التاسعة : اتجار الأب والجد بمال المولى عليه - العاشرة : إيصاء الأب والجد بالمضاربة بمال المولى عليه 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى-جزء1:المضاربةولمساقاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4589


   [ 3468 ] التاسعة : يجوز للأب والجد الاتّجار بمال المولى عليه بنحو المضاربة بإيقاع عقدها ، بل مع عدمه أيضاً (3) بأن يكون بمجرّد الإذن منهما((2)) (4) . وكذا

ــــــــــــــــــــــــ
   (3) بأن يتجر به ناوياً المضاربة وكون الربح بينهما ، وذلك لعموم ولايته ما دام إنّ الفعل في مصلحة المولى عليه .

   (4) لا يخفى ما في العبارة من المسامحة ، فإنّه لا معنى لإذن الإنسان لنفسه في الفعل الصادر منه، كما هو المفروض. ومن هنا فإمّا أن يحمل الإذن على القصد والنيّة ، بأن

ـــــــــــــ
(2) لعلّه (قدس سره) أراد به القصد والنيّة ، وإلاّ فهو من سهو القلم .

ــ[164]ــ

يجوز لهما المضاربة بماله مع الغير (1) على أن يكون الربح مشتركاً بينه وبين العامل . وكذا يجوز ذلك للوصي في مال الصغير ، مع ملاحظة الغبطة والمصلحة والأمن من هلاك المال .

   [ 3469 ] العاشرة : يجوز للأب والجد الإيصاء بالمضاربة بمال المولى عليه (2)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يقال إنّ مراده (قدس سره) إنما هو جواز ذلك إذا كان الولي ـ أباً كان أو جداً ـ قاصداً بتصرّفه هذا المضاربة ، وإلاّ فهو من سهو القلم لا محالة .

   (1) لعموم ولايتهما ، وعدم الفرق بين صدور الفعل عنهما بالمباشرة أو التسبيب ما دام أنه في مصلحة الصغير .

   (2) والذي يمكن أن يستدلّ به على هذا المدعى ، مع قطع النظر عن النص الخاص ، أحد أمرين :

   الأوّل : شمول دليل الولاية له ، بدعوى أنه غير مختص بتصرفاته في حياته وعمومه لما يكون متأخراً عن وفاته أيضاً .

   الثاني : إطلاقات أدلّة نفوذ الوصية ، ودعوى شمولها لوصيتهما بالاتجار بمال الصبي بعد موتهما ، فإنّ مقتضاها صحّة مثل هذه الوصية ونفوذها .

   والذي يظهر من الماتن (قدس سره) هنا وفي ذيل المسألة ، أن مستنده في ذلك إنما هو الأمر الثاني دون الأوّل ، إذ لا إطلاق ولا عموم يشمل تصرفاتهما بعد موتهما ، بل لهما التصرّف في مال الصغير ما داما على قيد الحياة ، وأما بعد موتهما فلا ولاية لهما عليه في شيء .

   ومما يشهد لذلك ـ أعني كون مستنده (قدس سره) في ذلك هو الأمر الثاني ـ أنه (قدس سره) لم يخصّ الحكم بالصغار ، بل عمّمه للكبار أيضاً ، مع الالتزام بثبوت الخيار لهم باعتبار أنّ المضاربة من العقود الجائزة ، والحال أنه لا ولاية لهما على الكبار جزماً .

   وكيف كان ، فما أفاده (قدس سره) لا يمكن المساعدة عليه بالنسبة إلى الصغار

ــ[165]ــ

بإيقاع الوصي عقدها لنفسه أو لغيره ، مع تعيين الحصّة من الربح أو إيكاله إليه . وكذا يجوز لهما الإيصاء بالمضاربة في حصّة القصير من تركتهما بأحد الوجهين (1) .

   كما أنه يجوز ذلك لكلّ منهما بالنسبة إلى الثلث المعزول لنفسه (2) بأن يتّجر الوصي به ، أو يدفعه إلى غيره مضاربة ، ويصرف حصّة الميت في المصارف المعيّنة للثلث .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضلاً عن الكبار ، إذ لا يوجد في أدلّة الوصية إطلاق يشمل الوصية التي لا ترجع إلى الميت وأمواله ، فإنها وبأجمعها واردة في الوصايا الراجعة إلى الميت نفسه وأمواله .

   ومن هنا فلا تنفذ إلاّ في الثلث مما يملك ، وأما الزائد عنه فهو وصيّة في مال الغير على ما دلّت عليه النصوص . ولذا لم يلتزم أحد بنفوذ الوصية بالحج مجاناً ، أو الوصية بالاتجار بما يصل إليه منه بالشيء المعيّن ، فإنه لا يلزمه شيء من ذلك إجماعاً ، وليس ذلك إلاّ لكونها وصية متعلقة بمال الغير .

