لو اختلفا في كون البذر ونحوه على أ يّهما - لو اختلفا في الاعارة والمزارعة 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى-جزء1:المضاربةولمساقاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3868


ــ[305]ــ

   [ 3516 ] مسألة 24 : لو اختلفا في اشتراط كون البذر أو العمل أو العوامل على أ يّهما ، فالمرجع التحالف (1) . ومع حلفهما أو نكولهما تنفسخ المعاملة (2) .

   [ 3517 ] مسألة 25 : لو اختلفا في الإعارة والمزارعة ، فادّعى الزارع أنّ المالك أعطاه الأرض عارية للزراعة ، والمالك ادّعى المزارعة ، فالمرجع التحالف أيضاً. ومع حلفهما أو نكولهما تثبت اُجرة المثل للأرض. فإن كان بعد البلوغ فلا إشكال((1)) (3) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يقوله مدّعياً وصاحبه الذي لا يطالب به منكراً ، من غير نظر لمصبّ الدعوى . فمن يلزم بالإثبات هو المدّعي وعليه البيّنة ، بأي صيغة كان التعبير وإظهار الدعوى .

   وعليه ففي المقام حيث يكون مدّعي الزيادة ملزماً بالإثبات لدى العرف ، لأنه يدّعي على صاحبه جواز تصرّفه في المدة الزائدة في مال المالك ، أو استحقاقه للعمل على العامل فيها ، أو ملكيّته لبعض أمواله ، فهو المدّعي ويلزم بالإثبات عرفاً من دون أن يكون على صاحبه شيء ، فإنه لا يلزم عرفاً بإثبات العدم .

   ومن هنا يتضح أنه لا وجه لاعتبار المقام من موارد التداعي والقول بالتحالف فيه .

   (1) لأنّ كلاً منهما يدّعي على صاحبه شيئاً ويلزمه به وهو ينكره ، فيكون كلّ منهما ملزماً بالإثبات لدى العرف ، وهو ضابط التداعي .

   (2) لعدم إمكان تحقق المزارعة بدون ذلك ، وعدم إمكان إلزام كلّ منهما به ظاهراً . وعليه فيكون العقد كأن لم يكن ، نظراً لما تقدّم في البيع من أنّ اختلاف المتعاقدين في المبيع يوجب الحكم بفساده ظاهراً .

   (3) الظاهر أنه لا وجه لعدّ هذه الصورة من باب التداعي ، ثمّ القول بالتحالف فيها . وذلك لما تقدّم منّا غير مرّة من أنّ الملاك في اعتبار مورد من التداعي ، إنما هو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الظاهر انّه لا وجه للتحالف في هذه الصورة لأنّ الزارع لا يدّعي على المالك شيئاً . وأمّا المالك فهو يدّعي الاشتراك في الحاصل فعليه الإثبات .

ــ[306]ــ

بإلزام كل من طرفي النزاع لصاحبه بشيء وإنكاره لما يدّعيه الآخر . فإنّ هذا الملاك إذا تحقق في مورد ، كان ذلك المورد من التداعي وثبت فيه التحالف ، وإلاّ فهو أجنبي عنه .

   وعليه ففيما نحن فيه ، فحيث إنّ الالزام يختص بطرف واحد خاصة وهو المالك حيث يلزم العامل وبحسب دعواه للمزارعة بدفع الحصّة من النتاج له ، دون العكس فإنّ العامل وبحسب دعواه للعارية لا يلزم المالك بشيء إطلاقاً ، غاية الأمر أنه ينكر عليه ما يدعيه خاصة ، فالمورد خارج عن باب التداعي وداخل في باب المدّعي والمنكر ، فعلى المدّعي الإثبات وعلى المنكر اليمين .

   ومجرّد كون كل منهما يدّعي أمراً وجودياً ، لا يجعل المقام من التداعي .

   والحاصل أنّ الإلزام في المقام لما كان يختص بطرف واحد فقط ، لم يكن وجه لجعله من مصاديق التداعي ، ومن ثمّ إثبات اليمين على الطرفين فيه . فإنه من مصاديق المدّعي والمنكر ، ولا بدّ فيه من الرجوع إلى القواعد المذكورة له في باب القضاء ومقتضاها أنّ المدّعي إذا تمكن من إثبات دعواه بالبيّنة أو اليمين المردودة فهو ، وإلاّ فالنتاج بأجمعه للمنكر .

