ضمان مَن حبس الحرّ الكسوب - أقسام الحقّ 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الاول : البيع-1   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4585


وأمّا مسألة عدم الضمان في حبس الحرّ فهي على وجهين : فإنّ الحرّ المحبوس إن كان كسوباً كالبنّاء الذي خرج من داره للبناية وهو معدّ نفسه لعمل البناية أو غيرها كالنجارة أو التجارة أو غيرهما ، فلا مانع من أن يكون الحابس ضامناً لما فوّته عليه من عمله يوماً أو أكثر ، إذ يصدق عليه عرفاً أنّه أتلف عليه ماله .

وأمّا إذا لم يكن كسوباً ولم يكن له شغل لتحصيل المال كالطلاّب ونحوهم فلا وجه للحكم بالضمان في مثله ، إذ لا وجه للضمان إلاّ من جهة قاعدة من أتلف ، ولا إتلاف في المقام ، إذ لم يوجب حبسه تفويت عمله الذي يعطى بازائه المال إذ لو لم يحبسه أيضاً لم يكن يصدر منه عمل بازائه مال . وكيف كان فلا مقتضي للحكم بالضمان حينئذ ، وليس ذلك من جهة أنّ الأعمال ليست بمال بل من جهة عدم صدق أنّه ذو مال عرفاً ، فلا يصدق إتلاف مال الغير الذي هو موضوع الضمان . وتمام الكلام في الفرعين موكول إلى بابي الغصب والحجّ فراجعهما .

الحقّ وأقسامه

ثمّ قال الشيخ (قدّس الله نفسه) أمّا الحقوق الاُخر(1) الظاهر أنّ العبارة غير

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 3 : 8 .

ــ[27]ــ

صحيحة ولعلّ الاشتباه من النسّاخ وحقّ العبارة أن يكون هكذا : وأمّا الحقوق فإن لم تقبل المعاوضة بالمال فلا إشكال ، وكذا لو لم تقبل النقل والانتقال كحقّ الشفعة وحقّ الخيار إلى قوله بعد أسطر : وأمّا الحقوق الاُخر ... وهذا موضع لفظة الاُخر بمعنى أنّ الحقوق التي ليست من قبيل القسم الأوّل والثاني ولذا وصفها بالاُخر ولكن الناسخ اشتبهت عليه هذه الحقوق بالحقوق المذكورة في صدر العبارة فوصفها بالاُخر وإلاّ فلا معنى لوصفها بالاُخر بوجه ، إذ لم يتقدّم حقوق قبل ذلك ليقال وأمّا الحقوق الاُخر .

وأمّا ما عن بعض الأعاظم(1) من أنّ الوجه في ذلك لعلّه من جهة عدّ العين والمنفعة أيضاً من الحقوق بالمعنى الأعمّ وحينئذ صح أن يوصف الحقوق بالاُخر ففيه : أنّ العين والمنفعة ليست من الحقوق وإنّما هي متعلّقات الحقوق فلا وجه لعدّها منها كما هو واضح .

وكيف كان فقد قسّم الشيخ (قدّس سرّه) الحقوق إلى ثلاثة أقسام :

أحدها : ما لا يقبل المعاوضة بالمال ومثّل له بحقّ الحضانة والولاية .

ثانيها : ما لا يقبل النقل وإن قبل الاسقاط بل الانتقال بارث ونحوه ومثّل له بحقّ الشفعة والخيار .

ثالثها : ما يقبل النقل والانتقال كحقّ التحجير .

وقبل التكلّم في حكم الأقسام لابدّ من بيان الفارق بين الملك والحقّ والحكم فنقول : الملكية قد تطلق على السلطنة والاحاطة الحقيقية كملكية الله تعالى بالاضافة إلى المخلوقات . وقد تطلق على السلطنة الخارجية التكوينية كملكية الإنسان لأفعال نفسه ولما في ذمّته فإنّ الإنسان يملك تكويناً ذلك وليست ملكيته له

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) حاشية المكاسب (اليزدي) : 55 .

ــ[28]ــ

كملكية عمل عبده أو أجيره ، وهذه الملكية معناها الاختيار بحيث إن شاء فعل وإن شاء ترك ، وهذا هو المراد بقوله تعالى حكاية عن كليمه (عليه السلام) : (لاَ أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي)(1) أي ليس تحت اختياري إلاّ نفسي وأخي .

وثالثة تطلق على الملكية الاعتبارية وهي سلطنة اعتبارية تثبت باعتبار من بيده الاعتبار من الشارع والعقلاء . وهذه الملكية ليست منتزعة من الأحكام التكليفية ، لثبوتها في موارد عدم ثبوت الحكم التكليفي كالصبي والمجنون فإنّهما قد يملكان ولا تكليف في حقّهما . وكالكلّي والجهة المالكين فإنّهما أيضاً مالكان من غير ثبوت تكليف . وقد ينعكس الأمر فيكون التكليف ثابتاً دون الملكية كما في المكلّف بالنسبة إلى مال الغير فإنّ التكليف موجود في حقّه من غير أن يكون مالكاً . وقد يجتمعان كالمكلّف بالنسبة إلى أموال نفسه ، فبين الملكية والتكليف عموم من وجه .

وهذه الملكية أيضاً ليست من الأعراض المقولية ، واستدلّ شيخنا المحقّق (قدّس سرّه) على ذلك بوجوه(2):

الأوّل : أنّ الملكية لو كانت من الأعراض لم تختلف فيها الأنظار مع أنّ الأنظار فيها قد تختلف فقد يكون الشيء مملوكاً لأحد بنظر دون نظر .

وفيه : أنّ اختلاف الأنظار في الاُمور الواقعية غير عزيز ، فإنّ الاُمور الواقعية قسمان بديهي واضح وهو لا يختلف فيه كاستحالة اجتماع النقيضين ، ونظري وهو يقع فيه الاختلاف .

الثاني : أنّ الوجدان أقوى شاهد على أنّه لا يتغيّر بعد البيع مثلا عرض من أعراض المالك ولا المملوك .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المائدة 5 : 25 .

(2) حاشية المكاسب (الأصفهاني) 1 : 26 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net