هل القاعدة تختصّ بتلف المبيع أو أنّها تجري في تلف الثمن أيضاً؟ 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الخامس : الخيارات-3   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4343


الجهة الثالثة : هل القاعدة تختصّ بتلف المبيع أو أنها تجري في تلف الثمن أيضاً في يد البائع فيما إذا كان الخيار للبائع دون المشتري ، فيحكم بتلك القاعدة بضمان المشتري لأنه تلف في زمان خيار البائع ، أو أنّ ضمانه على مالكه الفعلي أعني


ــ[218]ــ

البائع ؟

ذكر شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(1) أنّ التعدّي عن المبيع إلى تلف الثمن غير بعيد . وقرّبه شيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه)(2) وذكر أنّ دعوى القطع بعدم خصوصية في تلف المبيع غير مجازفة .

والصحيح أنّ القاعدة تختص بتلف المبيع ولا تجري في تلف الثمن بوجه
والوجه في ذلك أنّ الوجوه الموجبة للتعدّي كما قدّمناها(3) ثلاثة :

الأول : دعوى الاجماع على التعدّي ، وهي مفقودة في المقام إذ لم يدّع الاجماع ولا عدم الخلاف ولا الشهرة على جريانها في تلف الثمن أحد من الأصحاب .

الثاني : استصحاب الضمان الثابت قبل القبض كما عرفته سابقاً ، وتقريب الاستصحاب في المقام هو أنّ المشتري قبل تسليمه الثمن إلى البائع كان ضامناً له كما أنّ البائع قبل إقباضه المبيع ضامن له ، وذلك لما سيأتي عن قريب ان شاء الله تعالى أنّ ضمان كل منهما لماليهما قبل التسليم مورد الوفاق بين الأصحاب ولا يختص الضمان قبل القبض بالبائع ، وإذا شككنا بعد تسليم الثمن إلى البائع في بقاء ضمان المشتري له وارتفاعه فنستصحب الضمان .

ويرد على هذا الاستصحاب : ما أوردناه عليه سابقاً من المناقشات الأربع فراجع ، فالاستصحاب ساقط .

ويبقى الكلام في أنّ الاستصحاب في بقاء ضمان المشتري وضمان البائع هل هو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 6 : 178 .

(2) منية الطالب 3 : 335 .

(3) في ص212 .

ــ[219]ــ

تعليقي أو أنه تنجيزي فإنّ شيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه) ادّعى أنّ الاستصحابين تنجيزيان ، والظاهر أنّ كونه تنجيزياً أو تعليقياً يختلف باختلاف معنى الضمان في المقام ، فإن كان ضمان البائع أو المشتري بمعنى كون المال على عهدتهما بحيث يجب عليهما الخروج عن عهدته عند تلفه بأداء مثله أو قيمته كما هو معناه في موارد عديدة كما في مورد التفريط أو الافراط في الوديعة وكما في مورد الغصب فإنّ الغاصب أو المتعدّي ضامن للمال بهذا المعنى أي بمعنى أنّ المال في عهدته وعليه ردّ مثله أو قيمته على تقدير تلفه ، فعليه فالاستصحاب تنجيزي لأنّ المال قبل الاقباض كان في عهدته كما هو معنى الضمان وليس معلّقاً على التلف ونحوه ، نعم من أحكام ذلك الضمان أنه لو تلف عنده يجب عليه ردّ مثله أو قيمته وليس هو معنى الضمان وإنّما هو أثره ، وأمّا معناه فهو كونه في عهدته وهو في عهدته قبل تلفه أيضاً ولعلّه ظاهر ولكن الضمان في المقام ليس بهذا المعنى لأنّ المبيع قبل تلفه ليس على عهدة البائع وإنما هو على عهدة مالكه الذي هو المشتري وكذا الحال في طرف الثمن .

بل الظاهر أنّ الضمان في المقام بمعنى انفساخ العقد ورجوع كل من العوضين إلى مالكهما وتلفهما في ملكهما كما صرّح به شيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه) وهذا المعنى من الضمان لم يكن ثابتاً قبل الاقباض فإنه معلّق على التلف ، إذ المبيع إذا تلف تنفسخ به المعاملة لا قبل تلفه ، وعليه فالاستصحابان تعليقيان وقد أنكرنا الاستصحاب التعليقي في محلّه(1) كما أنكره شيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه)(2) والعجب أنّه (قدّس سرّه) صرّح بما ذكرناه في معنى الضمان ومع ذلك ذهب إلى أنّ الاستصحاب تنجيزي .

وبالجملة : أنّ الاستصحابين مضافاً إلى ما يتوجّه عليهما من المناقشات

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الاُصول 3 (موسوعة الإمام الخوئي 48) : 161 .

(2) أجود التقريرات 4 : 119 .

ــ[220]ــ

الأربع تعليقيان فالاستصحاب لا يوجب التعدّي .

الثالث : الاستفادة من الأخبار(1). ولا يخفى أنّ جميع الأخبار الواردة في المقام مشتملة على ضمان البائع وموردها هو فرض تلف المبيع عند المشتري فقط والتعدّي عنه إلى تلف الثمن عند البائع يحتاج إلى دليل لأنّه على خلاف القاعدة كما مرّ ، بل التعدّي عن المبيع إلى الثمن أفضح من التعدّي عن خياري الحيوان والشرط إلى سائر الخيارات ، لأنّا لو تعدّينا عنهما إلى سائر الخيارات أيضاً نكتفي فيها بضمان البائع فيما إذا تلف المبيع عند المشتري ولا نتعدّى عنه إلى صورة تلف الثمن عند البائع  ، فالتعدّي إليه مبني على الاستحسان والظن بأنّ المناط في ضمان البائع هو تزلزل العقد وهو متحقّق في طرف الثمن أيضاً .

فالصحيح أنّ القاعدة مختصة بضمان البائع فيما إذا تلف المبيع عند المشتري في زمان خياره ، وعليه فإذا تلف الثمن عند البائع في زمان خياره فلا نحكم بانفساخ المعاملة وضمان المشتري ، كما إذا تلف الثمن عند البائع في بيع الخيار المشروط بردّ مثل الثمن ، بل المعاملة باقية على حالها وتلف الثمن على مالكه الفعلي وهو البائع .
ـــــــــــــــ

(1) تقدّمت في ص212 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net