خراج الأرض على صاحبها - من عليله المؤن - جواز الخرص بمقدار من الحاصل 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى-جزء1:المضاربةولمساقاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3985


ــ[293]ــ

   [ 3511 ] مسألة 19 : خراج الأرض على صاحبها (1) . وكذا مال الإجارة إذا كانت مستأجرة (2) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   والحاصل أنه يختلف الحال في المسألة ، بين كون مالك المغصوب طرفاً مستقلاً للعقد فتصحّ منه الإجازة ، وعدمه فلا تصحّ .

   ثمّ إنّ الماتن (قدس سره) لم يتعرّض لاُجرة الأرض واُجرة العمل بالنسبة إلى المتعاملين عند عدم إمضاء مالك البذر للعقد . والحق في المقام أن يقال : إنّ الغصب قد يكون منهما معاً ، بحيث يتفقان على غصب البذر من ثالث على أن ينثر في أرض أحدهما ويعمل فيه الآخر ليشتركا في الحاصل . ففيه لا شيء لأحدهما على صاحبه إطلاقاً ، فإنّ كلاً منهما انما أقدم على بذل ما عليه مجاناً ومن غير عوض بإزاء اقتسامهما لمال الغير ، أعني الحاصل التابع في الملكيّة للبذر ، فلم يضمن أحدهما لصاحبه شيئاً في ضمن العقد كي يكون لصاحبه الرجوع عليه .

   وإن كان الغصب من أحدهما خاصة ، فإن كان هو مالك الأرض بأن غصب البذر من غيره وسلّمه إلى العامل ليزرعه في أرضه بإزاء النصيب المفروض ، فعليه للعامل اُجرة مثل عمله ، حيث إنه لم يصدر منه مجاناً وإنما وقع عن أمره بإزاء الحصّة المعيّنة وحيث إنها لم تسلم له لفساد العقد وأخذ المالك للنتاج، ينتقل إلى اُجرة المثل لا محالة .

   وليس للعامل الرجوع على مالك البذر باُجرة مثل عمله ، ولا لمالك الأرض الرجوع عليه باُجرة مثل أرضه ، حيث لم يكن شيء من العمل عن أمره .

   وإن كان هو العامل ، بأن غصب البذر وزارع مالك الأرض على الحصّة المعيّـنة كان لمالك الأرض تغريمه باُجرة مثل أرضه ، حيث إنّه لم يقدم على استيفاء منفعتها مجاناً وبلا عوض ، فتكون مضمونة عليه لا محالة .

   (1) بلا خلاف فيه ، لأنه موضوع على الأرض ، وجواز التصرّف فيها وإمكانه خارجاً متوقِّف على أدائه .

   وبالجملة فالمسألة إجماعيّة ، وتدلّ عليها النصوص صريحاً ، على ما سيأتي .

   (2) فإنّ العامل أجنبي عنه بالمرة ، وعلى باذلها تسليم الأرض للعامل خالية عن

ــ[294]ــ

وكذا ما يصرف في إثبات اليد عند أخذها من السلطان (1) وما يؤخذ لتركها في يده(2) . ولو شرط كونها على العامل ـ بعضاً أو كلاًّ ـ صحّ (3) وإن كانت ربّما تزاد وربّما تنقص ، على الأقوى ، فلا يضرّ مثل هذه الجهالة ، للأخبار(4) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جميع ما يترتّب عليها ويمنع العامل من مزاولة العمل .

   (1) لعين ما تقدّم .

   (2) إذ لا فرق فيما ذكرناه ، من لزوم تسليمها خالية عن جميع ما يترتب عليها ، بين الحدوث والبقاء .

   (3) لما عرفته في صدر الكتاب من صحة الاشتراط في عقد المزارعة ، حتى ولو كان ذلك مقداراً من الذّهب أو الفضّة .

   وهذا كله مضافاً إلى دلالة النصوص ، على ما ستعرفها في التعليقة الآتية .

   (4) ففي صحيحة داود بن سرحان عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، في الرجل تكون له الأرض عليها خراج معلوم وربّما زاد وربّما نقص ، فيدفعها إلى الرجل على أن يكفيه خراجها ويعطيه مائتي درهم في السنة ، قال : «لا بأس» (1) .

   ومثلها صحيحة يعقوب بن شعيب (2) .