   وأما مسألة ثبوت اُجرة مثل الأرض على العامل للمالك ، لكونه قد تصرف فيها واستوفى منفعتها ، فقد تعرض لها (قدس سره) في كتاب الإجارة في مسألة ما إذا ادّعى الساكن للدار العارية وادّعى المالك الإجارة . وقد عرفت أنه لا موجب لها بالمرّة ، لأن ضمان المنافع إنما يثبت بالعقد والالتزام ، أو بوضع اليد والتصرّف في مال الغير بغير إذنه .

   ولا شيء منها موجود في المقام ، أما الأوّل ، فلعدم ثبوته كما هو المفروض . وأما الثاني ، فلإحراز عدمه ، لكون تصرّفه ـ العامل ـ في المال بإذن المالك جزماً ، وإن تردد كونه في ضمن المزارعة أو العارية .

   وقد تعرّضنا لتحقيق المسألة مفصّلاً في كتاب الإجارة ، فراجع .

   بل في المقام خصوصية زائدة تقتضي ثبوت اُجرة المثل حتى ولو قلنا بثبوتها في

ــ[307]ــ

وإن كان في الأثناء ، فالظاهر جواز الرجوع للمالك (1) . وفي وجوب إبقاء الزرع إلى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الإجارة ، وهي اعتراف مالك الأرض بعدم ثبوتها . فإن هذه الخصوصية موجودة في المقام ومفقودة في باب التنازع في الإجارة ، إذ هناك يطالب المالك الساكن بالاُجرة غاية الأمر أنه يراها المقدار الذي يدّعيه ، فإذا لم يثبت ما يدعيه فللقول بثبوت اُجرة المثل وجه وإن لم نكن نرتضيه . في حين إنه في المقام يعترف بعدم استحقاقه لها بالمرّة لأنه إنما يدّعي عليه الحصّة من الحاصل خاصّة . ومن هنا فلا وجه لثبوتها ، حتى مع القول بها في الإجارة .

   نعم ، قد يكون ادعاؤه للحصة غير مستلزم لاعترافه بعدم استحقاقه الحصّة المعينة ، كما لو ادّعى المالك علم العامل بالحال ، بحيث يكون إنكاره ناشئاً عن الجحود وغصبه لحصته لا الخطأ والنسيان. فإنّ ادعاءه للمزارعة حينئذ لا يلازم اعترافه بعدم استحقاقه لها ، فإنّ له أخذها لكن لا بعنوانها وبما هي اُجرة مثل أرضه ، وإنما بعنوان التقاص واستيفاء حصّته المغصوبة .

   والحاصل أنّ سبب الضمان منحصر في أمرين : العقد والتصرّف ، وكلاهما مفقود في المقام . فإنّ التصرّف إنما كان عن إذن المالك قطعاً ، والعقد لم يثبت وإن ادّعاه المالك .

   إذن فالصحيح في هذه الصورة هو الحكم باختصاص الزارع بالحاصل ، ومن دون أن يكون عليه شيء لمالك الأرض مطلقاً ، ما لم يثبت المالك مدعاه بالبينة أو اليمين المردودة .

   (1) لأنّ المقام من التداعي، حيث إنّ كلاً منهما يلزم صاحبه بشيء وهو ينكره. فالمالك بدعواه المزارعة يلزم العامل بالعمل في البذور والأرض، كي يحصل الناتج ويكون مشتركاً بينهما . فيما يلزمه العامل بدعواه العارية بإبقاء زرعه في أرضه، وعدم مزاحمته في هذه الجهة حتى تحقق الحاصل، باعتبار أنه ليس للمالك الرجوع في عاريته في أثناء العمل ، لاستلزامه تضرر العامل .

   وبذلك يتحقق ضابط باب التداعي ، ومن ثمّ فيثبت التحالف . فإن حلفا أو نكلا معاً ، انفسخ العقد وكان كأن لم يكن .

   هذا كلّه بناءً على ما اخترناه من لزوم العارية في المقام ، على ما أوضحناه في

ــ[308]ــ

البلوغ عليه مع الاُجرة إذا أراد الزارع ، وعدمه وجواز أمره بالإزالة، وجهان (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المسألة الرابعة . وأما بناءً على ما ذهب إليه الماتن (قدس سره) من جواز رجوع المالك في الأرض المستعارة للمزارعة ، فلا وجه لاعتبار هذه الصـورة من التداعي فإنّ الادّعاء والإلزام حينئذ إنما يختص بطرف واحد هو المالك ، حيث يلزم العامل بالحصة من الحاصل ، وأما العامل فلا يلزمه بشيء على الإطلاق . ومن هنا فيكون المقام من المدّعي والمنكر .

