إذا كان على الدَّين رهن فهل ينفك بالضمان - اشتراط الضمان في مال معيّن 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى-جزء1:المضاربةولمساقاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3733


ــ[436]ــ

   [ 3590 ] مسألة 23 : إذا كان على الدَّين الذي على المضمون عنه رهن ، فهل ينفكّ بالضمان أوْ لا ؟ يظهر من المسالك والجواهر انفكاكه((1)) (1) لأنه بمنزلة الوفاء . لكنه لا يخلو عن إشكال . هذا مع الإطلاق ، وأمّا مع اشتراط البقاء

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وهو متحقق في المقام . فإنه لا يعتبر في عقد الرهن إنشاؤه بالصيغة واللّفظ فضلاً عن اعتبار صيغة خاصّة فيه ، بل يكفي في تحققه مجرد اعتباره في النفس مع إبرازه بمبرز ما ، ولو كان هو الشرط في ضمن العقد .

   نعم ، هذا لا يجري في العقود التي يعتبر في إنشائها لفظ مخصوص ، كالنكاح والطلاق ونحوهما ، فلا يصحّ إنشاؤها باشتراطها في ضمن عقد آخر على نحو شرط النتيجة .

   ثمّ إنّ كلام الماتن (قدس سره) وإن كان مختصّاً باشتراط المضمون له الرهانة على الضامن ، بحيث لم يكن يقبل بضمانه إلاّ بها ، كما يظهر ذلك من قوله (قدس سره) : فيرهن بعد الضمان ، إلاّ أنّ الظاهر عدم اختصاص الحكم به ، وجريان الكلام بعينه في اشتراط الضامن الرهانة على المضمون عنه ، بحيث لا يقبل بضمان دينه إلاّ بعـدها فيجري فيه ما تقدّم في الفرض الأوّل من التفصيل بين شرط الفعل وشرط النتيجة .

   (1) وهو الصحيح ، لتعدد الدَّين في المقام . فإنّ ما في ذمّة الضامن من الدَّين ، ليس هو ما كان في ذمّة المضمون عنه قبل الضمان ، بل هما فردان متغايران ، غاية الأمر أنّ أحدهما يقوم مقام الآخر ، بمعنى سقوط دين المضمون عنه وانعدامه بإزاء حدوث الدَّين الجديد في ذمّة الضامن .

   والتعبير بانتقال الدَّين من ذمّة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن تعبير مسامحي جزماً ، فإنّ الموجود في ذمّته بالفعل ليس هو الدَّين الأوّل والذي كان ثابتاً في ذمّة المضمون عنه بحيث يكون قد انتقل من مكان إلى آخر ، وإنما هو فرد جديد وجد بعد انعدام الأوّل وسقوطه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وهو الصحيح .

ــ[437]ــ

أو عدمه فهو المتبع (1) .

   [ 3591 ] مسألة 24 : يجوز اشتراط الضمان في مال معين على وجه التقييد((1)) (2)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وحيث إنّ الرهن إنما كان بإزاء الأوّل والمفروض ارتفاعه وسقوطه ، فلا محيص عن القول بانفكاكه وارتفاعه أيضاً ، لانتفاء موضوعه .

   ولعلّ إلى هذا يشير صاحب الجواهر (قدس سره) بقوله : لأن الضمان أداء (2) فإنه أداء بلحاظ انتفاء الدَّين الأوّل وارتفاعه ، فلاحظ .

   (1) لعموم أدلّة الوفاء بالشرط .

   (2) لم يظهر معنى متحصّل للتقييد في المقام .

   لأنه إن رجع إلى نفس الضمان واشتغال الذمّة بهذا المال بخصوصه ودون غيره بحيث يجعل الضامن اشتغال ذمّته مشروطاً ومنوطاً بهذا المال ، ففيه : إنه لا معنى لتقييد ما في الذمّة بالأمر الخارجي ، فإنهما أمران متغايران لا يصلح كلّ منهما مقيّداً للآخر .

   وإن رجع إلى تعليق الضمان بالأداء من هذا المال المعيّن ، أو بجعل المضمون له قبوله للضمان معلّقاً على ذلك ، فهو وإن كان ممكناً في حدّ ذاته ومعقولاً في نفسه ، إلاّ أنه باطل جزماً لرجوعه إلى تعليق الضمان ، وهو مبطل إجماعاً .

   وبعبارة اُخرى : إنّ تقييد شيء بشيء ، إنما يصحّ فيما كان من قبيل تقييد الكليات بالأفراد أو الحالات ، فلا يصحّ في الاُمور الأجنبية المتباينة ، فإنه لا معنى للتقييد فيها إلاّ التعليق في الإيجاب أو القبول ، وهو مبطل في حدّ نفسه .

