للإمام الخيار في كيفيّة قتل اللائط المحصن وغير المحصن إن قلنا بوجوب قتله 

الكتاب : مبـاني تكملة منهاج الصالحين - الجزء الأول : القضاء   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4563


    (مسألة 188) : يتخيّر الإمام في قتل اللائط المحصن وكذلك غير المحصن إن قلنا بوجوب قتله بين أن يضربه بالسيف وإذا ضربه بالسيف لزم إحراقه بعده بالنار على الأظهر (1) ، أو يحرقه بالنار ، أو يدحرج به مشدود اليدين والرجلين من جبل ونحوه، وإذا كان اللائط محصناً فللإمام أن يرجمه(2)، وأمّا الملوط فالإمام مخيّر بين رجمه والأحكام الثلاثة المذكورة ، ولا فرق بين كونه محصناً أو غير محصن (3) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) يدلّ على ذلك إطلاق صحيحة عبدالرحمن العرزمي الآتية .

   (2) قد تقدّم تفصيل ذلك قريباً .

   (3) بيان ذلك : أنّ النصوص الواردة في المقام على طوائف ، ويستفاد التخيير بين الأحكام المزبورة من الجمع بين تلك الطوائف :

   الطائفة الاُولى : ما دلّت على أنّ حكم الملوط الرجم مطلقاً ، كصحيحة يزيد ابن عبدالملك
المتقدّمة(1)، ومعتبرة السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إذا كان الرجل كلامه كلام النساء ومشيته مشية النساء ويمكّن من نفسه ينكح كما تنكح المرأة فارجموه ولا تستحيوه» (2) .

   الطائفة الثانية :  ما دلّت على أنّ حكمه القتل مطلقاً ، كصحيحة حمّاد بن عثمان المتقدّمة (3) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 281 .

(2) الوسائل 28 : 159 /  أبواب حد اللواط ب 3 ح 5 .

(3) في ص 281 .

ــ[287]ــ

   الطائفة الثالثة :  ما دلّت على أنّ حكمه الإحراق بالنار ، كصحيحة جعفر بن محمّد ، عن عبدالله بن ميمون ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : كتب خالد إلى أبي بكر : سلام عليك ، أمّا بعد فإنّي أتيت برجل قامت عليه البيّنة أ نّه يؤتى في دبره كما تؤتى المرأة، فاستشار فيه أبو بكر ، فقالوا : اقتلوه، فاستشار فيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: احرقه بالنار» الحديث(1).

   وقد يقال : إنّ الرواية ضعيفة ، لجهالة جعفر بن محمّد .

   ولكنّه يندفع : بأنّ جعفر بن محمّد الذي يروي عن عبدالله بن ميمون هو جعفر بن محمّد بن عبيدالله ، بقرينة أ نّه من رواة كتابه على ما فصّلناه في كتابنا المعجم(2) ، وهو وإن لم يوثّق في كتب الرجال إلاّ أ نّه موجود في أسناد كامل الزيارات . فاذن الرواية صحيحة .

   وبعد ذلك نقول :  إنّ مقتضى الجمع بين هذه الطوائف هو رفع اليد عن ظهور كلّ واحدة منها في الوجوب التعييني والحمل على التخيير .

   فالنتيجة : هي أنّ الإمام مخيّر بين رجم الملوط ـ كما هو مقتضى نصّ الطائفة الاُولى ـ وبين قتله بالضرب بالسيف أو اهدابه مشدود اليدين والرجلين من جبل أو نحوه ـ كما هو مقتضى إطلاق الطائفة الثانية ـ وبين إحراقه بالنار ، كما هو مقتضى صريح الطائفة الثالثة .

   هذا ، مضافاً إلى أ نّه يمكن الاستدلال على ثبوت الأحكام الثلاثة الأخيرة للملوط بصحيحة مالك بن عطيّة المتقدّمة (3) ، ببيان : أنّ موردها وإن كان هو اللائط إلاّ أ نّها تدلّ على ثبوت تلك الأحكام للملوط بالأولويّة القطعيّة ، والسبب في ذلك هو أنّ حكم الملوط في الشريعة المقدّسة على ما يستفاد من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 28 : 160 /  أبواب حد اللواط ب 3 ح 9 .

(2) المعجم 5 : 83 / 2280 .

(3) في ص 280 .

ــ[288]ــ

الروايات أشدّ من حكم اللائط ، فإنّ حكمه القتل أو الرجم مطلقاً دونه . وعليه ، فإذا ثبتت لللائط هذه الأحكام الثلاثة التي بعضها أشدّ من الرجم لو لم يكن جميعها كذلك ثبتت للملوط بطريق أولى . وحينئذ فمقتضى الجمع بينها وبين الطائفة الاُولى هو ما ذكرناه من التخيير .

   وكيف كان ، فلا شبهة في ثبوت تلك الأحكام للملوط كما أ نّها ثابتة لللائط .

   ثمّ إنّ الإمام إذا اختار ضربه بالسيف أحرقه بالنار بعده ، وذلك لصحيحة عبدالرحمن العرزمي ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : «وجد رجل مع رجل في إمارة عمر فهرب أحدهما واُخذ الآخر ، فجيء به إلى عمر فقال للناس : ما ترون في هذا ؟ فقال هذا : اصنع كذا ، وقال هذا : اصنع كذا ، قال : فما تقول يا أبا الحسن ؟ قال : اضرب عنقه ، فضرب عنقه ، قال : ثمّ أراد أن يحمله فقال : مه ، إنّه قد بقي من حدوده شيء ، قال : أيّ شيء بقي ؟ قال : ادع بحطب ، فدعا عمر بحطب ، فأمر به أمير المؤمنين (عليه السلام) فاُحرق به»(1) .

   أقول :  إنّ مقتضى إطلاق هذه الصحيحة وإن كان تعيّن ذلك إلاّ أ نّه لا بدّ من رفع اليد عن هذا الإطلاق بنصّ الروايات المتقدّمة ، كما أ نّه لا بدّ من رفع اليد عن إطلاق تلك الروايات بنصّ هذه الصحيحة الدالّة على ثبوت الحكم في اللواط ، ولا يشكّ في ثبوته على الملوط ، لما عرفت من أنّ أمره أشدّ من اللائط ، ويحكم بثبوته على اللائط أيضاً ، للإطلاق المقامي ، وكون الإمام (عليه السلام) في مقام البيان ، فإذا اختار الإمام (عليه السلام) قتل اللائط بالسيف لزم إحراقه بعده بالنار .

   وقد تحصّل من ذلك : أ نّه لا فرق بين اللائط المحصن والملوط من هذه الناحية أصلاً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 28 : 158 /  أبواب حد اللواط ب 3 ح 4 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net