   ومورد هاتين الصحيحتين وإن كان الإجارة ، إلاّ أن ثبوت الحكم فيها ، مع كونها مبنية على تعيين العوضين الاُجرة والمنفعة ، يقتضي ثبوته في المزارعة المبنيّة على الجهالة في الجملة .

   وأوضح منها صحيحة يعقوب بن شعيب الاُخرى عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل تكون له الأرض من أرض الخراج، فيدفعها إلى الرجل على أن يعمرها ويصلحها ويؤدّي خراجها، وما كان من فضل فهو بينهما، قال: «لا بأس»(3) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 19 كتاب المزارعة والمساقاة ، ب 17 ح 1 .

(2) الوسائل ، ج 19 كتاب المزارعة والمساقاة ، ب 17 ح 1 .

(3) الوسائل ، ج 19 كتاب المزارعة والمساقاة ، ب 10 ح 2 .

ــ[295]ــ

   وأمّا سائر المؤن ـ كشقّ الأنهار ، وحفر الآبار ، وآلات السقي ، وإصلاح النهر وتنقيته ، ونصب الأبواب مع الحاجة إليها والدولاب ، ونحو ذلك مما يتكرّر كل سنة أو لا يتكرّر ـ  فلا بدّ من تعيين كونها على المالك أو العامل (1) إلاّ إذا  كان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   فإنّ مقتضى إطلاقها عدم الفرق بين كون الخراج ـ  الذي اشترط عليه أداءه  ـ معلوماً مضبوطاً ، وكونه ربما يزيد أو ينقص ، ولعله يكون هو المتعارف خارجاً ، على ما يستفاد من الصحيحتين الاُوليين .

   هذا ومع قطع النظر عن النصوص ، يدلّنا عليه اختصاص اعتبار عدم الغرر بالبيع فقط ، إذ لا دليل على اعتباره في سواه ، لا سيما في الشروط ، إذا لم يسر الغرر منه إلى المشروط .

   بل حتى ولو قلنا باعتبار عدمه فيها أيضاً ، فإنّ الجهالة في مثل هذه الاُمور التي لها ضابط خارجي معين ، لا يعدّ غرراً عرفاً . فإنّ استئجار الدار بشرط أن تكون الضريبة على المستأجر ، لا يعدّ معاملة غررية لمضبوطية مقدارها وإن لم يعلمه المتعاملان بالفعل ، فإنّ الزيادة والنقيصة في هذه الموارد مغتفرة ، ولا تبلغ عادة حدّ الغرر .

   (1) خلافاً للشرائع ، حيث جعلها على العامل مع عدم الاشتراط (1) وتبعه عليه غيره (2) . بدعوى أنه لما كان العمل واجباً عليه ، وجب عليه تحصيلها مقدمة لأداء الواجب عليه .

   وفيه : ما عرفته في كتاب الإجارة ، من أنّ كيفية وجوب العمل ونحوه من حيث الإطلاق والاشتراط تابع للجعل والقرار ، فليس هناك وجوب مطلق ابتداءً وبحسب جعل الشارع المقدس في المقام خارجاً عن اتفاق المتعاملين ، بل الأمر بيدهما من هده الجهة تماماً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شرائع الإسلام 2 : 175 .

(2) المسالك 5 : 24 .

ــ[296]ــ

هناك عادة ينصرف الإطلاق إليها (1) .

   وأمّا ما يأخذه المأمورون من الزارع ظلماً من غير الخراج ، فليس على المالك (2) وإن كان أخذهم ذلك من جهة الأرض .

   [ 3512 ] مسألة 20 : يجوز لكلّ من المالك والزارع أن يخرص على الآخر (3) بعد إدراك الحاصل بمقدار(4) منه ، بشرط القبول والرِّضا من الآخر(5) لجملة من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   فقد يجعل وجوب العمل على الزارع على نحو يقتضي قيامه بمقدماته أيضاً ، فيكون من قبيل الواجب المطلق . وقد يجعل على نحو لا يقتضي إلاّ قيامه بالعمل في المواد المستحضرة من قبل المالك ، كما هو المتعارف في البناء ، حيث لا يجب على العامل إلاّ العمل في المواد التي يحضرها المالك ، فيكون من قبيل الواجب المشروط .

