لا يشترط مباشرة العامل للعمل - بطلان العقد إذا اشترطا انفراد أحدهما بالثمر 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى-جزء1:المضاربةولمساقاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3584


   [ 3543 ] مسألة 13: لايشترط أن يكون العامل في المساقاة مباشراً للعمل بنفسه(1) . فيجوز له أن يستأجر في بعض أعمالها أو في تمامها ويكون عليه الاُجرة . ويجوز أن يشترط كون اُجرة بعض الأعمال على المالك ، والقول بالمنع لا وجه له (2) . وكذا يجوز أن يشترط كون الاُجرة عليهما معاً في ذمّتهما (3) أو الأداء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وبعبارة اُخرى : إنّ العقد لما كان متقوِّماً بصدور الالتزام من الطرفين ، فإن فرض تحقق التزام العامل بالعمل فلا بدّ من الحكم بالصحّة ، وإن قام المالك بعد ذلك بالعمل بنفسه أو بغلامه رأفة بحال العامل أو لغير ذلك من الأسباب . أمّا إذا لم يتحقق الالتزام من العامل من الأوّل ، كما هو الحال في المقام ، فإنه وبالاشتراط يسقط حقّ المالك في إلزامه به ويجعل ذلك على العامل ، فلا محيص عن الحكم بالبطلان ، لكونه خارجاً عن مدلول دليل الصحة .

   (1) إذ لا يجب عليه إلاّ إيجاد العمل في البستان وتحقيق الرعاية للأشجار بما يؤدي إلى ظهور الثمر أو زيادتها ، وأمّا مباشرته لذلك بنفسه فلا دليل على اعتبارها ، ما لم تكن قد اُخِذت شرطاً في ضمن العقد .

   (2) الظاهر ابتناء القول بالجواز والمنع في المقام ، على القول بجواز اشتراط كون بعض الأعمال على المالك وعدمه . فعلى الأوّل يتعين القول بالجواز في المقام أيضاً وعلى الثاني فالصحيح هو المنع من جواز هذا الاشتراط .

   لكنّك قد عرفت فيما تقدم أنّ الصحيح هو الأوّل ، وعليه فيتعيّن القول بجواز هذا الاشتراط في المقام .

   (3) بلا إشكال فيه ، بناءً على عدم لزوم كون جميع الأعمال على العامل .

ــ[338]ــ

من الثمر((1)) (1) .

   وأمّا لو شرط على المالك أن يكون اُجرة تمام الأعمال عليه أو في الثمر ، ففي صحته وجهان :

   أحدهما : الجواز ، لأنّ التصدي لاستعمال الاُجراء نوع من العمل ، وقد تدعو الحاجة إلى من يباشر ذلك لمعرفته بالآحاد من الناس وأمانتهم وعدمها ، والمالك ليس له معرفة بذلك .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) وكأنه لمعلومية مقدار الاُجرة فيما إذا كانت معينة، إلاّ أنّ الصحيح هو القول بالبطلان، حتى بناءً على القول بجواز كون الاُجرة مجهولة. وذلك لأنّ الإجارة ـ وكما تقدّم بيانها في محله ـ إنما تتضمن التمليك من الطرفين، فالأجير إنما يملّك عمله للمستأجر في حين إنّ المستأجر يملّكه الاُجرة، فهي في الحقيقة مبادلة بينهما. ومن هنا فلا بدّ في المالين من كونهما قابلين للتمليك بالفعل، وحيث إنّ الثمرة غير موجودة بالفعل فلا يجوز تمليكها، لامتناع تمليك المعدوم ما لم يقم عليه دليل خاص .

   ولذا لم يستشكل أحد في بطلان مثل هذه الإجارة في غير المساقاة ، كما لو آجره لخياطة ثوب بإزاء مقدار معيّن من حاصل أرضه التي لم تُزرع بالفعل ، أو التي زرعت ولم تنتج .

