ثمرات النزاع في وجود المقدمة 

الكتاب : محاضرات في اُصول الفقه - الجزء الثاني   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4216

ــ[266]ــ

 
ثمرة النزاع في المسألة

ذكر الأصحاب لها عدّة ثمرات :
الاُولى : صحّة العـبادة إذا كان تركها مقدمة لواجب أهم ، على القول بوجوب المقدمة الموصلة ، وفسادها على القول بوجوب مطلق المقدمة .
ولا يخفى أنّ هذه الثمرة ليست ثمرة لمسألة اُصولية ، كما ذكرنا في محلّه من أنّ ثمرة المسألة الاُصولية ما يترتب عليها بلا ضم مقدمة اُخرى اُصولية ، وهذه الثمرة تتوقف على ضم مقدمتين اُخريين الاُولى : أن يكون ترك الضد مقدمة لفعل الضد الآخر . الثانية : أن يكون النهي الغيري كالنهي النفسي في الدلالة على الفساد ، هذا من ناحية .
ومن ناحية اُخرى : أنّ المقدمتين المذكورتين غير تامتين كما حققنا ذلك في مبحث الضد بشكل موسّع فلانعيد . ومن ناحية ثالثة : أ نّه على تقدير تسليم هاتين المقدمتين وتسليم وجوب المقدمة هل تظهر الثمرة المزبورة بين القولين ؟ ففيه وجهان، الصحيح هو الظهور، بيان ذلك : هو أنّ ترك الصلاة إذا كان مقدمة لواجب أهم كازالة النجاسة عن المسجد مثلاً ، فلا محالة كان ذلك الترك واجباً ، فإذا صار الترك واجباً بطبيعة الحال كان الفعل منهياً عنه ، بناءً على أنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه العام ، والنهي في العبادة يوجب الفساد ، هذا بناءً على القول بوجوب مطلق المقدمة .
وأمّا بناءً على القول بوجوب خصوص المقدمة الموصلة فالصلاة في المثال

ــ[267]ــ

المزبور لا تقع فاسدة ، وذلك لأنّ الواجب على ضوء هذا القول إنّما هو الترك الخاص وهو الترك الموصل لا مطلق الترك ، ومن الطبيعي أنّ نقيضه ـ وهو ترك هذا الترك الخاص ـ ليس عين الصلاة في الخارج ، بل هو مقارن لها لتحققه في ضمن الصلاة مرّة ، وفي ضمن الترك غير الموصل مرّة اُخرى ، ومن المعلوم أنّ الحرمة الثابتة لشيء لا تسري إلى ملازمه فضلاً عن مقارنه اتفاقاً ، وعلى هذا فلا تكون الصلاة منهياً عنها لتقع فاسدة .
وأورد على ذلك شيخنا العلاّمة الأنصاري (قدس سره) على ما في تقريراته (1) من أنّ هذه الثمرة ليست بتامة ، والسبب في ذلك : هو أنّ الفعل على كلا القولين ليس نقيضاً للترك ، لأنّ نقيض كل شيء رفعه ونقيض الترك رفع الترك وهو غير الفعل ، غاية الأمر على القول بوجوب مطلق المقدمة ينحصر مصداق النقيض في الفعل فحسب ، وعلى القول بوجوب خصوص الموصلة فله فردان في الخارج : أحدهما : الفعل ، والآخر : الترك غير الموصل ، حيث إنّ نقيض الأخص أعم ، ومن الواضح أنّ حرمة النقيض كما تسري إلى فعل الصلاة على الأوّل ، كذلك تسري إليه على الثاني ، لفرض أنّ الفعل على كلا القولين ليس عين النقيض ، بل هو فرده وثبوت الحرمة له من باب السراية ، وبديهي أ نّه لا فرق في السراية بين انحصار فرده في الفعل وعدم انحصاره فيه أبداً . فإذن تقع الصلاة على كلا القولين فاسدة فلا تظهر الثمرة بينهما .
والجواب عنه أوّلاً : أنّ الفعل لا يعقل أن يكون مصداقاً للترك ، لاستحالة كون الوجود مصداقاً للعدم لتباينهما ذاتاً واستحالة صدق أحدهما على الآخر ، كيف فانّ العدم لا تحـقق له خارجاً لينطبق على الوجـود . وعلى الجملة : فلا يعقل أن يكون العدم جامعاً بين الوجود والعدم المحض ، وعلى هذا فلا يكون

ـــــــــــــــــــــ
(1) مطارح الأنظار : 78 .

