معنى الأعلم 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الاول:التقليد   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 9252


    ما يراد من الأعلم :

   (2) ليس المراد بالأعلمية في المقام أن يكون المجتهد أشد اقتداراً في القواعد والكبريات أعني المبادئ الّتي بها تستنتج الأحكام ، كما إذا كان المجتهد في المطالب الاُصولية أقوى من غيره ، ولا أن المراد بها أكثرية الاحاطة بالفروع والتضلع في الكلمات والأقوال ، كما إذا تمكن من الجواب عن أية مسألة ترد عليه ولو من الفروع الّتي لا يبتلى بها إلاّ نادراً ، أو لا يتحقق في الخارج أصلاً مع التطلع على أقوالها وموارد التعرض للمسألة في كلماتهم ، بل المراد بالأعلمية كون المجتهد أشد مهارة عن غيره في تطبيق الكبريات على صغرياتها ، وأقوى استنباطاً وأمتن استنتاجاً للأحكام عن مبادئها وأدلتها، وهو يتوقف على علمه بالقواعد والكبريات وحسن سليقته في تطبيقها على صغرياتها ، ولا يكفي أحدهما ما لم ينضم إليه الآخر .

   والوجه في هذا التفسير : أن حال الأعلم في علم الفقه حال الأعلم في بقية الحِرف والعلوم ، فكما أن الأعلم في الطب والهندسة والتجارة وغيرها هو الّذي يكون أعرف من غيره بتطبيق الكبريات على صغرياتها ، وأقوى استنباطاً لها عن قواعدها وهو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) العبرة في الصحة بمطابقة العمل للواقع ، والطريق إليها هو فتوى من يجب الرجوع إليه فعلاً .

ــ[168]ــ

موقوف على المعرفة بالكبريات وحسن السليقة في تطبيقها على مصاديقها ، ولا يكفي في الأعلمية مجرد كون الطبيب أقوى في الكبريات أو أكثر اطلاعاً على الأمثال والفروع . بل لا بدّ مضافاً إلى إحاطته بأقسام المرض وطرق معالجتها وأدويتها أن يكون أعرف بتطبيق كبرياتها على مصاديقها ، فكذلك الحال في المقام . فلا اعتبار فيما نحن فيه بأكثرية الاحاطة بالفروع والأقوال والكلمات لأنها غير راجعة إلى الأعرفية في التطبيق ، لوضوح أنها ليست إلاّ حفظ الفتاوى والفروع وأجنبية عن الاستنباط بالكلّية ، كما أن شدة الاقتدار العلمي بالكبريات غير راجعة إلى الأعرفية في الاستنباط ، فإن ربّ شخص له اليد الطولى في الاُصول ، إلاّ أنه ضعيف في التطبيق والاستنباط ، هذا .

   بل الأمر كما ذكرناه وإن فرضنا أن الأعلم بحسب الهيئة أعني هيئة أفعل يشمل الأقوائية في القواعد والكبريات أو الأكثرية من حيث الاحاطة بالفروع والكلمات وذلك لأن الحكم بوجوب تقليد الأعلم لم يرد في شيء من الأدلة اللفظية ليلاحظ أن الأعلم هل هو ظاهر لدى العرف فيما يشمل الأعلمية من حيث القواعد والكبريات أو الاحاطة بالفروع والأقوال أو غير ظاهر في ذلك ، وإنما الحكم بوجوب تقليده مستند إلى بناء العقلاء أو العقل من باب قاعدة الاشتغال على ما قدّمنا تفصيله ، ولا شبهة في أن الأعلم الّذي يجب تقليده لدى العقلاء أو العقل إنما هو بالمعنى الّذي ذكرناه أعني الأعرف بتطبيق الكبريات على مصاديقها ، لأن الطبيب الأعلم عندهم من يكون أعرف بتطبيق الكبريات الطبية على صغرياتها كما مرّ .

   وبما ذكرناه يظهر أن كثرة العلم بالمسائل والفروع بحيث يكون معلومه بحسب العدد أكثر من غيره ، غير راجعة إلى الأعلمية فإنها أمر خارج عن الأعرفية في التطبيق . مضافاً إلى أن العالمية والأعلمية إنما تلاحظان بالإضافة إلى شيء واحد فيقال : زيد عالم بمسألة كذا وعمرو أعلم بها منه . وأما إذا كان هناك شيئان يعلمهما أحد المجتهدين ولم يعلم الآخر إلاّ بأحدهما فلا يصح أن يقال : إن الأول أعلم من الآخر بل هما متساويان في العلم بأحدهما ، وفي الآخر أحدهما عالم والآخر لا علم له به أصلاً لا أن الأول أعلم .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net