موثقة إسحاق بن عمار \ رواية الخصال 

الكتاب : مصباح الاُصول - الجزء الثاني   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 5411


 وظهر بما ذكرنا صحة الاستدلال بموثقة [ إسحاق بن ] عمار عن أبي الحسن (عليه السلام) «قال (عليه السلام): إذا شككت فابن على اليقين، قلت: هذا أصل؟ قال (عليه السلام): نعم»(1) فانّ المراد منها البناء على المتيقن والاتيان بالمشكوك فيها منفصلة لأجل الأخبار الخاصة بالبيان المتقدم، ولا اختصاص لها بالشك في عدد الركعات، بل قاعدة كلّية في باب الصلاة وغيرها مما شك فيه، فليس المراد من اليقين هو اليقين بالبراءة بالبناء على الأكثر، والاتيان بالمشكوك فيها منفصلة على ما ذكره الشيخ(2) (قدس سره) فانّ الداعي إلى الحمل على هذا المعنى في الصحيحة كون الحمل على الأقل مخالفاً للمذهب. وبعد ما ذكرنا من عدم اختصاص الموثقة بالشك في عدد ركعات الصلاة لا وجه للحمل على هذا المعنى، وفي نفس الموثقة ظهور في أنّ المراد من اليقين

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8: 212 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 8 ح 2.

(2) فرائد الاُصول 2: 568.

ــ[77]ــ

هو اليقين الموجود، لا تحصيل اليقين فيما بعد، فانّ قوله (عليه السلام): «فابن على اليقين» أمر بالبناء على اليقين الموجود، لا أمر بتحصيل اليقين، غاية الأمر أ نّه في الشك في عدد الركعات بعد البناء على اليقـين يجب الاتيان بالمشكوك فيها منفصلة للأخبار الخاصة، ولا تنافي بينها وبين الاستصحاب على ما ذكرنا من التوجيه.

 ومن جملة ما استدل به على حجية الاستصحاب: رواية الخصال عن أمير المؤمنـين (عليه السلام) قال (عليه السلام): «من كان على يقـين فشك فليمض على يقينه، فانّ الشك لا ينقض اليقين»(1) وفي نسخة اُخرى «من كان على يقين فأصابه شك فليمض على يقينه، فانّ اليقين لا يدفع بالشك»(2).

 واستشكل في دلالتها على حجية الاستصحاب: بأنّ صريحها سبق زمان اليقين على زمان الشك، فهي دليل على قاعدة اليقين لاعتبار تقدم اليقين على الشك فيها، بخلاف الاستصحاب فانّ المعتبر فيه كون المتيقن سابقاً على المشكوك فيه، أمّا اليقين والشك فقد يكونان متقارنين في الحدوث، بل قد يكون الشك سابقاً على اليقين على ما تقدّم(3) في ضابطة الفرق بين القاعدة والاستصحاب.

 وأجاب عنه صاحب الكفاية(4) بما حاصله: أنّ اليقين طريق إلى المتيقن، والمتداول في التعبير عن سبق المتيقن على المشكوك فيه هو التعبير بسبق اليقين

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الخصال: 619، الوسائل 1: 246 ـ 247 / أبواب نواقض الوضوء ب 1 ح 6.

(2) هذا النص مروي في الإرشاد 1: 302، المستدرك 1: 228 / أبواب نواقض الوضوء ب 1 ح 4.

(3) في ص 8 ـ 9.

(4) كفاية الاُصول: 397.

ــ[78]ــ

على الشك، لما بين اليقين والمتيقن من نحو من الاتحاد، فالمراد هو سبق المتيقن على المشكوك فيه.

وذُكر في هامش الرسائل جواب آخر وربّما ينسب إلى المرحوم الميرزا الشيرازي الكبير(1) (قدس سره) وهو أنّ الزمان قيد في قاعدة اليقين وظرف في الاستصحاب، وحيث إنّ الأصل في الزمان هو الظرفية فكونه قيداً يحتاج إلى الاثبات، ولم يدل دليل على كون الزمان قيداً في المقام، فالمتعيّن كونه ظرفاً، فتكون الرواية دالة على حجية الاستصحاب دون قاعدة اليقين.

 وفيه: ما تقدّم(2) في ضابطة الفرق بين الاستصحاب وقاعدة اليقين، وملخّصه: أنّ الزمان ليس قيداً في شيء منهما، بل ظرف في كليهما، والفرق بينهما أنّ متعلق الشك في الاستصحاب هو البقاء وفي قاعدة اليقين هو الحدوث، وتقدّم تفصيل الكلام في الفرق بينهما في أوائل بحث الاستصحاب.

 ويمكن أن يجاب عن الاشكال المذكور: بأن ظاهر قـوله (عليه السلام): «فليمض على يقينه» هو الاستصحاب لا قاعدة اليقين، لكونه أمراً بالبناء على اليقين الموجود نظير ما مرّ في قوله (عليه السلام): «فابن على اليقين» وليس في مورد القاعدة يقين فعلي حتى يؤمر بالبناء عليه، بل كان يقين وقد زال بالشك الساري، بل لم يعلم أ نّه كان يقيناً لاحتمال كونه جهلاً مركباً، ويعتبر في اليقين مطابقته للواقع بخلاف القطع، غاية الأمر أ نّه كان تخيل اليقين ولا يصحّ التعبير

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [ هذا الجواب ذكر في بعض طبعات الرسائـل في الحاشية واحتمل المحقق النائيني (قدس سره) على ما في أجود التقريرات انّها من العلاّمة الشيرازي (قدس سره)، وفي الطبعات الاُخرى اُدرج في المتن كما في الطبعة المعتمدة، فرائد الاُصول2: 570].

(2) في ص 8 ـ 9.

ــ[79]ــ

عن التردد النفساني الموجود فعلاً باليقين، لعدم صحة إطلاق الجوامد إلاّ مع وجود المـبدأ، وإطلاق المشتق على المنقضي عنه المبدأ حقيقةً وإن كان محلاً للكلام، إلاّ أ نّه ليس في الرواية لفظ المتيقن حتى يقال إنّه شامل لمن كان متيقناً باعتبار المنقضي عنه المبدأ على أحد القولين في المشتق، هذا.

 ولكنّ الذي يسهّل الأمر أنّ الرواية ضعيفة غير قابلة للاستدلال بها، لكون قاسم بن يحيى في سندها، وعدم توثيق أهل الرجال إياه، بل ضعّفه العلاّمة (قدس سره) ورواية الثقات عنه لا تدل على التوثيق على ما هو مذكور في محلّه(1).
ــــــــــــــ

(1) معجم رجال الحديث 15: 67 / 9589، وقد استنتج هناك وثاقته.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net