الاحتياط في العبادة مع عدم معلومية التكليف - كلام المحقق النائيني في المقام 

الكتاب : مصباح الاُصول - الجزء الاول   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4652


 المسألة الثالثة: هي المسألة الاُولى مع عدم كون التكليف معلوماً أصلاً، بأن يكون الأمر دائراً بين الوجوب والاباحة. وربّما يمنع من الاحتياط فيها لوجهين:

 الوجه الأوّل: ما تقدّم في المسألة الاُولى من اعتبار قصد الوجه المانع من الاحتياط. ولا يجري هنا ما ذكرناه في المسألة الاُولى من إمكان الاشارة إلى عنوان له دخل في حسن العمل بقصد الأمر، لعدم إحراز الأمر في المقام، بخلاف

ــ[90]ــ

المسألة الاُولى.

 إلاّ أ نّه يكفي في الجواب عنه ما ذكرناه أوّلاً من أنّ قصد عنوان خاص وقصد الوجه ممّا لا دليل على اعتـباره، واحتماله مدفوع بالأصل اللفظي أو الأصل العملي أو بعدم التنبيه عليه على ما تقدّم بيانه.

 الوجه الثاني: ما ذكره المحقق النائيني (1) (قدس سره) من أنّ العقل يحكم بأ نّه يعتبر في تحقق الاطاعة أن يكون العبد منبعثاً نحو العمل من بعث المولى لا عن احتمال بعثه، فالامتثال الاحتمالي يكون في طول الامتثال اليقيني بحكم العقل، فلا مجال للاحتياط مع التمكن من العلم بالواقع تفصيلاً على ما هو المفروض. وعلى تقدير عدم استقلال العقل بذلك لا أقل من الشك في اعتباره، لعدم اسـتقلاله بعدمه، فيكون المرجع قاعدة الاشـتغال، لأنّ الشك متعلق بمرحلة الامتثال وسقوط التكليف، فكان مورداً للاشتغال لا البراءة.

 وفيه: أنّ الاطاعة ليست إلاّ عبارة عن الاتيان بما أمر به المولى بجميع قيوده مضافاً إلى المولى، وقد ذكرنا مراراً أنّ حكم العقل عبارة عن إدراكه، فهو يدرك حسن الاطاعة، وأ نّها موجبة لاستحقاق الثواب، وتركها موجب لاستحقاق العقاب، وليس له أن يحكم باعتبار شيء في متعلق أمر المولى مع عدم كونه مأخوذاً فيه شرعاً، إذ العقل ليس مشرّعاً يزيد شيئاً في المأمور به أو ينقص منه، فلنا جزم بأ نّه لا يعتبر في الطاعة إلاّ الاتيان بما أمر به المولى بجميع قيوده مضافاً إليه. وأمّا كون الانبعاث من بعث المولى لا عن احتماله فغير معتبر فيها جزماً.

 ومع التنزل والشك كان المرجع هو البراءة لا الاشتغال على ما هو الصحيح

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أجود التقريرات 3: 79 ـ 82، فوائد الاُصول 3: 72 ـ 74.

ــ[91]ــ

في دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين. هذا على القول بكون قصد القربة وما يرجع إليه معتبراً شرعاً واختاره المحقق النائيني (1) (قدس سره).

 وأمّا على القول بكونه عقلياً، كما هو المختار لصاحب الكفاية (2) (قدس سره) فالشك في اعتبار شيء يرجع إلى قصد القربة وإن لم يكن مجرى للبراءة، إلاّ أ نّه يستكشف عدم اعتباره من عدم البيان، لكونه ممّا يغفل عنه نوع المكلفين، فعلى تقدير الاعتـبار كان على المولى البيان والتنبيه عليه، فمع عدم البيان يستكشف عدم اعتباره لا محالة.
ـــــــــــــــــ

(1) أجود التقريرات 1: 173 ـ 176، فوائد الاُصول 1: 161 و 162.

(2) كفاية الاُصول: 72.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net