يس للضامن الرجوع إلاّ بعد الأداء - للضامن الرجوع وإن احتسب عليه المضمون له 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى-جزء1:المضاربةولمساقاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3847


   [ 3580 ] مسألة 13 : ليس للضامن الرجوع على المضمون عنه في صورة الإذن إلاّ بعد أداء مال الضمان (2) على المشهور ، بل الظاهر عدم الخلاف فيه . وإنما يرجع عليه بمقدار ما أدّى ، فليس له المطالبة قبله .

   أمّا لأنّ ذمّة الضامن وإن اشتغلت حين الضمان بمجرده ، إلاّ أنّ ذمّة المضمون عنه لا تشتغل إلاّ بعد الأداء وبمقداره . وأمّا لأنها تشتغل حين الضمان لكن بشرط الأداء ، فالأداء على هذا كاشف عن الاشتغال من حينه . وأمّا لأنها وإن اشتغلت بمجرّد الضمان ، إلاّ أنّ جواز المطالبة مشروط بالأداء . وظاهرهم هو الوجه الأوّل ((1)) .

   وعلى أي حال لا خلاف في أصل الحكم ، وإن كان مقتضى القاعدة جواز المطالبة واشتغال ذمّته من حين الضمان (3) في قبال اشتغال ذمّة الضامن ، سواء أدّى أم لم يؤدِّ . فالحكم المذكور على خلاف القاعدة ، ثبت بالإجماع ،

 ــــــــــــــــــــــــــــ
   (2) لما تقدّم .

   (3) بل مقتضى القاعدة هو الأوّل ، إذ لا بدّ في اشتغال ذمّة الغير من سبب له ، من عقد أو إتلاف أو تلف في بعض الموارد ، وإلاّ فالضمان من غير سبب وموجب لا يمكن تصحيحه بوجه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وهو الذي تقتضيه القاعدة .

ــ[425]ــ

وخصوص الخبر : عن رجل ضمن ضماناً ثمّ صالح عليه، قال: «ليس له إلاّ الذي صالح عليه»(1)  بدعوى الاستفادة منه أن ليس للضامن إلاّ ما خسر .

   ويتفرّع على ما ذكروه : أنّ المضمون له لو أبرأ ذمّة الضامن عن تمام الدَّين

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ومن هنا فحيث إنّ الأمر بالضمان وإقدام الضامن عليه ، لا يعني إلاّ براءة ذمّة المدين من الدَّين واشتغال ذمّة الضامن به ، فلا وجه للقول باقتضائه بنفسه للضمان واشتغال ذمّة المضمون عنه تجاه الضامن ، إذ لا ملازمة بينهما بالمرّة .

   ودعوى استلزام ذلك لتضرر الضامن ، فيشمله حديث «لا ضرر» .

   واضحة الفساد ، لما عرفت من قصور هذا الدليل عن شمول موارد الإقدام على الضرر ، كما نحن فيه .

   بل الضمان إنما يثبت في موارد أداء الضامن للدَّين بالسيرة العقلائية القطعية ، فإنّ مقتضاها ـ حتى مع الإغماض عن النصوص ـ لزوم جبران الآمر للخسارة والنقص الواردين على مال الضامن المستندين إلى أمره ، فإنّ هذه الناحية هي العمدة في الدليل على اشتغال ذمّة المضمون عنه للضامن في المقام .

   هذا مضافاً إلى كون هذا المطلب هو المستفاد من النصوص الواردة في المقام ، على ما ستعرف بيانه .

   (1) وهو موثّق عمر بن يزيد ، قال : سألتُ أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل ضمن عن رجل ضماناً ثمّ صالح عليه ، قال : «ليس له إلاّ الذي صالح عليه»(1) .

   ونحوه موثقة ابن بكير (2) .

   حيث إنّ المستفاد من قوله (عليه السلام) : «ليس له إلاّ الذي صالح عليه» كون المصالحة وأدائه للأقل هي السبب في الضمان واشتغال ذمّة المضمون عنه له ، وهو ما يعني براءة ذمّته قبل المصالحة والأداء كما هو واضح ، وإلاّ لكان الحكم إسقاطاً لما ثبت في ذمّة الغير ، وهو ما يأباه ظاهر النص .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 18  كتاب الضمان ، ب 6 ح 1 .

(2) الوسائل ، ج 18  كتاب الضمان ، ب 6 ح 2 .

