانب الأيسر من الهدي ويشق سنامه من الجانب الأيمن

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

«خرجت في عمرة فاشتريت بدنة وأنا بالمدينة ، فأرسلت إلى أبي عبدالله (عليه السلام) فسألته كيف أصنع بها ؟ فأرسل إليّ ما كنت تصنع بهذا ، فإنّه كان يجزئك أن تشتري من عرفة ، قال : انطلق» إلى آخر ما ذكره الكليني(2) ، فالرواية واردة في العمرة ، والإحرام لها تتحقق بالتلبية فقط لا بالاشعار ، وكلامنا في حج القران الذي يتحقق الإحرام له بالاشعار ، فالرواية أجنبيّة عن المقام ، وأمّا الاشعار الوارد في الرواية فمحمول على الاستحباب لوضوح عدم ثبوت الاشعار في العمرة على إطلاقها فالقول بوجوب التلبية على القارن وجوباً نفسياً كما في المتن وغيره لا دليل عليه .

   (1) ربّما يقال بأنه كيف يجتمع استحباب الجمع بين التلبية والاشعار أو التقليد وأنه إذا بدأ بأحدهما كان الآخر مستحباً وبين ما سبق أن ذكره المصنف (قدس سره) من أنه يجب الاتيان بالتلبية وجوباً نفسياً ، لأنّ مقتضى الاستحباب الذي ذكره هنا أنه لو قدم الاشعار كان الاتيان بالتلبية مستحباً ، مع أنه ذكر (قدس سره) أنه يجب الاتيان بالتلبية ولو تحقق منه الاشعار .

   والجواب: أنّ استحباب الجمع بين التلبية والاشعار أو التقليد بلحاظ عقد الإحرام ولو من جهة الخروج من خلاف السيّد وابن إدريس ، يعني أن استحباب الجمع بين التلبية والاشعار أو التقليد لأجل حصول القطع بعقد الإحرام حتى على رأي السيّد وابن إدريس ، ولا ينافى ذلك فتواه بوجوب التلبية في نفسها تعبّداً ، فلو قدم الاشعار أو التقليد فلا بأس بالتلبية في نفسها بعده خروجاً من خلاف السيّد ، وأمّا لو عكس ولبّى أوّلاً فالحكم باستحباب الاشعار بعد عقد الإحرام ممّا لا دليل عليه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) استحباب الآخر مع الابتداء بالتلبية لم يثبت .

(2) الكافي 4 : 296 / 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net