ــ[268]ــ

فعل الصلاة مصداقاً للنقيض ، بل هو مقارن له ، وقد تقدّم أنّ حرمة شيء لا تسري إلى مقارنه .
وثانياً : ما ذكره المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) وقد بيّناه مع زيادة توضيح في مبحث الضد ، وملخصه : هو أنّ الفعل بنفسه نقيض للترك المطلق ورافع له ، بداهة أنّ نقيض الوجود هو العدم البديل له ، ونقيض العدم هو الوجود كذلك ، وهذا هو المراد من جملة أنّ نقيض كل شيء رفعه ، وليس المراد منها أنّ نقيض الترك عدم الترك ، ونقيض عدم الترك عدم عدم الترك وهكذا إلى ما لا نهاية له ، فانّه وإن عبّر به إلاّ أ نّه باعتبار انطباقه على الوجود خارجاً وكونه مرآة له لا أ نّه بنفسه نقيض ، وإلاّ لزم أن لا يكون الوجود نقيضاً للعدم وهو كما ترى ، ولأجل ذلك ، أي كون الوجود نقيضاً للعدم حقيقة وبالعكس ، قد ثبت أنّ النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان .
وعلى ضوء هذا الأساس ، فعلى القول بوجوب المقدمة مطلقاً ، حيث إنّ ترك الصلاة في المثال المتقدم واجب فنقيضه ـ وهو وجود الصلاة ـ بطبيعة الحال يكون منهياً عنه ، وعليه فلا محالة تقع فاسدة . وعلى القول بوجوب خصوص الموصلة بما أنّ الواجب هو الترك الموصل فحسب فلا يكون فعل الصلاة نقيضاً له ، بل هو مقارن له ، وقد تقدّم أنّ الحكم الثابت لشيء لا يسري إلى ملازمه فضلاً عن مقارنه . فالنتيجة في نهاية الشوط : هي أنّ هذه الثمرة تامة وإن لم تكن ثمرة للمسألة الاُصولية على تقدير تسليم وجوب المقدمة من ناحية ، وتسليم المقدمتين المذكورتين من ناحية اُخرى .
الثمرة الثانية : ما أفاده صاحب الكفاية (قدس سره) (1) من أن نتيجة

ـــــــــــــــــــــ
(1) كفاية الاُصول : 123 .

ــ[269]ــ

البحث عن ثبوت الملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدماته هي وجوب المقدمة شرعاً بناءً على الثبوت بعد ضم هذه الكبرى إلى صغرياتها .
وفيه : أنّ هذه النتيجة وإن ترتبت على هذه المسألة بناءً على ثبوت الملازمة بينهما ، إلاّ أ نّها لا تصلح أن تكون ثمرة فقهية للمسألة الاُصولية ، وذلك لعدم ترتب أثر عملي عليها أصلاً بعد حكم العقل بلابدّية الاتيان بالمقدمة . ومن هنا سنقول إنّ حكم الشارع بوجوب المقدمة لغو محض .
الثمرة الثالثة : أنّ المقدمة إذا كانت عبادة فعلى القول بوجوبها أمكن الاتيان بها بقصد التقرب . وأمّا على القول بعدم وجوبها فلا يمكن .
وفيه : أ نّه قد تقدّم (1) أنّ عبادية المقدمة لا تتوقف على وجوبها ، فان منشأها كما عرفت أحد أمرين : إمّا الاتيان بها بقصد التوصل إلى الواجب النفسي وامتثال أمره . وإما الاتيان بها بداعي أمرها النفسي المتعلق بها كما في الطهارات الثلاث ، فالوجوب الغيري لا يكون منشأ لعباديتها أصلاً .
الثمرة الرابعة : بِرّ النذر بالاتيان بالمقدمة على القول بوجوبها فيما إذا تعلّق بفعل واجب ، وعدم حصول البِرّ به على القول بعدم وجوبها .
وغير خفي أمّا أوّلاً : أنّ مثل هذه الثمرة لا يوجب كون البحث عن وجوب المقدمة بحثاً اُصولياً ، وذلك لأنّ المسألة الاُصولية هي ما تقع في طريق استنباط الحكم الكلي الإلهي بعد ضم صغراها إليها بلا توسط مسألة اُصولية اُخرى كالقواعد التي يستنبط منها مثل وجوب الوفاء بالنذر أو نحوه ، وما نحن فيه ليس من هذا القبيل ، فانّ المترتب على مسألتنا هذه إنّما هو انطباق الحكم الشرعي الكلي المعلوم المستنبط من دليله على الاتيان بالمقدمة ، ومن الواضح

