عدم القصاص في قتل الحرّ أو الحرّة العبد عمداً - اختلاف الجاني ومولى العبد في قيمته يوم القتل 

الكتاب : مباني تكملة منهاج الصالحين - الجزء الثاني : القصاص   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 8482


   (مسألة 43) : إذا قتل الحرُّ أو الحرّةُ العبد عمداً فلا قصاص (3) ،

 

ــــــــــــــــــ
   (3) من دون خلاف وإشكال . وتدلّ على ذلك عدّة روايات :

   منها :  صحيحة أبي بصير عن أحدهما ( عليهما السلام ) ، قال : قلت له


ــ[42]ــ

قول الله عزّ وجلّ: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ ا لْقِصَاصُ فِي ا لْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَا لْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَا لاُْنثَى بِالاُْنثَى)(1)

قال: «فقال: لايقتل حرّ بعبد ، ولكن يضرب ضرباً شديداً ويغرم ثمنه دية العبد»(2) .

   ومنها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : «قال : لا يقتل الحرّ بالعبد ، وإذا قتل

الحرّ العبد غرم ثمنه وضرب ضرباً شديداً»(3) .

   ومنها : معتبرة سماعة عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : «قال : يقتل العبد بالحرّ ، ولا يقتل الحرّ

بالعبد ، ولكن يغرم ثمنه ، ويضرب ضرباً شديداً حتّى لا يعود»(4) .

   ولا تعارضها معتبرة إسماعيل ابن أبي زياد ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السلام) : «أ نّه

قتل حرّاً بعبد قتله عمداً»(5) .

   فإنّها قضيّة في واقعة ، ومن المحتمل أنّ الحرّ كان معتاداً على قتل العبيد ، وسيأتي ـ إن شاء الله تعالى

ـ أنّ الحكم في مثله القتل(6) .

   وأمّا ما في معتبرة زيد بن علي ، عن آبائه ، عن علي (عليه السلام) «قال : ليس بين الرجال والنساء

قصاص إلاّ في النفس ، وليس بين الأحرار والمماليك قصاص إلاّ في النفس ، وليس بين الصبيان قصاص

في شيء إلاّ في النفس»(7) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) البقرة 2 : 178 .

(2) الوسائل 29 : 96 /  أبواب القصاص في النفس ب 40 ح 1 .

(3) الوسائل 29 : 96 /  أبواب القصاص في النفس ب 40 ح 2 .

(4) الوسائل 29 : 96 /  أبواب القصاص في النفس ب 40 ح 3 .

(5) الوسائل 29 : 98 /  أبواب القصاص في النفس ب 40 ح 9 .

(6) في ص 48 .

(7) الوسائل 29 : 184 /  أبواب قصاص الطرف ب 22 ح 2 .

ــ[43]ــ

وعلى القاتل قيمة المقتول يوم قتله (1) لمولاه إذا لم تتجاوز دية الحرّ (2) ، وإلاّ

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   فلا بدّ من ردّ علمها إلى أهله ، فإنّ الجملة الأخيرة فيها مقطوعة البطلان ، لأنّ الصبي ليس عليه

قصاص حتّى في النفس ، وإنّما اللازم في قتله الدية ، وهي على عاقلته .

   وكذلك الجملة الاُولى ، فإنّ القصاص ثابت بين الرجال والنساء في غير النفس أيضاً ، غاية الأمر أ نّه

لا بدّ من ردّ فاضل الدية فيما إذا جاوز الثلث إذا كان المقتصّ هي المرأة ، كما هو الحال في النفس .

   وأمّا الجملة الثانية فهي أيضاً كذلك ، حيث إنّه لا يقتل الحرّ بالعبد بنصّ الآية الكريمة والروايات

المتظافرة التي تقدّم بعضها ، فلا مناص عندئذ من طرح الرواية .

   ومن ذلك يظهر الحال في معتبرة السكوني عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي (عليهم السلام) «قال :

ليس بين العبيد والأحرار قصاص فيما دون النفس، وليس بين اليهودي والنصراني والمجوسي قصاص فيما

دون النفس»(1) .

   على أ نّه لا دلالة فيها على ثبوت القصاص في النفس إلاّ بمفهوم القيد ، وهو لا يثبت إلاّ القصاص في

الجملة ، حيث لا إطلاق له ، فإذن المتيقّن هو حمله على صورة الاعتياد .

   (1) فإنّه يوم اشتغال الذمّة بالقيمة .

   (2) بلا خلاف . وتدلّ عليه عدّة نصوص :

   منها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : إذا قتل الحرّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 184 /  أبواب قصاص الطرف ب 22 ح 3 .

ــ[44]ــ

فلايغرم الزائد، وإذا قتل الأمة فكذلك (1) ، وعلى القاتل قيمتها إذا لم تتجاوز دية الحرّة (2) ، ولو

كان العبد أو الأمة ذمّيّاً غرم قيمة المقتول إذا لم تتجاوز دية الذمّي أو الذمّيّة . ولا فرق فيما ذكرناه بين

كون العبد أو الأمة قنّاً أو

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

العبد غرم قيمته واُدّب» قيل : فإن كانت قيمته عشرين ألف درهم ؟ «قال : لا يجوز بقيمة عبد دية

الحرّ»(1) .

