الاستدلال على التركب بوجهين آخرين - كلام المحقق الاصفهاني في المقام 

الكتاب : محاضرات في اُصول الفقه - الجزء الاول   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4327


ومضافاً إلى هذا يدل على التركيب وجهان آخران :

الأوّل : أ نّه هو المطابق للوجدان وما هو المتفاهم من المشتق عرفاً ، مثلاً المتمثل من كلمة «قائم» في الذهن ليس إلاّ ذات تلبست بالقيام ، دون المبدأ وحده ، وهذا لعلّه من الواضحات الأوّلية عند العرف .

الثاني : أ نّا لو سلّمنا أ نّه يمكن تصحيح الحمل في حمل المشتق على الذات باعتبار اللاّ بشرط، إلاّ أ نّه لايمكن ذلك في حمل المشتق على مشتق آخر كقولنا : الكاتب متحرك الأصابع ، أو كل متعجب ضاحك ، فانّ المشتق لو كان عين المبدأ فما هو الموضوع وما هو المحمول في أمثال هذه القضايا ؟

ولا يمكن أن يقال : إنّ الموضوع هو نفس الكتابة التي هي معنى المشتق على الفرض ، أو نفس التعجب ، والمحمول هو نفس تحرك الأصابع أو نفس الضحك ، لأ نّهما متباينان ذاتاً ووجوداً ، فلا يمكن حمل أحدهما على الآخر ، لمكان اعتبار الاتحاد من جهة في صحّة الحمل كما عرفت ، وبدونه فلا حمل .

وكذا لا يمكن أن يقال : إنّ الكتابة أو التعجب مع النسبة موضوع ، ونفس تحرك الأصابع أو الضحك محمول بعين الملاك المزبور ، وهو المباينة بينهما وجوداً وذاتاً . على أنّ النسـبة أيضاً خارجة عن مفهوم المشتق على القول بالبساطة .

ــ[323]ــ

إذن لا مناص لنا من الالتزام بأخذ الذات في المشتق ، ليصحّ الحمل في هذه الموارد ، وهذا بنفسه برهان على التركيب .

فالنتيجة من مجموع ما ذكرناه لحدّ الآن : أنّ أخذ مفهوم الذات في المشتق يمكن الوصول إليه من طرق أربعة :

1 ـ بطلان القول بالبساطة .

2 ـ مطابقته للوجدان .

3 ـ عدم إمكان تصحيح حمله على الذات بدون الأخذ .

4 ـ عدم صحّة حمل وصف عنواني على وصف عنواني آخر بغيره .

ثمّ إنّ لشيخنا المحقق (قدس سره) في المقام كلاماً وحاصله : هو أ نّه بعد ما اعترف بمغايرة المشتق ومبدئه وأنّ مفهوم المشتق قد اُخذ فيه ما به يصح حمله على الذات ، ذكر أنّ المأخوذ فيه هو الأمر المبهم من جميع الجهات لمجرد تقوّم العنوان ، وليس من مفهوم الذات ، ولا من المفاهيم الخاصّة المندرجة تحتها في شيء ، بل هو مبهم من جهة انطباقه على المبدأ نفسـه كما في قولنا : الوجود موجود أو البياض أبيض ، ومن جهة عدم انطباقه عليه كما في قولنا : زيد قائم (1) .

وأنت خبير بأنّ الأمر المبهم القابل للانطباق على الواجب والممكن والممتنع لا محالة يكون عنواناً عاماً يدخل تحته جميع ذلك ، هذا من ناحية . ومن ناحية اُخرى : أ نّا لا نجد في المفاهيم أوسع من مفهوم الشيء والذات . إذن لا محالة يكون المأخوذ في مفهوم المشتق هو مفهوم الذات والشيء وهو المراد من الأمر المبهم ، ضرورة أ نّا لا نعقل له معنىً ما عدا هذا المفهوم .

ـــــــــــــــــــــ
(1) نهاية الدراية 1 : 220 .

ــ[324]ــ

وإن شـئت فقل : إنّ مفهوم الشيء والذات مبهم من جميع الجهات والخصوصيات ، ومنطبق على الواجب والممتنع والممكن بجواهره وأعراضه وانتزاعاته واعتباراته .

فما أفاده (قدس سره) من أنّ المأخوذ في مفهوم المشتق ليس من مفهوم الذات ولا مصداقه في شيء غريب ، والإنصاف أنّ كلماته في المقام لا تخلو عن تشويش واضطراب كما لا يخفى .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net