ـــــــــــــــــــــ
(1) في ص 236 .

ــ[270]ــ

أنّ المسألة لا تكون بذلك اُصولية .
وأمّا ثانياً : فلأ نّها لو تمّت فانّما تتم على القول بوجوب مطلق المقدمة ، وأمّا بناءً على القول بوجوب خصوص الموصلة فلا تظهر إلاّ إذا أتى بذي المقدمة أيضاً ، وإلاّ لم يأت بالواجب ، وعندئذ فلا تظهر الثمرة كما لا يخفى .
وأمّا ثالثاً : فلأنّ الوفاء بالنذر تابع لقصد الناذر، فان قصد من لفظ الواجب خصوص الواجب النفسي لم يكف الاتيان بالمقدمة في الوفاء به ولو قلنا بوجوبها ، وإن قصد منه مطلق ما يلزم الاتيان به ولو عقلاً ، كفى الاتيان بها وإن قلنا بعدم وجوبها . نعم ، لو كان قصده الاتيان بالواجب الشرعي من دون نظر إلى كونه نفسياً أو غيرياً ولو من ناحية عدم الالتفات إلى ذلك ، ولم يكن في البين ما يوجب الانصراف إلى الأوّل ، كفى الاتيان بالمقدمة على القول بوجوبها دون القول بعدم وجوبها .
الثمرة الخامسة : هي أ نّه على القول بوجوب المقدمة لا يجوز أخذ الاُجرة عليها ، لأ نّه من أخذ الاُجرة على الواجبات ، وعلى القول بعدم وجوبها يجوز ذلك .
وفيه أوّلاً : أ نّنا قد حققنا في محلّه (1) أنّ الوجوب بما هو وجوب لا يكون مانعاً من أخذ الاُجرة على الواجب ، سواء أكان وجوبه عينياً أم كان كفائياً ، توصلياً كان أم عبادياً ، إلاّ إذا قام دليل على لزوم الاتيان به مجاناً كتغسيل الميت ودفنه ونحو ذلك ، فعندئذ لا يجوز أخذ الاُجرة عليه ، وبما أ نّه لا دليل على لزوم الاتيان بالمقدمة مجّاناً فلا مانع من أخذ الاُجرة عليه وإن قلنا بوجوبها .
وثانياً : لو تنزّلنا عن ذلك فلا بدّ من التفصيل بين المقدمات العبادية

ـــــــــــــــــــــ
(1) مصباح الفقاهة 1 : 468 .