   ومن هنا فلا يمكن إعطاء ضابط كلّي لمن يكون عليه تهيئة المقدمات خارجاً عن قرار المتعاقدين واتفاقهما ، فيجب عليهما التعيين ، وإلاّ بطل العقد .

   (1) حيث يكون الاعتماد عليها في مقام الاتفاق والعقد نوعاً من التعيين ، فيغني عن الذكر صريحاً .

   (2) إذ لا يجب عليه تدارك ما ورد على العامل من ظلم وضرر ، فإنه أجنببي عنه بالمرة .

   نعم ، لو أخذ الغاصب من عين الحاصل حسب عليهما معاً ، لأنه ضرر توجه عليهما ، ومن غير اختصاص لأحدهما به دون صاحبه .

   (3) بلا خلاف فيه بين الأصحاب ، إلاّ من ابن إدريس حيث منع منه (1) لبعض الوجوه الآتية .

   (4) لكونه من العقود .

   (5) على ما سيأتي بيان الوجه فيه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) السرائر  2 : 450 .

ــ[297]ــ

الأخبار(1) هنا وفي الثمار، فلا يختصّ ذلك بالمزارعة والمساقاة(2) بل مقتضى الأخبار جوازه في كل زرع مشترك أو ثمر مشترك (3) . والأقوى لزومه بعد القبول (4) وإن تبيّن بعد ذلك زيادته أو نقيصته ، لبعض تلك الأخبار ، مضافاً إلى العمومات العامّة . خلافاً لجماعة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) كصحيحة يعقوب بن شعيب ـ في حديث ـ  قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجلين يكون بينهما النخل فيقول أحدهما لصاحبه : اختر ، إما ان تأخذ هذا النخل بكذا وكذا كيلاً مسمى ، وتعطيني نصف هذا الكيل إما زاد أو نقص ، وإما أن آخذ أنا بذلك ، قال : «نعم ، لا بأس به» (1) .

   (2) على ما يظهر ذلك من صحيحة يعقوب بن شعيب المتقدِّمة ، حيث لم يفرض فيها كون ذلك في المزارعة أو المساقاة ، أو حصل الاشتراك نتيجة لإرث أو شراء أو غيرهما .

   هذا ولو تنزلنا عن دلالة النصوص ، فيكفينا في الإثبات كون الحكم على القاعدة فإنّ أمر المال المشترك بينهما لأيّ سبب كان لا يعدوهما بل هو بيدهما ، فلهما أن يقسماه بالتراضي كيف شاءا  .

   (3) لما تقدّم  .

   (4) كما هو الحال في سائر موارد القسمة ، كتقسيم الإرث بالتراضي ، فإنه يمنع من الرجوع ومطالبة الشركة ، فإنّ المال وبالتقسيم قد خرج من الاشتراك إلى الاختصاص ، ومعه فلا يجوز لهما الرجوع ، لأصالة اللّزوم في كل عقد بمقتضى وجوب الوفاء بالعقد ، ودليل صحته ، فإنّ إطلاقه ـ على ما عرفته غير مرّة ـ يقتضي اللّزوم وعدم جواز الفسخ لكل من المتعاقدين .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 18 كتاب التجارة ، أبواب بيع الثمار ، ب 10 ح 1 .

ــ[298]ــ

   والظاهر أنه معاملة مستقلّة (1) وليست بيعاً (2) ولا صلحاً معاوضياً (3) . فلا يجري فيها إشكال اتحاد العوض والمعوض(4) ولا إشكال النهي عن المحاقلة والمزابنة (5) ولا إشكال الرِّبا (6) ولو بناءً على ما هو الأقوى من عدم اختصاص حرمته بالبيع وجريانه في مطلق المعاوضات ، مع أن حاصل الزرع والشجر قبل الحصاد والجذاذ ليس من المكيل والموزون (7) .

   ومع الإغماض عن ذلك كلّه يكفي في صحتها الأخبار الخاصة . فهو نوع من المعاملة عقلائية ثبت بالنصوص ، واتسمّ بالتقبّل . وحصر المعاملات في المعهودات ممنوع (8) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لأنها إنما تتضمن إخراج المال من الإشاعة والاشـتراك إلى الإفراز والاختصاص .

   (2) كما يشهد له الفهم العرفي .

   (3) نعم ، الصلح بمعناه اللغوي صادق عليه ، فإنه أيضاً متضمن للتسالم والاتفاق إلاّ أنه غير مختص به ، فإنه وبهذا المعنى صادق على جميع المعاملات .