   نعم ، بناءً على وجوب إبقاء المالك للزرع في هذه الصورة حتى البلوغ عند طلب الزارع ذلك ـ على ما سيأتي التعرض إليه في الفرع القادم ـ فالمقام من التداعي أيضاً حيث إنّ الإلزام لا يختصّ بالمالك ، بل العامل أيضاً يلزمه بالإبقاء بالاُجرة .

   والحاصل أنّ اعتبار المقام من التداعي ثمّ إثبات التحالف فيه ، يتوقّف إمّا على القول بلزوم العارية هنا ، أو القول بلزوم إبقاء الزرع مع الاُجرة عند طلب الزارع . وإلاّ فالمقام من موارد المدّعي والمنكر ، حيث يختصّ الإلزام بطرف واحد ، هو المالك فقط .

   (1) من «سلطنة الناس على أموالهم» بعد عدم ثبوت دعوى العامل ، فلا يجب عليه الصبر إلى البلوغ حتى مع الاُجرة . ومن دليل «لا ضرر» حيث يستلزم قلعه الضرر على العامل ، باعتبار أنّ الزرع حينئذ إنما يباع بقيمة العلف خاصّة .

   والصحيح هو الأوّل . والوجه فيه ما ذكرناه في غير مورد ، من أنّ دليل لا ضرر لما كان وارداً مورد الامتنان على العباد والرأفة على الاُمة ، لا يعمّ موارد استلزام رفع الحكم عن أحد تضرر غيره ، كما فيما نحن فيه . فإنّ شموله للمقام ، يستلزم تضرر المالك بقطع سلطنته على ماله ، وهو خلاف الامتنان . نظير ذلك إذا ما وقع مقدار من الحب المملوك لأحد في أرض غيره ، بفعل الريح أو الصبي أو المجنون ، أفهل يحتمل فيه أن يقال بأنّ لمالك البذر إلزام مالك الأرض بإبقاء الزرع في أرضه بالاُجرة ، باعتبار أنّ قلعه مستلزم لتضرره ! فإنه مما لا نظن أن يقول به فقيه .

ــ[309]ــ

وإن كان النزاع قبل نثر الحبّ ، فالظاهر الانفساخ بعد حلفهما أو نكولهما (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــ

   والحاصل أنّ العقد لما فرض في حكم العدم نتيجة للتحالف ، لم يكن وجه لإلزام مالك الأرض بإبقاء الزرع في أرضه بإزاء الاُجرة ، فإنّه مناف لسلطنته ، ودليل لا  ضرر لا يشمل مثله .

   هذا كله بالنسبة إلى اُجرة الأرض بالقياس إلى زمن ما بعد التحالف. وأما بالقياس إلى الفترة الماضية قبل التنازع فلم يتعرض لها (قدس سره)، والظاهر أنّ حكمها حكم صورة التنازع بعد البلوغ وإدراك الحاصل ، فبناءً على ما اختاره (قدس سره) لا بدّ في المقام من القول بثبوتها أيضاً ، وبناءً على ما اخترناه فلا .

   (1) يظهر حكم هذه الصورة ممّا ذكرناه في الصورة الاُولى ، أعني التنازع بعد بلوغ الحاصل وإدراكه ، فإنّ الحكم هنا أوضح منه هناك . إذ لا وجه لعدِّ المقام من باب التداعي ، فإنّ العامل لا يلزم المالك بشيء مطلقاً وإنّما هو يدّعي العارية ، ولما كانت دعواه هذه قبل الشروع في العمل ، فهو معترف بجواز العقد وصلاحية المالك لفسخه . وحيث إنّ المالك منكر له ، كفى ذلك في انفساخ ما يدّعيه العامل ، على تقدير ثبوته واقعاً .

   ومن هنا فليس للعامل التصرّف في الأرض من حيث دعواه العارية ، حتى بناءً على صدقه واقعاً .

   وعليه فتبقى دعوى المالك عليه المزارعة ، حيث يلزمه بالعمل في الأرض ، خالية عن المعارض. وبذلك فيكون من مصاديق المدّعي والمنكر، ولا بدّ من إجراء أحكامه فإن أثبت مدعاه بالبيّنة أو اليمين المردودة فهو ، وإلاّ فليس على العامل شيء .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net