ــ[271]ــ

كالطهارات الثلاث وبين غيرها من المقدمات ، فانّه لو كان هناك مانع من أخذ الاُجرة عليها إنّما هو عباديتها ، سواء أكانت واجبة أم لم تكن ، فلا دخل لوجوبها بما هو وجوب في ذلك أبداً ، بل ربّما يكون الشيء غير واجب فمع ذلك لا يجوز أخذ الاُجرة عليه كالأذان مثلاً . فالنتيجة : أ نّه لا ملازمة بين وجوب شيء وعدم جواز أخذ الاُجرة عليه أصلاً ، بل النسبة بينهما عموم من وجه .
ومن هنا يظهر أنّ ما أفاده شيخنا الاُستاذ (قدس سره) (1) من أنّ جواز أخذ الاُجرة على المقدمة وعدم جوازه يدوران مدار جواز أخذها على ذي المقدمة وعدم جوازه ، خاطئ جداً ، ضرورة أنّ المقدمة ليست تابعة لذيها من هذه الناحية ، ولا دليل على هذه التبعية ، وإنّما كانت تبعيتها في الوجوب فحسب ، وبعد القول بوجوبها فهي واجبة مستقلة ، فجواز أخذ الاُجرة عليها أو عدم جوازه يحتاج إلى دليل ، ولا صلة له بالجواز أو عدمه على الواجب النفسي أصلاً . على أنّ هذه الثمرة ليست ثمرة للمسألة الاُصولية .
الثمرة السادسة : حصول الفسق بترك الواجب النفسي مع مقدماته الكثيرة على القول بوجوبها ، وعدم حصوله على القول بعدمه .
وفيه : مضافاً إلى أ نّه لابدّ من فرض الكلام فيما إذا كان ترك الواجب النفسي من الصغائر دون الكبائر ، وإلاّ لكان تركه بنفسه موجباً لحصول الفسق من دون حاجة [ إلى ] ترك مقدماته ، أنّ هذه الثمرة تبتني على أمرين ، الأوّل : التفصيل بين المعاصي الكبيرة والصغيرة ، والالتزام بحصول الفسق في الاُولى ، وعدم حصوله في الثانية إلاّ في فرض الاصرار عليها . الثاني : أن يكون الاصرار عبارة عن ارتكاب معاص عديدة ولو في زمن واحد ودفعة واحدة .

ـــــــــــــــــــــ
(1) أجود التقريرات 1 : 357 .

ــ[272]ــ

ولكنّ للمناقشة في كلا الأمرين مجالاً واسعاً .
أمّا الأوّل : فلما ذكرناه في محلّه من أ نّه لا أساس لهذا التفصيل أصلاً ، وأ نّه لا فرق بين المعصية الكبيرة والصغيرة من هذه الناحية ، فكما أنّ الاُولى توجب الفسق والخروج عن جادة الشرع يميناً وشمالاً ، فكذلك الثانية . وبكلمة اُخرى : قد ذكرنا غير مرّة أنّ الفسق عبارة عن خروج الشخص عن جادة الشرع يميناً وشمالاً ، ويقابله العدل فانّه عبارة عن الاستقامة في الجادة وعدم الخروج عنها كذلك ، ومن البديهي أنّ المعصية الصغيرة كالكبيرة توجب الفسق والخروج عن الجادة، فإذن لاتترتب هذه الثمرة على القول بوجوب المقدمة أصلاً كما هو ظاهر .
وأمّا الثاني : فلأنّ الاصرار على المعصية عبارة عرفاً عن ارتكابها مرّة بعد اُخرى، وأمّا ارتكاب معاصي عديدة مرّة واحدة فلا يصدق عليه الاصرار يقيناً، بداهة أنّ من نظر إلى جماعة من النِّساء الأجنبيات دفعة واحدة وإن كان يرتكب معاصي عديدة إلاّ أ نّه لا يصدق على ذلك الاصرار ، وعليه فلا ثمرة . ولو تنزلنا عن جميع ذلك فأيضاً لا مجال لها ، لما قد عرفت من أ نّه لا معصية في ترك المقدمة بما هو مقدمة وإن قلنا بوجوبها حتّى يحصل الاصرار على المعصية ، ضرورة أنّ المدار في حصول المعصية وهتك المولى إنّما هو بمخالفة الأمر النفسي ، فلا أثر لمخالفة الأمر الغيري بما هو أمر غيري أصلاً . أضف إلى ما ذكرناه : أنّ هذه الثمرة على تقدير تسليمها لا تصلح أن تكون ثمرة للمسألة الاُصولية .
الثمرة السابعة : أنّ المقدمة إذا كانت محرّمة فعلى القول بوجوبها يلزم اجتماع الأمر والنهي دون القول بعدم الوجوب .
وقد أورد المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) (1) على هذه الثمرة باُمور

ـــــــــــــــــــــ
(1) كفاية الاُصول : 124 .