   (4) فإنه لا بيع في المقام كي يستلزم اتحاد العوض والمعوض .

   وعلى تقدير تحقق البيع فلا استلزم ، إذ العوض إنما هو من حصّة أحدهما والمعوض من حصّة الآخر ، فكل منهما يتنازل لصاحبه عن حصّته المشاعة في جزء معين من المال ، بإزاء تنازل صاحبه له عن حصّته المشاعة في الجزء الآخر .

   (5) فإنهما من بيع الثمر من النخيل أو السنبل من الحنطة بالحاصل من ذلك النخل والزرع ، وأين هما مما نحن فيه من إخراج المال المشترك بينهما من الاشتراك إلى الإفراز والاختصاص ؟ .

   (6) لاختصاصه بالمعاوضات والمقام ليس منها ، كما عرفت .

   (7) وحرمة الربا مختصة بهما .

   (8) على ما تقدّم منا بيانه في مباحث المكاسب ، كالمبادلات المالية . فإنّ تبديل

ــ[299]ــ

   نعم، يمكن أن يقال : إنها في المعنى راجعة إلى الصلح الغير المعاوضي . فكأنهما يتسالمان على أن تكون حصّة أحدهما من المال المشترك كذا مقداراً والبقية للآخر ، شبه القسمة أو نوع منها . وعلى ذلك يصحّ إيقاعها بعنوان الصلح على الوجه المذكور ، مع قطع النظر عن الأخبار أيضاً ، على الأقوى من اغتفار هذا المقدار من الجهالة فيه إذا ارتفع الغرر بالخرص المفروض ، وعلى هذا لا يكون من التقبيل والتقبل .

   ثمّ إنّ المعاملة المذكورة لا تحتاج إلى صيغة مخصوصة ، بل يكفي كلّ لفظ دالّ على التقبل ، بل الأقوى عدم الحاجة إلى الصيغة أصلاً ، فيكفي فيها مجرّد التراضي((1)) (1) كما هو ظاهر الأخبار .

   والظاهر اشتراط كون الخرص بعد بلوغ الحاصل وإدراكه (2) فلا يجوز قبل ذلك . والقدر المتيقن من الأخـبار كون المقـدار المخروص عليه من حاصل ذلك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

العباءة بالكتاب مثلاً ، معاملة عقلائية وليست هي من البيع ، حيث لا يختص فيها نظر أحدهما إلى المالية والآخر إلى الخصوصية ، كي يعتبر الأوّل بائعاً والآخر مشترياً فإنّ نسبتها إليهما على حدّ سواء .

   (1) مع وجود مبرز له في الخارج ، كي يتمّ معنى الإنشاء والعقد ، على ما بيّناه في محلّه من الاُصول .

   (2) لا لكونه مورد النصوص ، إذ قد عرفت أنّ الحكم على القاعدة ولا حاجة فيه إلى النص ، وإنما لاقتضاء القاعدة ذلك ، فإنّ صحة تقسيم المعدوم تحتاج إلى الدليل لأنه إنما يتعلق بأمر موجود بالفعل ، فلا أثر للتقسيم قبل تحقق العنوان ، وصدق كونه حنطة أو شعيراً أو غيرهما بلحاظ حال التحقق .

   نعم ، لو فرضنا إرادتهما تقسيم الزرع الموجود بالفعل ، بناءً على ما اخترناه من كون مبدأ الشركة بينهما هو زمان تحقّق الزرع ، فلهما ذلك ، وتكون صحة القسمة على

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) إذا كان له مبرز في الخارج .

ــ[300]ــ

الزّرع (1) فلا يصحّ الخرص وجعل المقدار في الذمة من جنس ذلك الحاصل . نعم لو أوقع المعاملة بعنوان الصلح ، على الوجه الذي ذكرنا ، لا مانع من ذلك فيه (2) لكنه كما عرفت خارج عن هذه المعاملة .

   ثمّ إنّ المشهور بينهم أنّ قرار هذه المعاملة مشروط بسلامة الحاصل ، فلو تلف بآفة سماوية أو أرضية كان عليهما . ولعله لأنّ تعيين الحصّة في المقدار المعين ليس من باب الكلي في المعين ، بل هي باقية على إشاعتها ((1)) (3) غاية الأمر تعيينها في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القاعدة ، إلاّ أنه ليس من قسمة الحنطة والشعير على ما هو محل الكلام .

