المرجح الأوّل : كون أحد الواجبين ممّا لا بدل له 

الكتاب : محاضرات في اُصول الفقه - الجزء الثالث   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4740


المرجح الأوّل:
ما ذكره شيخنا الاُستاذ (قدس سره) (1) وهو كون أحد الواجبين ممّا لا بدل له والآخر ممّا له بدل، فيقدم الأوّل على الثاني في مقام المزاحمة، وهذا يتحقق في أحد موضعين:
أحدهما: ما إذا كان لأحد الواجبين بدل في عرضه دون الآخر، كما إذا كان أحدهما واجباً تخييرياً، والآخر واجباً تعيينياً، ففي مثل ذلك إذا وقعت المزاحمة بين الواجب التعييني وبعض أفراد الواجب التخييري، قدّم الواجب التعييني على التخييري، والوجه في ذلك واضح، وهو أنّ وجوب الواجب التخييري لا يقتضي لزوم الاتيان بخصوص الفرد المزاحم، وإنّما يقتضي لزوم الاتيان بالجامع بينه وبين غيره، والمفروض أنّ وجوب الواجب التعييني يقتضي الاتيان بخصوص ذلك الفرد المزاحم، ومن المعلوم أنّ ما لا اقتضاء فيه لا يمكن أن يزاحم ما فيه الاقتضـاء، فالنتيجة أنّ في مقام المزاحمة بين التكليفين يقدّم ما ليس له البدل على ما له البدل.
ـــــــــــــــــــــ
(1) أجود التقريرات 2: 34.

ــ[26]ــ

ثانيهما: ما إذا كان لأحد الواجبين بدل في طوله دون الواجب الآخر، وقد مثّل لذلك بما إذا وقع التزاحم بين الأمر بالوضوء أو الغسل والأمر بتطهير البدن للصلاة، وحيث إنّ للوضوء أو الغسل بدلاً وهو التيمم فلا يمكن مزاحمة أمره مع أمر تطهير البدن، فيقدّم الأمر بالطهارة الخبثية على الأمر بالطهارة الحدثية، وإن كان الثاني أهم من الأوّل، وذلك لما عرفت من أنّ ما لا اقتضاء فيه لا يمكن أن يزاحم ما فيه الاقتضاء.
وذكر (قدس سره) فرعاً آخر أيضاً لهذه الكبرى وهو: ما إذا دار الأمر بين إدراك تمام الركعات في الوقت مع الطهارة الترابية وإدراك ركعة واحدة مع الطهارة المائية، كما إذا صار الوقت ضيّقاً بحيث لو توضأ أو اغتسل لم يدرك من الركعات إلاّ ركعة واحدةً، وأمّا إذا تيمم بدلاً عن الوضوء أو الغسل فيدرك تمام الركعات في الوقت، ففي مثل ذلك يقدّم إدراك تمام الركعات في الوقت مع الطهارة الترابية على إدراك ركعة مع الطهارة المائية، لأنّ للصلاة مع الطهارة المائية بدلاً وهو الصلاة مع الطهارة الترابية، وأمّا الصلاة في الوقت فحيث إنّه لا بدل لها فتقدّم على الصلاة مع الطهارة المائية في مقام المزاحمة، لأنّ ما له البدل لا يصلح أن يزاحم ما لا بدل له.
وقد يشكل في المقام بأنّ لادراك تمام الركعات في الوقت أيضاً بدلاً وهو إدراك ركعة واحدة فيه بمقتضى الروايات الدالة على أنّ من أدرك ركعةً واحدةً في الوقت فقد أدرك تمام الصلاة(1)، فاذن يدور الأمر بين واجبين لكل منهما بدل، فلا وجه لتقديم الأمر بالصلاة في الوقت على الأمر بالصلاة مع الطهارة المائية.
ـــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 4: 217 / أبواب المواقيت ب 30.

ــ[27]ــ

وأجاب (قدس سره) عن هذا الاشكال: بأنّ بدلية إدراك الركعة الواحدة عن تمام الصلاة في الوقت إنّما هي في فرض عجز المكلف عن إدراك تمام الصلاة فيه لا مطلقاً، والمفروض أنّ المكلف قادر على إدراك تمامها فيه، وعليه فلا موجب لسقوط الأمر باتيان تمام الصلاة في وقتها، فاذا لم يسقط فلا محالة يسقط الأمر بالصلاة مع الطهارة المائية، لعجز المكلف عنها تشريعاً وإن لم يكن عاجزاً تكويناً، وهذا كاف في الانتقال إلى بدلها وهو الصلاة مع الطهارة الترابية، لما ذكرناه غير مرّة من أنّ الأمر بالطهارة المائية مشروط بالتمكن من استعمال الماء عقلاً وشرعاً، ولا يكفي التمكن العقلي فحسب.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net