   ومنها : صحيحة ابن مسكان عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : دية العبد قيمته ، فإن كان نفيساً

فأفضل قيمته عشرة آلاف درهم ، ولا يجاوز به دية الحرّ»(2) .

   (1) والسبب فيه : أنّ مورد الروايات المتقدّمة وإن كان هو قتل الحرّ العبد إلاّ أنّ الظاهر منها هو أ

نّها في مقام بيان حكم المملوك من حيث كونه مملوكاً ، بلا فرق بين كونه ذكراً أو اُنثى .

   (2) نظراً إلى انّ دية المرأة نصف دية الرجل ، فإذا لم تتجاوز قيمة العبد العشرة آلاف درهم لم

تتجاوز قيمة الأمة الخمسة آلاف درهم .

   وتدلّ على ذلك صحيحة عبدالله بن مسكان المتقدّمة ، وصحيحته الاُخرى عن أبي عبدالله (عليه

السلام) في حديث قال : «دية المرأة نصف دية الرجل»(3) .

   وبما ذكرنا يظهر حال العبد والأمة الذمّيّين ، فإنّ ديتهما لا تزيد على دية الحرّ منهما .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 97 /  أبواب القصاص في النفس ب 40 ح 4 .

(2) الوسائل 29 : 207 /  أبواب ديات النفس ب 6 ح 2 .

(3) الوسائل 29 : 205 /  أبواب ديات النفس ب 5 ح 1 .

ــ[45]ــ

مدبّراً(1)، وكذلك إذا قتل الحرّ أو الحرّة مكاتباً مشروطاً أو مطلقاً ولم يؤدّ من مال الكتابة شيئاً(2).

ولا فرق في ذلك بين الذكر والاُنثى (3) . ومثل ذلك القتل الخطائي(4) ، غاية الأمر أنّ الدية تحمل

على عاقلة القاتل الحرّ إذا كان خطأً محضاً ، وإلاّ ففي مال القاتل نفسه على تفصيل يأتي .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   بقي هنا شيء ، وهو أنّ المستفاد من الروايات المتقدّمة : أنّ عدم تغريم قاتل العبد بأكثر من عشرة

آلاف درهم إذا كانت قيمته أكثر منها إنّما هو من جهة القتل فقط ، بمعنى : أنّ قاتل العبد عمداً يسقط

عنه القصاص ، وينتقل الأمر إلى الدية ، وهي لا تزيد على دية الحرّ .

   وأمّا إذا كان هناك سبب آخر للضمان غير القتل ، كما إذا غصب الحرّ عبداً ثمّ قتله ، ففي مثل ذلك

لا يبعد الالتزام بضمان تمام قيمته مهما بلغت ، فإنّ الغصب أوجب ذلك .

   ولا موجب لسقوط الضمان، فإنّ القتل العمدي إن لم يوجب الزيادة لم يوجب النقص ، فلو فرضنا

أنّ العبد المذكور قد مات بنفسه كان الغاصب ضامناً لقيمته مهما بلغت ، فكيف به إذا قتله عمداً بعد

غصبه ؟! وقد نسب الشهيد الثاني ذلك إلى بعض الأصحاب وقوّاه(1) .

   (1) لإطلاق الأدلّة وعدم خصوصيّة في البين .

   (2) فإنّه قنٌّ تترتّب عليه أحكامه المتقدّمة .

   (3) ظهر وجهه ممّا تقدّم .

   (4) وذلك لما عرفت من أنّ الثابت في قتل الحرّ العبد عمداً هو الدية ـ  أي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المسالك 2 : 366 (حجري) .

ــ[46]ــ

   (مسألة 44) : إذا اختلف الجاني ومولى العبد في قيمته يوم القتل ، فالقول قول الجاني مع يمينه إذا لم

تكن للمولى بيّنة (1) .
ـــــــــــــــــــ

ـــــ

قيمة العبد المقتول  ـ فلا قود ولا قصاص . والمفروض أنّ الأمر كذلك في قتله العبد خطأً ، فلا فرق

بينهما من هذه الناحية أصلاً .

   نعم ، يفترق القتل الخطائي عن العمدي في نقطة اُخرى ، وهي أنّ القتل إذا كان خطأً فالدية على

عاقلة القاتل لا في مال نفسه .

   (1) لأنّ الجاني يدّعي الأقلّ فيكون قوله مطابقاً للأصل ، فعلى مدّعي الزائد الإثبات .

   وتؤيّد ذلك رواية أبي الورد ، قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل قتل عبداً خطأً ؟ «قال

: عليه قيمته ـ إلى أن قال : ـ إن كان لمولاه شهود أنّ قيمته كانت يوم قتل كذا وكذا اُخذ بها قاتله ،

وإن لم يكن له شهود على ذلك كانت القيمة على من قتله مع يمينه» الحديث(1) .
ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 208 /  أبواب ديات النفس ب 7 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net