   (1) لأن التقسيم ـ على ما ذكرنا ـ إخراج للمال عن الإشاعة والاشتراك إلى الإفراز والاختصاص ، وهو غير صادق مع كون البدل أمراً ثابتاً في الذمة ، فإنه من المبادلة لا محالة ، فيدخل في عنوان البيع أو الصلح .

   (2) إذ ليس هناك ما يوجب البطلان إلاّ محذور الرِّبا . ويدفعه عدم كون الحنطة والشعير قبل الجذاذ من المكيل أو الموزون ، والرِّبا مختص بهما .

   نعم، لو كانت هذه المعاملة بعد الجذاذ والحصاد لم تصح، لاستلزامها الربا على تقدير عدم التساوي، إلاّ أن هذا الفرض خارج عن محل كلامه (قدس سره) .

   (3) وفيه : أنه لا مجال لتصور الإشاعة مع فرض التعيين ، فإنهما لا يجتمعان إطلاقاً ، إذ الاشاعة تعني اشتراكهما في كل جزء ، وهو ينافي التعيين الذي يعني اختصاص كل منهما بشيء خاص .

   إذن فليس المقام إلاّ من قبيل الكلّي في المعين ، فإنّ شخص المال بأجمعه لمالك البذر ولصاحبه المقدار المعين على نحو الكلي في ضمنه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا معنى للإشاعة مع تعيين المقدار ، ولكنّه مع ذلك يحسب التلف عليهما على أساس أنّ المقدار المعيّن إنّما لوحظ بالإضافة إلى مجموع الحاصل ، فكلّما نقص عن الحاصل بآفة سماوية أو أرضية نقص عن ذلك المقدار بالنسبة ، ولعلّ الماتن (قدس سره) أراد بالإشاعة هذا المعنى .

 
 

ــ[301]ــ

مقدار معيّن . مع احتمال أن يكون ذلك من الشرط الضمني بينهما . والظاهر أن المراد من الآفة الأرضية ما كان من غير الإنسان ، ولا يبعد (1) لحوق إتلاف متلف من الإنسان أيضاً به .

   وهل يجوز خرص ثالث حصّة أحدهما أو كليهما في مقدار ؟ وجهان ، أقواهما العدم (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   إلاّ أن هذا لا يعني مخالفتنا للمشهور فيما ذهبوا إليه ، فإنه هو الصحيح في المقام حتى بناءً على ما اخترناه . وذلك لأنّ الملحوظ في تعيين المقدار إنما هو نسبته إلى المجموع ، فحينما يخرص الناتج بمائة رطل ويجعل لأحد الطرفين خمسين رطلاً فإنما يعني ذلك جعل النصف له ، وهكذا في باقي المقادير . فإنه إنما يدفع له المقدار المعين بلحاظ كون المجموع كذا مقداراً وبالقياس إليه ، فالمقدار إنما يلحظ كمشير للنسبة لا  غير .

   ومن هنا يكون التالف محسوباً عليهما ، حيث إنه يؤثر على المقدار العائد إليه لا  محالة ، نتيجة لنقصان ما تخرج منه النسبة .

   ولعل مراده (قدس سره) من الإشاعة من المقام هذا المعنى ، وإلاّ فالتعيين يتلاءم معها .

   ثمّ إنّ مما ذكرنا يظهر أنه لا فرق في التلف بين كونه بآفة سماوية أو أرضية ، فإنّ الحكم في الجميع واحد ، لوحدة الملاك ، أعني كون الملحوظ في الحقيقة هي النسبة فإنه يوجب اشتراكهما في تحمل التالف .

   (1) ظهر وجهه مما تقدّم .

   (2) لم يظهر لنا وجهه بعدما تقدّم منه (قدس سره) ومنّا ، من كون صحة هذه المعاملة على القاعدة لكونها معاملة عقلائية ، فلا تحتاج إلى الدليل الخاص ، وإن لم تكن من المعاملات المعهودة .

   فإنه وبناءً على هذا ، لا وجه لتخصيص الجواز بما إذا كان الخارص أحد الشريكين ، فإنه ثابت حتى ولو كان الخـارص شخصاً ثالثاً ، كما لو كان من أهل




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net