الشك في تقدّم وتأخر حادث بالاضافة إلى حادث آخر - استصحاب أحد جزأي الموضوع المركب 

الكتاب : مصباح الاُصول - الجزء الثاني   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4596


 وأمّا المقام الثاني: وهو ما إذا كان الشك في تقدم حادث وتأخره بالنسبة إلى حادث آخر، كما إذا علمنا بموت الوالد وإسلام الولد وشككنا في أنّ الاسلام متقدم على الموت ليرث الولد من والده أو أ نّه متأخر عنه لئلا يرث منه، فتحقيق الكلام فيه يقتضي ذكر مقدمة وهي: ما أشرنا إليه آنفاً من أنّ الموضوع إذا كان بسيطاً لا يمكن ترتيب أثره باستصحاب يجري في ملزومه، وإن كان الموضوع مركباً من أمرين، فلا مانع من جريان الاستصحاب وترتيب أثر هذا الموضوع المركب إذا كان أحد الجزأين محرزاً بالوجدان والآخر بالأصل، كما إذا شككنا في حياة الولد حين موت والده، فانّ الموضوع للارث مركب من أمرين: موت الوالد، وحياة الولد حين موت الوالد، وأحد الجزأين محرز بالوجدان وهو موت الوالد، والجزء الآخر وهو حياة الولد يحرز بالاستصحاب، فيترتب عليه الحكم لا محالة.

 وكذا الحال في موضوع جواز التقليد، فاذا كان زيد عادلاً ولم يكن عالماً فصار عالماً، وشككنا في بقاء عدالته، فنحرز عدالته بالاستصحاب وعلمه بالوجدان، فيحكم بجواز تقليده.

 وكذا الكلام في متعلق الحكم، فانّه إذا كان مركباً لا مانع من جريان الاستصحاب في أحد جزأيه مع إحراز الجزء الآخر بالوجدان، كما هو الحال في الصلاة فانّ الواجب علينا الاتيان بها مع الستر والطهارة من الحدث والخبث مثلاً، فباحراز الطهارة مثلاً بالأصل والباقي بالوجدان يترتب الأثر وهو جواز

ــ[214]ــ

الاكتفاء بما أتى به في مقام الامتثال.

 وربّما يقال: بأنّ هذا الاستصحاب معارض باستصحاب عدم تحقق المجموع المركب، فاذا صلينا مع الشك في الطهارة مثلاً نستصحب عدم تحقق الصلاة مع الطهارة في الخارج.

 وأجاب عنه المحقق النائيني (قدس سره) (1) بأنّ الشك في تحقق المجموع مسبب عن الشك في تحقق الجزء المشكوك فيه، فاذا جرى الاستصحاب فيه كان حاكماً على استصحاب عدم تحقق المجموع.

 وفيه: أنّ الاستصحاب السببي إنّما يكون حاكماً على الاستصحاب المسببي فيما إذا كانت السببية شرعية، كما إذا غسلنا ثوباً متنجساً بماء شك في بقاء طهارته، فانّ طهارة الماء سبب شرعي لطهارة الثوب المغسول به، فباستصحاب الطهارة في الماء يرتفع الشك في طهارة الثوب، وهذا بخلاف ما إذا كانت السببية عقلية ـ كما في المقام ـ فلا حكومة لأحد الأصلين على الآخر.

 والتحقيق في الجواب أن يقال: إنّه إذا كان عنوان المجموع المركب موضوعاً لحكم، فهو لا محالة عنوان بسيط لا يمكن إثباته باستصحاب أحد الجزأين، مع قطع النظر عن المعارضة كما تقدم، وهو خارج عن محل الكلام. وأمّا إذا كانت ذوات الأجزاء دخيلة في الحكم ولم يكن لعنوان المجموع دخل فيه، فليس لنا شك في موضوع الحكم، إذ المفروض أنّ أحد الجزأين محرز بالوجدان، والآخر محرز بالأصل.

 إذا تمهّدت هذه المقدمة فنقول: إذا شك في تقدم حادث وتأخره بالنسبة إلى حادث آخر، فالصور المتصورة فيه ثمان: فانّ الحادثين إمّا أن يكونا مجهولي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أجود التقريرات 4: 147.

ــ[215]ــ

التاريخ، أو يكون تاريخ أحدهما معلوماً، وعلى كلا التقديرين إمّا أن يكون الأثر مترتباً على الوجود الخاص من السبق واللحوق، أو على العدم، وعلى التقادير الأربعة: إمّا أن يكون الأثر مترتباً على الوجود والعدم بمفاد كان وليس التامتين، أو على الوجود والعدم بمفاد كان وليس الناقصتين.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net