ذكر موارد وقع الكلام في صحّة اشتراطها في العقد : الأوّل - الثاني 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الخامس : الخيارات-3   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4857


بقي الكلام في بعض الفروع التي ذكرها شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(1)حيث وقع الاشتراط فيها مورداً للكلام :

منها : ما إذا زوّج أمته من حرّ واشترط في ضمنه رقّية ولدها ، أو حلّل أمته من حرّ واشترط في ضمنه رقّية ولدها ، فهل هذا الاشتراط موافق للكتاب من جهة أنّ ما دلّ من الأخبار(2) على تبعية الولد لحرّية أحد والديه وأشرفهما مقتضياً للحرّية في طبعها ونفسها بحيث لا يمنع عن عدم الحرية عند الاشتراط ، أو أنه مخالف للكتاب من جهة أنّ حرية الولد فيما إذا كان أحد أبويه بحسب الأخبار علّة تامّة للحرية لا ترتفع بالاشتراط ، ذكر الوجهين شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه) ولم يرجّح أحدهما على الآخر .

أقول : قد دلّت الأخبار الواردة في المقام على أنّ الولد يتبع حرية أحد أبويه  ، وعليه فيكون اشتراط الرقّية في الولد مخالفاً للكتاب ، لما مرّ من أنّ المراد بالمخالفة ما يكون مخالفاً للكتاب لولا الشرط لا معه ، فمقتضى القاعدة بطلان هذا الاشتراط ، ومن هنا لا نعلم أحداً يفتي بصحة هذا الاشتراط في ضمن عقد آخر كما إذا كان زوجة أحد المتبايعين رقّاً واشترط الآخر عليه رقّية ولده منها .

إلاّ أنه ورد في المقام أخبار(3) دلّت على صحة هذا الاشتراط في عقد الزواج أو التحليل ، وبها خرجنا عمّا تقتضيه القاعدة لأنها خصّصت الأخبار الدالّة على حرّية الولد فيما إذا كان أحد أبويه حرّاً ، فالالتزام بصحة الشرط في المقام من جهة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 6 : 29 .

(2) الوسائل 21 : 121 / أبواب نكاح العبيد والاماء ب30 ح1 ، 2 ، 3 ، 4 وغيرها .

(3) لمزيد الاطّلاع راجع شرح العروة 33 : 70 .

ــ[45]ــ

الأدلّة الخاصّة لا من جهة شمول أدلّة الشروط لهذا الشرط المخالف للكتاب حتّى يقال إنّ اشتراط الرقّية إن كان يرفع حرّية الولد ولا يكون على خلاف الكتاب فلماذا خصّ جوازه بعقد الزواج أو التحليل ، وإن لم يرفع الاشتراط حرّيته وكان مخالفاً للكتاب ، ففي جميع الموارد لابدّ من أن نلتزم به ولماذا ذهبوا في المقام إلى صحة الاشتراط ، وذلك لما عرفت من أنه باطل وخرجنا عنه في المقام من جهة دلالة الدليل .

نعم هذه الأخبار الدالّة على رقّية الولد عند الاشتراط معارضة بروايات اُخر(1) تقتضي عدم رقّيته عند الاشتراط أيضاً ، فمن رجّح الاُولى ذهب إلى جواز الشرط ، ومن ذهب إلى رجحان الثانية بنى على بطلان هذا الاشتراط .

ومنها : اشتراط إرث المتمتّع بها في ضمن عقد المتعة ، فهل هذا أيضاً موافق للكتاب أو أنه مخالف له فيبطل ؟

المعروف بينهم صحة هذا الاشتراط في خصوص الزوج أو الزوجة في ضمن عقد التمتّع فقط ، وأمّا اشتراط الإرث لغيرهما كابنهما في ضمن العقد المذكور أو اشتراطه للزوجين في غير العقد المذكور كاشتراطه في ضمن عقد البيع فلا إشكال في بطلانه عندهم ، ومن هنا وقع الكلام في أنّ اشتراط الارث إن كان موافقاً للكتاب ورافعاً لعدم التوارث فليكن الحال كذلك في اشتراطه لغيرهما في ضمن عقد الزواج أو لهما في ضمن عقد آخر ، كما أنّ اشتراطه إذا كان على خلاف الكتاب وغير رافع لعدم التوارث فلماذا أفتوا بالجواز في اشتراطه لهما في عقد الزواج ، هذا .

ولا يخفى عليك أنّ الارث على ما دلّت عليه الأخبار مختصّ بأشخاص معدودة معيّنة ليس منها الزوجان في عقد التمتّع ، وعليه فاشتراط إرثهما يكون على

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 21 : 121 / أبواب نكاح العبيد والاماء ب30 ، 37 .

ــ[46]ــ

خلاف الكتاب ، لما مرّ من أنّ المراد بالمخالفة هو المخالفة لولا الاشتراط ، واشتراط الارث في المقام من قبيل اشتراط الاعتبار الذي هو أحد أقسام الشرط كما تقدّم كما أنّ اشتراط الرقّية أيضاً في الفرع المتقدّم من قبيل شرط الاعتبار ، وقد ذكرنا هناك أنّ اشتراط اعتبار من الاعتبارات إنما يصح فيما إذا كان الاعتبار في نفسه قابلا لامضاء الشارع ، وأمّا ما لا يكون ممضى في نفسه فبالاشتراط لا يكون سائغاً واعتبار غير الأشخاص المعيّنة وارثاً ممّا لم يمضه الشارع فاشتراطه باطل ومخالف للكتاب .