ــ[273]ــ

ثلاثة :
الأوّل : أنّ مسألة اجتماع الأمر والنهي إنّما هي ترتكز على ما إذا كان هناك عنوان تعلّق بأحدهما الأمر وبالآخر النهي وقد اجتمعا في مورد واحد اتفاقاً ، وأمّا إذا كان هناك عنوان واحد تعلّق به كل من الأمر والنهي فهو خارج عن هذه المسألة وداخل في مسألة النهي عن العبادات والمعاملات ، وما نحن فيه من قبيل الثاني ، فان عنوان المقدمة عنوان تعليلي خارج عن متعلق الأمر ، وعليه فبطبيعة الحال تعلّق كل من الأمر والنهي بشيء واحد ، وهو ما كان مقدمة بالحمل الشائع .
ويردّه : أنّ عنوان المقدمة وإن كان عنواناً تعليلياً وخارجاً عن متعلق الأمر، إلاّ أنّ المأمور به هو الطبيعي الجامع بين هذا الفرد المحرّم وغيره ، وعليه فيكون متعلق الأمر غير متعلق النهي ، فان متعلق الأمر هو طبيعي الوضوء أو الغسل مثلاً ، أو طبيعي تطهير البدن أو اللباس ، ومتعلق النهي حصة خاصة من هذا الطبيعي بعنوان الغصب أو نحوه ، وبما أنّ متعلق الأمر والنهي ينطبقان على هذه الحصة فهي مجمع لهما وتكون من موارد الاجتماع .
الثاني : أ نّه لا يلزم في المقام اجتماع الوجوب والحرمة في شيء واحد ، وذلك لأنّ المقدمة لا تخلو من أن تكون منحصرة أو غير منحصرة ، فعلى الأوّل ، فان كان ملاك الوجوب أقوى من ملاك الحرمة فلا حرمة في البين ، وإن كان العكس فبالعكس ، وعلى الثاني فلا محالة يختص الوجوب بغير المحرّم من المقدمة ، لوضوح أنّ العقل لا يحكم بالملازمة إلاّ بين وجوب شيء ووجوب خصوص مقدماته المباحة . فالنتيجة : أنّ المقدمة لا يكون مجمعاً للوجوب والحرمة .
ويردّه : أنّ الأمر وإن كان كذلك في صورة انحصار المقدمة بالمحرّمة ، إلاّ أ نّه

ــ[274]ــ

لايتم في صورة غير الانحصار، والسبب فيه هو أ نّه لا موجب لتخصيص الوجوب في هذه الصورة بخصوص المقدمة المباحة بعد ما كانت المقدمة المحرمة مثلها في الواجدية للملاك ـ وهو توقف الواجب عليها ووفائها بالغرض ـ ومجرد كون المقدمة محرّمة من ناحية انطباق عنوان المحرّم عليها لا يخرجها عن واجديتها للملاك ، إذ كما أنّ اجتماع الواجب النفسي مع عنوان محرّم لا ينافي وقوعه على صفة المطلوبية بناءً على القول بجواز اجتماع الأمر والنهي وعدم سراية النهي من متعلقه إلى ما ينطبق عليه متعلق الأمر ، كذلك اجتماع الواجب الغيري كالمسير إلى الحج مثلاً مع عنوان محرّم كالغصب لا ينافي وقوعه على صفة المطلوبية ، ومن الواضح أ نّه لا فرق من هذه الناحية بين الواجب النفسي والغيري .
الثالث : أنّ الغرض من المقدمة إنّما هو التوصل بها إلى الواجب النفسي ، فان كانت توصلية أمكن التوصل بها إلى الواجب النفسي ، وإن كانت محرّمة سواء فيه القول بوجوب المقدمة والقول بعدمه ، ضرورة أ نّه لا أثر له في ذلك أبداً ، وإن كانت تعبدية كالطهارات الثلاث ، فعندئذ إن قلنا بجواز اجتماع الأمر والنهي صحت العبادة في مورد الاجتماع ، سواء أقلنا بوجوب المقدمة أم لم نقل ، وإن قلنا بامتناع الاجتماع وتقديم جانب النهي على جانب الأمر فلا مناص من الحكم بفسادها ، من دون فرق أيضاً بين القول بوجوب المقدمة والقول بعدم وجوبها ، فإذن لا ثمرة للقول بالوجوب من هذه الناحية .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net