حكم ما يغترمه المشتري من المنافع والقيمة والأجزاء والأوصاف 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الثاني : البيع-2   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4281


ولكنّا لم يسعنا توجيه ما أفاده (قدّس سرّه) في هذه المسألة ، لأنه (قدّس سرّه) إن أراد الضمان بالاتلاف فهو وإن كان صحيحاً إلاّ أنه خارج عن محل الكلام والكلام إنّما هو في ضمانه عند التلف لا الاتلاف ، فإذا فرضنا أنّ المال قد تلف بآفة سماوية كالسرقة ونحوها فكيف يمكن الحكم بضمان الواسطة مع أنه أمين قد دفعه إليه المشتري حتّى يوصله إلى المالك ولا ضمان على الأمين ، بل الحكم بعدم الضمان في هذه المسألة أولى من الحكم بعدم الضمان فيما نحن فيه ، لما مرّ من أنّ تسليط المشتري الغاصب على المال مبني على المعاوضة ولا يرضى بتصرّفاته فيه في غير هذه الصورة ، فلابدّ من الحكم فيه بالضمان ، وأمّا في هذه المسألة فالبائع أمين وواسطة في الايصال فبأيّ وجه يحكم بضمانه حينئذ ، إذ لا مضمّن في الأمين ، فالمسألتان متعاكستان وياليته قد عكس الأمر وحكم فيما نحن فيه بالضمان دون هذه المسألة هذا كلّه في أنّ المشتري يرجع إلى البائع بالثمن الذي دفعه إلى البائع عند رجوع المالك عليه بالعين .

وأمّا(1) أنه يرجع إليه بالغرامات الزائدة على الثمن التي قد اغترمها للمالك أم لا  ، فتفصيل الكلام فيها : أنّ الغرامة التي اغترمها المشتري ، إمّا أن تكون في مقابل العين كما إذا اشتراها المشتري من الغاصب بعشرة وكانت قيمتها السوقية في ذلك

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ] هذه هي المسألة الثانية ، وقد تقدّمت المسألة الاُولى في الصفحة 74 [ .

ــ[85]ــ

الزمان عشرين وقد اشتراها المشتري بأرخص من قيمتها كما هو الأغلب في الأموال المسروقة حيث يبيعها السارق بأرخص من قيمتها السوقية فرجع إليه المالك وأخذ منه العشرين وهو زائد عن الثمن بعشرة ، أو فرضنا القيمة السوقية حال الاشتراء عشرة ثمّ ترقّت وبلغت إلى عشرين وأخذ المالك ذلك من المشتري .

وإمّا أن تكون الغرامة في مقابل المنافع دون نفس العين كما إذا سكنها مدّة فرجع إليه المالك بقيمة تلك المنافع التي قد استوفاها المشتري منه أو أزيد أو أقلّ هذا في المنافع المستوفاة .

وإمّا أن تكون الغرامة في مقابل المنافع التي لم يستوفها المشتري بعد ، وكذا ما صرفه من الأموال ولم يرجع إليه نفعه ، كما إذا صرف مالا في غرس الأشجار في الأرض أو في اجراء القنوات أو في تسوية الأرض ولم يستوف شيئاً في مقابلها وهذه مسائل ثلاثة .

والكلام فعلا في المسألة الأخيرة والغرامة الواقعة في مقابل المنافع غير المستوفاة وما صرفه من الأموال وأنّ المشتري هل يرجع بها على البائع أو لا ؟

ربما يحكم بالرجوع على البائع في مثل هذه الغرامة بقاعدة لا ضرر وأنّ الحكم بعدم رجوعه إليه ضرر على المشتري . ولكنّك عرفت في قاعدة لا ضرر أنّها لا تشمل الموارد التي يوجب جريانها فيها ضرراً على الآخرين ويكون إضراراً على الغير ، والمقام من هذا القبيل حيث إنّ الحكم برجوع المشتري على البائع ضرر على البائع وإضرار في حقّه ، فالقاعدة لا تشمل المقام .

وأمّا الاستدلال بقولهم : إنّ السبب أقوى من المباشر في الحكم برجوع المشتري إلى البائع ، ففيه : أنّ الفعل الخارجي إذا استند إلى السبب في الحقيقة كما إذا حفر بئراً في وسط الطريق فوقع فيه أحد في ليلة ظلماء فإنه يصدق أن يقال إنه قتله ومنه تغريم شاهدي الزور لأنّهما أوجبا قتل أحد أو غرامته وكما إذا كان المباشر

ــ[86]ــ

مسلوب الشعور والقدرة والاختيار كما إذا أعطى سكّيناً بيد صبي أو مجنون وقال أدخله في بطن هذا النائم ، وكذا إذا فتح باب قفص فطار الطائر ، ففي مثل ذلك كلّه لا مانع من المراجعة إلى السبب ، إلاّ أنّ ذلك غير متحقّق في المقام .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net