نعم ، قد ورد الأخبار(1) في صحة هذا الاعتبار في خصوص المتمتّعين إذا اشترط في خصوص عقد التمتّع ، حيث ورد أنه زواج إرث وزواج غير إرث ، وبها نخرج عن مقتضى القاعدة في خصوص اشتراط الارث لهما في خصوص عقد الزواج  ، لا من جهة أدلّة الشروط ليشكل بالموارد المتقدّمة ، ولولا تلك الأخبار منعنا عن صحة اشتراط الارث مطلقاً حتى لهما في عقد الزواج ، وهذه الأخبار تكون مخصّصة لما دلّ على عدم الارث لغير الأشخاص المعينين .

نعم وردت هناك روايتان(2) على ما نقله السيد في حاشيته(3) قد دلّتا على عدم التوارث بينهما مطلقاً سواء اشترطا أم لم يشترطا، إحداهما مرسل الكافي(4)حيث قال : روي أنه لا إرث بينهما سواء اشترطا أم لم يشترطا . وثانيهما : ما أسنده إلى البرقي حيث روي فيها عدم التوارث بينهما مع الاشتراط وعدمه ، وعليه تكون

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 26 : 230 / أبواب ميراث الأزواج ب17 ح1 ، 2 .

(2) الوسائل 21 : 67 / أبواب المتعة ب32 ح4 ، 7 .

(3) حاشية المكاسب (اليزدي) : 110 مبحث الشروط .

(4) الكافي 5 : 465 / 2 .

ــ[47]ــ

الأخبار الدالّة على الارث مع الاشتراط معارضة لهما .

والظاهر أنّهما ليستا روايتين ، بل ما أرسله الكافي هو عين الرواية الثانية ، لأنه قال وروي وهو صادق على الرواية الثانية لأنها أيضاً رويت .

ثم على تقدير كونها رواية اُخرى لا يمكن الاعتماد عليها لارسالها .

وأمّا الرواية الثانية فالظاهر أنّ سندها ضعيف لاشتماله على حسن بن موسى ولم يثبت وثاقته عندهم ، ويحتمل أن يكون حسين بن موسى على ما يظهر من المميّزات ، وكيف كان هما واحد وقد عنونه المامقاني (قدّس الله نفسه)(1) بحسن بن موسى ثم عقّبه بحسين بن موسى ، وبالجملة لم يثبت وثاقته ، نعم الظاهر أنه إمامي وعليه فلا يمكن الاعتماد عليهما ، هذا أوّلا .

وثانياً : لو أغمضنا عن سندها وبنينا على اعتبارها فهي لا تكون معارضة للأخبار الكثيرة الدالّة على الارث مع الاشتراط لأنها كثيرة ومعروفة حتى أنّ السيد بنفسه أفتى في عروته(2) بصحة الاشتراط والتوارث به وإن ذكر في حاشيته(3) عدم صحة الشرط المذكور ، هذا كلّه .

على أنّهما لو تعارضا فالترجيح مع الأخبار المجوّزة وذلك لموافقتها للكتاب حيث إنه دلّ على إرث الزوجة من زوجها وبالعكس بالتفصيل في مقداره بين ما إذا لم يكن لها ولد أو كان والمتمتع بها أيضاً زوجة ، ومن هنا ربما يستدلّ على ثبوت بعض أحكام الزوجة الدائمة في المتمتع بها بأنها أيضاً ممّن تصدق عليه الزوجة وإنما خرجنا عمّا يدلّ عليه الكتاب فيما إذا لم يشترطا التوارث في التمتّع ، فما دلّ على ثبوت

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) منهج المقال 1 : 108 و117 .

(2) ] لم نعثر عليه [ .

(3) حاشية المكاسب (اليزدي) : 110 مبحث الشروط .

ــ[48]ــ

الارث مع الاشتراط موافق للكتاب فيقدّم على الرواية النافية .

استدراك : قد ذكرنا أنّ مقتضى القاعدة بطلان اشتراط التوارث مطلقاً لأنه على خلاف الكتاب في نفسه مع قطع النظر عن الاشتراط ، وإنّما خرجنا عنها من جهة ما ورد في إرث الزوج والزوجة في عقد التمتّع عند الاشتراط ، ومن هنا خصّصناه باشتراط إرثهما في خصوص العقد المذكور وذكرنا أنّ هذه الطائفة المجوّزة لاشتراط الارث والمصرّحة بأنه على قسمين تزويج إرث وتزويج غير إرث مخصّصة للعمومات الواردة في أنّ التمتّع لا يوجب الإرث ، بل جعل عدم التوارث من حدود التمتّع ومن مقوّماته لأنها عام فيخصّص بما دلّ على التوارث مع الاشتراط ، وقلنا إنّ هذه الطائفة المجوّزة معارضة بروايتين أرجعنا إحداهما إلى الاُخرى المسند وقلنا إنّهما رواية واحدة ثمّ ذكرنا أنّها ضعيفة السند فلا تعارض الطائفة المجوّزة للاشتراط ، وكل ذلك كما ذكرناه .

إلاّ أنّا أضفنا إليه أنّا لو أغضينا عن ضعف سند الرواية وبنينا على معارضتها للطائفة المجوّزة فالترجيح مع المجوّزة لأنها موافقة للكتاب .

إلاّ أنّ الصحيح خلاف ذلك لأنّ المرجّح لا ينحصر بموافقة الكتاب فإنّ الرواية أيضاً موافقة للسنّة أعني الطائفة الدالّة على أنّ من حدود التمتّع عدم التوارث ، فإذا تعارضتا فتسقطان ونرجع إلى عموم الفوق وهو الطائفة المذكورة أعني ما دلّ على عدم التوارث في عقد التمتّع بعمومه ، فالنتيجة حينئذ عكس ما ذكرناه وهو عدم جواز الاشتراط لأنه على خلاف الحكم الشرعي في التمتّع .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net