ــ[426]ــ

ليس له الرجوع على المضمون عنه أصلاً (1) . وإن أبرأه من البعض ، ليس له الرجوع بمقداره . وكذا لو صالح معه بالأقل ، كما هو مورد الخبر . وكذا لو ضمن عن الضامن ضامن تبرّعاً فأدّى ، فإنه حيث لم يخسر بشيء لم يرجع على المضمون عنه وإن كان بإذنه (2) . وكذا لو وفّاه عنه غيره تبرعاً .

   [ 3582 ] مسالة 14 : لو حسب المضمون له على الضامن ما عليه خمساً أو زكاة أو صدقة ، فالظاهر أنّ له الرجوع على المضمون عنه (3) ولا يكون في حكم الإبراء . وكذا لو أخذه منه ثمّ ردّه عليه هبة (4) . وأما لو وهبه ما في ذمّته ، فهل هو كالإبراء أوْ لا ؟ وجهان((1)) (5) . ولو مات المضمون له فورثه الضامن ، لم يسقط

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) حيث لم يخسر الضامن نتيجة لضمانه شيئاً ، فلا يكون له الرجوع عليه .

   (2) لما عرفته من أنّ العبرة إنما هي بأدائه وخسارته ، لا بأصل الضمان .

   (3) إذ المستحق يملك ما في ذمّته أوّلاً بالاحتساب ثمّ يسقط الدَّين ، بحيث يكون السقوط متفرّعاً على الملكيّة ، وبذلك فيكون التلف من ماله والخسارة عليه ، لأنه الذي أدّاه بماله الذي ملكه خمساً أو زكاة أو صدقة ، فيصحّ له الرجوع عليه .

   (4) بلا إشكال فيه ، إذ الضامن قد خسر الدَّين بأدائه للمضمون له ، فيكون له الرجوع على المضمون عنه على طبق القاعدة . وملكيّته للمال ثانياً ملكيّة جديدة وفائدة أجنبية عن الخسارة السابقة ، فلا وجه لمنعها من الرجوع عليه .

   (5) أقواهما الثاني ، إذ لا مانع من ملكيّة الإنسان لما في ذمّته هبة ، كما لا مانع من ملكيّته لما فيها بالإجارة أو الإرث .

   والقبض المعتبر في الهبة متحقق أيضاً ، لكونه مسلّطاً على ذلك المال ، باعتبار أنه في ذمّته لا في ذمّة الغير .

   ومن هنا فيعتبر هذا في الحقيقة تمليكاً له لا إبراءً لذمّته ، وعليه فيصحّ له الرجوع

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا يبعد أن يكون ثانيهما أقرب .

ــ[427]ــ

جواز الرجوع به على المضمون عنه (1) .
ــــــــــــــــــــــــ

على المضمون عنه ، لأن الخسارة قد وقعت في ماله ، والسقوط كان بعد تملّكه لذلك المال .

   نعم ، لو بنينا على عدم صحّة الهبة في الذمّة ، وأنّ الإنسان لا يملك ما في ذمّة نفسه تعين الحكم بعدم جواز رجوعه عليه ، لانحصار القضية حينئذ في الإبراء المحض .

   (1) لكونها خسارة واردة عليه بسبب الضمان ، لأن انتقال ما في ذمّته إليه بمنزلة الأداء ، فيرجع به عليه .

   بل وكذا لو كانت ملكيّته له بعقد ، كما لو استأجره المضمون له على عمل بما في ذمّته من المال ، أو كان الضامن إمرأة فتزوجها المضمون له جاعلاً ما في ذمّته صداقاً لها . فإنّ له الرجوع عليه جزماً ، لثبوت ملكيّة الضامن لذلك المال الثابت في ذمّته في مرحلة سابقة على سقوط الدَّين وحصول البراءة ، فإنه يملكه أوّلاً بالعقد ثمّ يسقط عنه الدَّين قهراً . وبهذا يصدق عليه أنه خسر ذلك المال ، لخسارته لمقداره في قبال عمله الذي أدّاه ، أو صداقها في النكاح .

   والحاصل أنه يصحّ للضامن الرجوع على المضمون عنه ، كلما صحّت نسبة الخسران الناشئ من الضمان إليه ، بحيث يكون وارداً على ماله ومأخوذاً منه ، بلا فرق في ذلك بين الصور جمعاء .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net