عدم ثبوت حدّ الزنا إلاّ بالإقرار أربع مرّات - لو أقرّ شخص بما يوجب رجمه ثمّ جحد 

الكتاب : مبـاني تكملة منهاج الصالحين - الجزء الأول : القضاء   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5072


   (مسألة 138) : لا يثبت حدّ الزنا إلاّ بالإقرار أربع مرّات ، فلو أقرّ به كذلك اُجري عليه الحدّ ، وإلاّ فلا (3) .

 ـــــــــــــــــــــــــــ
   (3) على المشهور شهرة عظيمة .


ــ[212]ــ

   ونسب الخلاف إلى ابن أبي عقيل، فاكتفى في ثبوته بالإقرار مرّة واحدة  (1) .

   وتدلّ على القول المشهور عدّة روايات :

   منها : ما رواه الصدوق بسنده المعـتبر إلى سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة ، قال : أتت امرأة أمير المؤمنين (عليه السلام) فقالت : يا أمير المؤمنـين ، إنّي زنيت فطهّرني طهّرك الله ، فإنّ عذاب الدنيا أيسر من عذاب الآخرة الذي لا ينقطع ، فقال لها : «ممّ اُطهّرك ؟ » قالت : من الزنا ، فقال لها : «فذات بعل أنت أم غير ذات بعل ؟ » فقالت : ذات بعل ـ إلى أن قال : ـ فلمّا ولّت عنه المرأة من حيث لا تسمع كلامه قال : «اللّهمّ هذه شهادة» فلم تلبث أن أتته فقالت : إنّي وضعت فطهّرني ، فتجاهل عليها وقال: «اُطهّرك يا أمة الله ممّاذا ؟ » قالت : إنّي زنيت ـ إلى أن قال : ـ فلمّا ولّت حيث لا تسمع كلامه قال : «اللّهمّ إنّهما شهادتان» فلمّا أرضعته عادت إليه فقالت : يا أمير المؤمنين، إنّي زنيت فطهّرني ، قال لها : «وذات بعل كنت إذ فعلت ما فعلت أم غير ذات بعل ؟ » قالت : بل ذات بعل «قال : وكان زوجك حاضراً أم غائباً ؟ » قالت: بل حاضراً «قال : اذهبي فاكفليه» ـ إلى أن قال: ـ فانصرفت وهي تبكي ، فلمّا ولّت حيث لا تسمع كلامه قال «اللّهمّ هذه ثلاث شهادات» ـ إلى أن قال :  ـ فرجعت فأخبرت أمير المؤمنين (عليه السلام) بقول عمرو ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : «ولِمَ يكفل عمرو ولدك؟» قالت : يا أمير المؤمنين ، إنّي زنيت فطهّرني ـ إلى أن قال : ـ فرفع أمير المؤمنين (عليه السلام) رأسه إلى السماء وقال : «اللّهمّ إنّه قد أثبت ذلك عليها أربع شهادات» الحديث (2) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) حكاه في الجواهر 41 : 280 .

(2) الوسائل 28 : 103 /  أبواب حد الزنا ب 16 ح 1 ، الفقيه 4 : 22 / 52 ، الكافي 7 : 188 / ذيل ح1، التهذيب 10 : 11 / 24 .

ــ[213]ــ

   والرواية مطابقة لما في الفقيه ، ولكن صاحب الوسائل نسبها إلى رواية الصدوق بإسناده إلى قضايا أمير المؤمنين (عليه السلام) ، والظاهر أ نّه سهو من قلمه الشريف . ورواها محمّد بن يعقوب بسنده الصحيح عن خلف بن حمّاد عن أبي عبدالله (عليه السلام) مثله ، إلاّ أنّ الشيخ رواها عن خالد بن حمّاد .

   وقريب منها صحيحة أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) في إقرار رجل عند أمير المؤمنين (عليه السلام) بالزنا  (1) .

   وهاتان الصحيحتان وغيرهما تدلّ على أنّ الإقرار بمنزلة الشهادة . وعليه ، فلا يثبت الزنا به إذا كان أقلّ من أربع مرّات .

   ومورد هذه الروايات وإن كان هو الرجم إلاّ أ نّه يستفاد منها حكم الجلد أيضاً ، وذلك لوجهين :

   الأوّل :  أنّ الإقرار في الزنا بمنزلة الشهادة كما عرفت ، فعندئذ كما لا يثبت الرجم إلاّ بأربع شهادات لا يثبت الجلد أيضاً إلاّ بذلك .

   الثاني :  أنّ الجلد لو كان يثبت بالإقرار مرّة واحدة لم يكن وجه لتأخير الحدّ في الإقرار بالزنا حتى يتمّ أربع مرّات ، كما في هذه الروايات . وبذلك يقيّد ما دلّ على نفوذ الإقرار مطلقاً .

   هذا كلّه مضافاً إلى صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) : في رجل قال لامرأته : يا زانية، أنا زنيت بك «قال : عليه حدّ واحد لقذفه إيّاها ، وأمّا قوله : أنا زنيت بك ، فلا حدّ فيه ، إلاّ أن يشهد على نفسه أربع شهادات بالزنا عند الإمام» (2) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 28 : 105 /  أبواب حد الزنا ب 16 ح 2 .

(2) الوسائل 28 : 195 /  أبواب حد القذف ب 13 ح 1 .

ــ[214]ــ

   (مسألة 139) : لو أقرّ شخص بما يوجب رجمه ثمّ جحد سقط عنه الرجم دون الحدّ ، ولو أقرّ بما يوجب الحدّ غير الرجم ثمّ أنكر لم يسقط (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   فإنّها ظاهرة في أنّ الحدّ مطلقاً ـ رجماً كان أو جلداً ـ لا يترتّب على الإقرار مرّة واحدة ، بل لا بدّ من الإقرار عند الإمام أربع مرّات .

   وأمّا صحيحة الفضيل ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : «من أقرّ على نفسه عند الإمام بحقّ من حدود الله مرّة واحدة حرّاً كان أو عبداً أو حرّة كانت أو أمة فعلى الإمام أن يقيم الحدّ عليه للذي أقرّ به على نفسه ، كائناً من كان ، إلاّ الزاني المحصن ، فإنّه لا يرجمه حتى يشهد عليه أربعة شهداء ، فإذا شهدوا ضَرَبَه الحدّ مائة جلدة ثمّ يرجمه» الحديث (1) .

   فإنّها وإن كانت تدلّ على ثبوت الزنا بالإقرار مرّة واحدة ، إلاّ أ نّه لا بدّ من حملها على التقيّة ، كما يشهد على ذلك أمران :

   الأوّل : اشتمالها على نفوذ إقرار العبد في الحدود ، وهو مخالف لمذهب أصحابنا وموافق لمذهب العامّة .

   الثاني : أنّ ظاهر إطلاق هذه الصحيحة هو أنّ الرجم لا يترتّب على الإقرار ولو كان أربع مرّات ، وإنّما يثبت بشهادة أربعة شهداء ، وكلا الأمرين مخالف لمذهب الأصحاب ، فلا مناص عندئذ من حملها على التقيّة كما تقدّم .

   (1) على المشهور بين الأصحاب فيهما ، وتدلّ على ذلك عدّة روايات :

   منها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) : في رجل أقرّ على نفسه بحدّ ثمّ جحد بعد «فقال: إذا أقرّ على نفسه عند الإمام أ نّه سرق ثمّ جحد قطعت يده وإن رغم أنفه ، وإن أقرّ على نفسه أ نّه شرب خمراً أو بفرية فاجلدوه ثمانين

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 28 : 56 /  أبواب مقدمات الحدود ب 32 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net