   ومن هنا فلا مجال للالتزام بصحّة مثل هذه الوصية ونفوذها بالنسبة إلى الصغار فضلاً عن الكبار ، فإنها إذا لم تتم بالنسبة إليهم ، فعدم تماميتها في الكبار يكون بطريق أولى .

   هذا كله بالنسبة إلى ما تقتضيه القواعد الأوّلية ، ومع قطع النظر عن النصوص الخاصة . وأما مع الالتفات إليها ، فلا بأس بما التزم به (قدس سره) بالنسبة إلى الصغار خاصة ، على ما سيأتي بيانه عند تعرضه (قدس سره) للروايات .

   (1) الفرق بين هذه الصورة وسابقتها يكمن في أنّ متعلق الوصية في الاُولى هي أموال الصبي الموجودة حال الوصية ، في حين أن متعلقها في الثانية هو خصوص ما ينتقل إليه من الأب أو الجد بالإرث .

   وكيف كان ، فالحكم في الصورتين واحد .

   (2) بلا خلاف فيه . ويقتضيه ما عرفت من شمول أدلّة نفوذ الوصية له .

ــ[166]ــ

   بل وكذا يجوز((1)) الإيصاء منهما بالنسبة إلى حصّة الكبار أيضاً(1). ولا يضرّ كونه ضرراً عليهم من حيث تعطيل مالهم إلى مدّة ، لأنه منجبر (2) بكون الاختيار لهم في فسخ المضاربة وإجازتها ، كما أنّ الحال كذلك بالنسبة إلى ما بعد البلوغ في القصير فإنّ له أن يفسخ أو يجيز(3).

   وكذا يجوز لهما الإيصاء بالاتّجار بمال القصير على نحو المضاربة(4) بأن يكون هو الموصى به، لا إيقاع عقد المضاربة ، لكن إلى زمان البلوغ أو أقلّ. وأما إذا جعل المدّة أزيد ، فيحتاج إلى الإجازة بالنسبة إلى الزائد (5) .

   ودعوى عدم صحّة هذا النحو من الإيصاء ، لأنّ الصغير لا مال له حينه وإنما ينتقل إليه بعد الموت ، ولا دليل على صحّة الوصية العقدية في غير التمليك ، فلا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) فيه إشكال بل منع ، ينشأ مما تقدّم من كونه خلاف القواعد الأوّلية ، وعدم شمول الأدلّة الخاصة له ، على ما سيأتي بيانه .

   (2) في التعبير بالانجبار مسامحة واضحة ، والصحيح منع دعوى الضرر ، لكون العقد جائزاً وأمره بيد الوارث ، إن شاء أبقاه وإن شاء فسخه ، فلا يكون ضرراً عليه لا أنه ثابت ، غاية الأمر أنه منجبر بالخيار ، وإلاّ لكان مقتضاه هو الحكم بالبطلان لا  ثبوت الخيار ، فإنّ الحكم الضرري مرفوع ، والانجبار لا يوجب الحكم بالصحّة .

   (3) فإنّ ما صدر منهما إنما يصح ويلزم الصغير ما دامت الوصية نافذة والولاية ثابتة عليه . وحيث إنهما يرتفعان ببلوغه ، إذ لا وصاية حينئذ عليه ولا ولاية ، والعقد إذني محض ، فلا مجال لإلزامه به ، بل لا بدّ من إذنه فيه . فإن أجاز فهو ، وإلاّ فلا يجوز التصرّف في ماله .

   (4) لشمول التعليل المذكور في الرواية له .

   (5) لانتفاء الولاية عليه بعد البلوغ ، والعقد إذني ، فيحتاج إلى إذنه لا محالة ، كما تقدّم .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه إشكال بل منع .

ــ[167]ــ

يصحّ أن يكون إيجاب المضاربة على نحو ايجاب التمليك بعد الموت; مدفوعة بالمنع (1). مع أ نّه الظاهر من خبر خالد بن بكر الطويل(2) في قضية ابن أبي ليلى وموثق محمد بن مسلم(3) المذكورين في باب الوصيّة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لعموم النص له .

   (2) رواه محمد بن يعقوب ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عبدالرحمن بن الحجاج عن خالد بن بكير (بكر نسخة) الطويل ، قال : دعاني أبي حين حضرته الوفاة فقال : يا بنيّ ، اقبض مال إخوتك الصـغار واعمل به ، وخذ نصف الربح وأعطهم النصف وليس عليك ضمان . فقدّمتني اُمّ ولد أبي بعد وفاة أبي إلى ابن أبي ليلى ، فقالت : إنّ هذا يأكل أموال ولدي ، قال : فاقتصصت عليه ما أمرني به أبي ، فقال لي ابن أبي ليلى : إن كان أبوك أمرك بالباطل لم اُجزه ، ثمّ أَشهدَ عليَّ ابن أبي ليلى إن أنا حرّكته فأنا له ضامن . فدخلت على أبي عبدالله (عليه السلام) فقصصت عليه قصّتي ، ثمّ قلت له : ما ترى ؟ فقال: «أما قول ابن أبي ليلى فلا أستطيع ردّه ، وأما فيما بينك وبين الله عزّ وجلّ فليس عليك ضمان» (1) .