   وإن رجع إلى تقييد ما ينتقل إلى ذمّته ـ المضمون ـ بحيث يجعله مقيَّداً بذلك الشيء ، فهو كسابقه ، فإنّ ما في الذمّة أجنبي عن الأداء الذي هو فعل خارجي ، فلا يمكن تقييده به .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا يظهر معنى متحصل للتقييد في المقام ، فينحصر الأمر في الاشتراط ولا يترتب عليه إلاّ وجوب الوفاء بالشرط ، لما مر من الإشكال في ثبوت الخيار بتخلفه .

(2) الجواهر 26 : 132 .

ــ[438]ــ

أو على نحو الشرائط في العقود من كونه من باب الالتزام في الالتزام (1) . وحينئذ يجب على الضامن الوفاء من ذلك المال (2) بمعنى صرفه فيه .

   وعلى الأوّل ، إذا تلف ذلك المال يبطل الضمان (3) ويرجع المضمون له على المضمون عنه . كما أنه إذا نقص يبقى الناقص في عهدته .

   وعلى الثاني ، لا يبطل بل يوجب الخيار (4) لمن له الشرط ، من الضامن أو

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   والحاصل أنّ التقييد لما كان في قبال الإطلاق ، باعتبار أنه عبارة عن جعل المطلوب حصّة خاصّة منه ، فلا يصحّ إلاّ في مورد يصحّ فيه الإطلاق . وحيث إنّ إطلاق ما في الذمّة بالقياس إلى الفعل الخارجي غير متصوّر ، لكونه أجنبياً عنه ، فلا يمكن تقييده به .

   (1) بأن يكون التزامه بالأداء من المال المعيّن ، في ضمن التزامه بالضمان المطلق .

   (2) لعموم أدلّة وجوب الوفاء بالشرط .

   (3) بل قد عرفت بطلانه حتى مع بقاء المال ، لعدم رجوع التقييد في مثل المقام إلى معنى محصّل .

   (4) إلاّ أنه على خلاف المرتكزات العرفية في مثل هذه الموارد . فإنها إنما تساعد على رجوع الشرط هذا إلى التزام الطرف المقابل به ، وجواز إلزامه على تقدير تخلّفه عنه ـ كما هو الحال في الشرط في عقد النكاح ـ من غير أن يرجع إلى جعل الخيار في شيء .

   على أنّ جعل الخيار غير متصوّر في الضمان ، لما عرفته من عدم قابليته له ، نظراً لتجاوز الحقّ فيه لطرفيه .

   إذن فالصحيح أنّ تلف المال المعيّن على تقدير الاشتراط ، كما لا يوجب بطلان العقد ، لا يوجب ثبوت الخيار لمن الشرط له . وإنما غاية ما هناك وجوب الوفاء عليه بالشرط ، وأداء الضمان من ذاك المال المعيّن ما دام موجوداً ، فإذا تلف أدّاه من غيره لتعذّر الأداء من المعيّن .

ــ[439]ــ

المضمون له أو هما . ومع النقصان يجب على الضامن الإتمام(1) مع عدم الفسخ .

   وأمّا جعل الضمان في مال معين من غير اشتغال ذمّة الضامن ، بأن يكون الدَّين في عهدة ذلك المال ، فلا يصحّ (2) .
ــــــــــــــــــــ

   (1) لأنه ضامن لجميع الدَّين على نحو الإطلاق ، غاية الأمر أنه كان متعهداً بأدائه من المال المعيّن ، فإذا تلف بعضه رجع فيه بخصوصه إلى غيره ، لتعذّر أداء ذلك المقدار من المال المعيّن .

   (2) لاستلزامه انتفاء حقّ المضمون له بالمرّة ، وفراغ ذمّتي الضامن والمضمون عنه معاً قبل أداء الدَّين . وهو غير معقول ، لأننا إذا فرضنا فراغ ذمّة المضمون عنه بأصل الضمان ، وذمّة الضامن لعدم اشتغالها بشيء ، نظراً لكون الضمان في نفس العين وهي ما لم تؤدّ باقية على ملك مالكها ، لزم منه انتفاء دين المضمون عنه ، لخلو الذمّتين والعين الخارجية عنه ، وهو أمر لا  محصل له ولا يمكن فرضه في الخارج .

   والحاصل أنه لا بدّ في الضمان من فرض اشتغال ذمّة أحد بالدَّين قبله وبعده ، فلا يصحّ فرضه فيما كان لازمه براءة الذمّتين معاً .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net