الرابع : استصحاب عدم الحرمة الثابت قبل الشرع 

الكتاب : مجمع الرسـائل - رسـالة في اللباس المشكوك   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 6957


الوجه الرابع : التمسّك باستصحاب عدم الحرمة الثابت قبل الشرع ، فيثبت


ــ[49]ــ

به عدم كون الحيوان المشكوك فيه ممّا حرّم الله أكله ، فيجوز الصلاة في أجزائه . ولا فرق فيه بين كون الشبهة موضوعية أو حكمية ، فإنّ مرجع الشكّ مطلقاً إلى الشكّ في جعل الحرمة من قبل الشرع للحيوان الخارجي ، فيستصحب عدمه .

واُورد عليه تارةً : بأنّ عدم الحرمة قبل الشرع من باب السلب بانتفاء الموضوع ، وقد علمنا انقلابه إمّا بإضافة الحرمة إلى الشرع أو إضافة عدمه إليه ، فلا يجري الاستصحاب لإثبات إضافة العدم إليه ، التي هي المأخوذة في موضوع الجواز .

واُخرى : بأنّا نعلم ثبوت حكم له في الشريعة ، إمّا الإباحة أو الحرمة فاستصحاب عدم التحريم معارض باستصحاب عدم الإباحة .

وثالثة : بأنّ استصحاب عدم جعل الحرمة في الشريعة لا يثبت اتّصاف الحيوان الخارجي بعدم الحرمة ، الذي هو الموضوع للحكم ، فإنّ الأثر الشرعي مترتّب على عدم الحرمة الفعلية على تقدير الذبح الشرعي ، وإثباته بعدم جعل الحرمة مبني على القول بالاُصول المثبتة .

والتحقيق أن يقال : إنّ الشريعة ليست إلاّ عبارة عن مجموع أحكام مجعولة من الشارع ، فإن قلنا : إنّ الله تعالى هو الشارع فلا ريب في أنّ العدم كان مضافاً إليه قبل البعثة ، فيستصحب فيما بعدها . وإن قلنا : إنّه النبي (صلّى الله عليه وآله) بوحي من الله فلا ريب في مضي زمان بعد نبوّته (صلّى الله عليه وآله) وهو بعد لم يحرّم هذا المشكوك في حرمته بالشبهة الموضوعية أو الحكمية ، كما هو المستفاد من قوله تعالى : (قُلْ لاَ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِم يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً) الآية(1) فإنّ حصر المحرّم حال نزول الآية في المذكورات فيها يدلّ على حلّية غيرها
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الأنعام 6 : 145 .

ــ[50]ــ

فيستصحب بعدها .

ومن هنا يعلم أنّه لا مجال لمعارضة هذا الاستصحاب باستصحاب عدم الإباحة ، فإنّ المتيقّن في السابق هو الإباحة ، لا عدمها .

وأمّا حديث عدم إثبات عدم المجعول باستصحاب عدم الجعل فهو وإن أصرّ عليه شيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه)(1) إلاّ أنّه يرد عليه : أنّ جعل الأحكام إذا كان على سبيل القضايا الحقيقية وغير متوقّف على وجود موضوعاتها خارجاً ، فكما أنّه يثبت فعلية المجعول باستصحاب بقاء الجعل وعدم نسخه ، فيحكم بها وبما يترتّب عليها من الآثار عند فعلية الموضوع خارجاً ، فكذا يثبت عدمها بعدم الجعل ولو بالاستصحاب ، والسرّ فيه : أنّ الحرمة الفعلية وعدمها إنّما تتحقّق عند تحقّق الموضوع بنفس الجعل الأوّلي ، فمعنى بقاء الجعل بقاء الحرمة على تقدير وجود
الموضوع ، كما أنّ معنى عدم الجعل عدم الحرمة على تقديره أيضاً ، فأين المثبتية .

لكن ما ذكرناه كلّه مبني على كون المانع هي الحرمة ، لا العناوين الذاتية ، وإلاّ فلا يثبت باستصحاب عدم الحرمة عنوان من عناوين المحلّلات ، ولا عدم عنوان من المحرّمات كما هو ظاهر .

نعم بناءً على أن يكون جعل المانعية متأخّراً عن تشريع أصل الصلاة ووجوبها يمكن أن يستصحب عدم جعل المانعية لهذا المشكوك فيه ، لكنّه يحتاج إلى الإثبات وقيام دليل خارجي عليه ، لكن قد عرفت في الأمر التاسع(2) أنّه لا ملزم للالتزام بذلك ، بل هو خلاف ظواهر الأدلّة .

فتحصّل ممّا ذكرناه صحّة التمسّك بالاستصحاب المذكور للحكم بجواز
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ذكره في موارد منها ما في أجود التقريرات 2 : 296 ، 409 .
(2) راجع ص27 وما بعدها .

 

ــ[51]ــ

الصلاة في المشكوك فيه ، بل مقتضاه ذلك ولو قلنا بالشرطية ولزوم أن تكون الصلاة في غير ما لا يؤكل ، فإنّ الاستصحاب الموضوعي يحرز به هذا العنوان الوجودي ، فيترتّب عليه حكمه .

إلاّ أنّ هذا الوجه لا يجري فيما كان أمر المشكوك فيه مردّداً بين أن يكون من حيوان محرّم الأكل أو من غير الحيوان ، والوجه فيه ظاهر لا يخفى .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net