   ومن هنا يظهر الحال فيما ذكره (قدس سره) في فرض كون الاُجرة حصّة مشاعة من الثمرة ، فإنه لا حاجة لتوجيه البطلان فيه بجهالة مقدار مال الإجارة ، فإنّ هذا العقد محكوم بالبطلان وإن قلنا بصحة الإجارة مع جهالة الاُجرة ، وذلك لتضمن الإجارة التمليك الفعلي وهو لا يتعلق بالأمر المعدوم .

   والحاصل أنّ الصحيح هو القول بالبطلان في كلا الفرضين : كون الاُجرة مقداراً

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) إن اُريد بذلك اشتراط أداء الاُجرة الثابتة في الذمة من الثمر ، فهو وإن كان صحيحاً إلاّ أنه خلاف ظاهر المقابلة في العبارة . وإن اُريد بذلك جعل الاُجرة في الثمر كما هو ظاهر العبارة، فهو غير صحيح لأنّ الثمر معدوم حين العقد فلا يصحّ جعله اُجرة ، ومن ذلك يظهر حال ما بعده .

ــ[339]ــ

   الثاني: المنع، لأنه خلاف وضع المساقاة. والأقوى الأوّل((1))(1).

   هذا ولو شرطا كون الاُجرة حصة مشاعة من الثمر بطل ، للجهل بمقدار مال الإجارة (2) فهي باطلة .

   [ 3544 ] مسألة 14: إذا شرطا انفراد أحدهما بالثمر بطل العقد(3) وكان جميعه للمالك (4) . وحينئذ فإن شرطا انفراد العامل به استحق اُجرة المثل لعمله (5) . وإن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

معيّناً من الثمر وكونها حصّة مشاعة منه ، سواء صحّت الإجارة مع جهالة الاُجرة أم بطلت .

   نعم ، لو رجع الاشتراط هذا إلى أداء الاُجرة الثابتة في الذّمّة من الثمر ، حكم بصحته من جهة أنّ الاُجرة أمر ثابت في الذمّة بالفعل ، فلا يكون العقد متضمّناً لتمليك المعدوم .

   (1) بل الثاني ، إذ ليس قيام العامل بمطلق العمل موجباً للحكم بصحّة المساقاة وإنما العبرة فيها ـ على ما عرفت ـ بالعمل الذي له دخل في تربية البستان ، بمعنى ظهور ثمره أو زيادته .

   والحاصل أنّ الأدلّة الخاصّة قاصرة الشمول للمقام ، والعمومات والإطلاقات لا تشمل ما يتضمن تمليك المعدوم .

   (2) بل لما عرفته من اشتمالها على تمليك المعدوم .

   (3) لعدم الدليل على صحته ، بعد عدم شمول الأدلّة الخاصّة والعامّة له .

   (4) لتبعية الثمر للأشجار في الملك .

   (5) لأنه لم يقدم على العمل مجاناً ، وإنما أقدم عليه لقاء أخذه للحاصل . وحيث إنه لم يسلّم له ، لبطلان العقد واستيفاء المالك لمنافعه وعمله الصادر عنه بأمره ، يضمن له المالك اُجرة المثل لا محالة .

   والحاصل أنّ أمر الغير بالعمل لا على نحو المجانية موجب للضمان .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل الثاني هو الأقوى .

ــ[340]ــ

شرطا انفراد المالك به لم يستحق العامل شيئاً ، لأنه حينئذ متبرع بعمله (1) .
ـــــــــــــــــــــ

   (1) وتوهّم أنه إنما عمل تخيلاً منه لزوم ذلك عليه من باب وجوب الوفاء بالعقد فهو غير قاصد للتبرع بعمله .

   مدفوع بأنّ الموجب للضمان ينحصر في العقد الصحيح ، ووقوع العمل عن أمر الغير لا بقصد التبرع . وحيث إنّ كليهما مفقود في المقام : أمّا الأوّل فهو المفروض ، وأمّا الثاني فلكون أمره بالعمل على نحو المجانية ، فلا موجب للقول بالضمان .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net