كلام المحقق النائيني في خروج بعض العناوين عن محل النزاع 

الكتاب : محاضرات في اُصول الفقه - الجزء الاول   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4678


ــ[261]ــ

ولشيخنا الاُستاذ (قدس سرّه)(1) في المقام كلام : وهو أنّ ما يكون المبدأ فيه منتزعاً عن مقام الذات ولا يحاذيه شيء في الخارج وكان من الخارج المحمول كالعلّة والمعلول والممكن وما يقابـلانه من الواجب والممتنع خارج عن محل البحث ، بتقريب أنّ في أمثال هذه العناوين لا يعقل بقاء الذات وزوال التلبّس فتكون كالعناوين الذاتية ، فإنّ الامكان مثلاً منتزع عن مقام ذات الممكن وهو الانسان ، لا عن أمر خارج عن مقام ذاته وإلاّ فلازمه أن يكون الممكن في مرتبة ذاته خالياً عن الإمكان ولا يكون متّصفاً به ، وحينئذ لزم انقلاب الممكن إلى الواجب أو الممتنع ، لاستحالة خلوّ شيء عن أحد المواد الثلاثة .

أو فقل : إنّ المواد الثلاثة أعني بها الوجوب والإمكان والامتناع ، وإن كانت خارجة عن ذات الشيء وذاتياته ، لأ نّها نسبة إلى وجود الشيء الخارج عن مقام ذاته ، إلاّ أ نّها منتزعة عن ذلك المقام، فلا تعقل أن تخلو ماهية من الماهيات عن إحدى هذه المواد الثلاث في حال من الأحوال ، وهكذا العلية والمعلولية ، فانّهما وإن كانتا خارجتين عن مقام ذات العلّة وذات المعلول ، إلاّ أ نّهما منتزعتان عن نفس ذاتهما لا عن خارج مقام الذات ، فلا يعقل زوال المادة مع بقاء الذات وإلاّ للزم اتصاف ذات العلّة وذات المعلول بغيرهما، وهو كما ترى .

ولكن بالتأمل فيما ذكرناه يظهر الجواب عنه ، وذلك لأنّ البحث في المشتق كما أشرنا إليه آنفاً إنّما هو في وضع الهيئة فقط بلا اختصاص لها بمادة دون مادة ، لما تقدّم سابقاً من أنّ وضع الهيئات نوعي لا شخصي ، مثلاً هيئة (فاعل) وضعت لمعنى ، وهيئة (مفعول) وضعت لمعنى ، وزنة (مفعل) وهي : اسم فاعل من باب الإفعال وضعت لمعنى وهكذا ، ومن الواضح أنّ عدم جريان النزاع في بعض أفراد الهيئة من جهة عدم إمكان بقاء الذات فيها مع زوال المبدأ لا يوجب

ـــــــــــــــــــــ
(1) أجود التقريرات 1 : 78 .

ــ[262]ــ

عدم جريانه في كلّي الهيئة التي تعم ما يعقل فيه بقاء الذات مع انقضاء المبدأ ، ولا يكون البحث حينئذ من سعة مفهوم هذه الهيئة وضيقه لغواً بعد ما كانت الذات باقية حال الانقضاء في جملة من المواد ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، فانّ النزاع في وضع هيئة (مفعل) وهيئة (فاعل) وهيئة (مفعول) ولا ريب أنّ هذه الهيئات لاتختص بالمواد التي لايعقل فيها بقاء الذات مع زوالها كالممكن والواجب والممتنع والعلة والمعـلول وما شاكل ذلك لئـلاّ يجري النزاع فيها ، بل تعم ما يمكن فيه بقاء الذات مع زوال التلبّس وانقضاء المبدأ عنها كالمقيم والمنعم والقائم والضارب والمملوك والمقدور وأشباه ذلك ، ومن المعلوم أنّ عدم جريان النزاع في بعض الأفراد والمصاديق لايوجب لغوية النزاع عن الكلي بعد ما كانت الذات في أكثر مصاديقه قابلة للبقاء مع زوال المادة .

نعم ، لو كانت الهيئة في مثل لفظ الممكن وما يقابلانه موضوعة بوضع على حدة ، لكان لما أفاده شيخنا الاُستاذ (قدس سره) مجال واسع ، وكان البحث عن سعة مفهومهما وضيقه حينئذ لغواً محضاً ، إلاّ أنّ الأمر ليس كذلك ، فانّ الهيئة فيها موضوعة في ضمن وضع لفظ جامع بينها وبين غيرها بوضع نوعي وهو هيئة مفعل مثلاً .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net