   وهو ـ مضافاً إلى ضعف سنده بخالد بن بكير (بكر) ـ وارد في الصغار ، فالتعدي عنهم إلى الكبار يحتاج إلى دليل ، وهو مفقود .

   (3) رواه محمد بن يعقوب ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن ، عن الحسن ابن علي بن يوسف ، عن مثنى بن الوليد ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه سئل عن رجل أوصى إلى رجل بولده وبمال لهم ، وأذن له عند الوصية أن يعمل بالمال وأن يكون الربح بينه وبينهم ، فقال : «لا بأس به من أجل أنّ أباهم قد أذن له في ذلك وهو حي» (2) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 19 كتاب الوصايا ، ب 92 ح 2 ، الكافي 7 : 61 .

(2) الوسائل ، ج 19 كتاب الوصايا ، ب 92 ح 1 .

ــ[168]ــ

   ثمّ إنّ في الفقيه علي بن الحسين الميثمي(1) بدلاً من علي بن الحسن على ما في الكافي والتهذيب(2) والوسائل ـ وهو ابن فضال الذي يروي عنه أحمد بن محمد ـ وهو من سهو قلمه الشريف أو غلط النساخ جزماً ، إذ لا وجود لعلي بن الحسين الميثمي لا في الروايات ولا في كتب الرجال .

   نعم ، روى (قدس سره) في بعض الموارد عن علي بن الحسن الميثمي ، إلاّ أنه غلط أيضاً والصحيح علي بن الحسن التيمي .

   وكيف كان ، فهو غير علي بن الحسين الميثمي .

   ثمّ إنّ صاحب الوسائل قد جعل المروي عنه لعلي بن الحسن هو الحسن بن علي ابن يونس ، وجعل كلمة يوسف نسخة بدل ليونس .

   وهو من الغلط جزماً ، فإنّ الحسن بن علي بن يونس لا وجود له في الروايات وكتب الرجال أيضاً ، فالصحيح هو الحسن بن علي بن يوسف ـ على ما في الكافي والفقيه والتهذيب ـ وهو ابن بقاح الثقة .

   وكيف كان ، فالرواية معتبرة من حيث السند . وأما من حيث الدلالة فهي واضحة الدلالة ، ومقتضى إطلاق كلمة (المال) فيها عدم الفرق بين ما كان يملكه الصغير حين الوصية وما يملكه بعد ذلك ، كما أن مقتضى التعليل عدم الفرق بين الوصية بالمضاربة والوصية بالاتجار . فإنه على جميع هذه التقادير تنفذ الوصية وتلزم الصبي ما دام هو كذلك ، وأما إذا بلغ فهو بالخيار بين إبقائه ورفعه .

   هذا كله بالنسبة إلى الصغير . وأما بالنسبة إلى الكبير ، فحيث لم يرد نص فيه ، فلا موجب للالتزام بصحّة الوصية بالنسبة إليه .

   نعم ، قد عرفت أنّ الماتن (قدس سره) إنما يستند في ذلك إلى أدلّة نفوذ الوصية لكنك قد عرفت ما في العبارة والمطلب معاً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الفقيه 4 : 169 / 590 .

(2) الكافي 7 : 62 ، التهذيب 9 : 236 / 921 .

ــ[169]ــ

   وأمّا بالنسبة إلى الكبار من الورثة ، فلا يجوز بهذا النحو (1) لوجوب العمل بالوصيّة ـ وهو الاتّجار ـ  فيكون ضرراً عليهم (2) من حيث تعطيل حقّهم من الإرث وإن كان لهم حصّتهم من الربح ، خصوصاً إذا جعل حصّتهم أقل من التعارف .
ــــــــــــــــــــــ

   (1) ما أفاده (قدس سره) في جانب الكبار من التفصيل ، بين كون متعلق الوصية هو عقد المضاربة وبين كونه الاتجار ، تامّ ومتين على تقدير شمول أدلّة الوصية للمقام فإنه حينئذ لا محيص عن الالتزام بهذا التفصيل ، إلاّ أنك قد عرفت منه أصل المبنى فإنّ أدلّة نفوذ الوصية قاصرة الشمول لمثله .

   (2) حيث لا يكون لهم حق الفسخ ، نظراً لعدم وجود عقد في البين ، فإنّ الوصية إنما تعلقت بالعمل وهو الاتجار ، فإذا قلنا بوجوبه عليهم كان ضررياً لا محالة .

   ومن هنا يظهر الفرق بين المقام وصورة تعلق الوصية بالمضاربة . فإنّ الثانية ـ عقد المضاربة ـ قابلة للرفع حتى بناءً على القول بنفوذ الوصية ، بخلاف الاُولى .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net