تمهيد - عبدالله بن عامر الدمشقي 

الكتاب : البيان في تفسـير القرآن - خطبـة الكتاب   ||   القسم : التفسير   ||   القرّاء : 5538

 

ــ[121]ــ
 

أضواء على القراء
 

ــ[122]ــ


*حال القراء السبعة وهم: عبد الله بن عامر. ابن كثير المكي. عاصم بن بهدلة الكوفي. أبو عمرو البصري. حمزة الكوفي. نافع المدني. الكسائي الكوفي.
* ثلاثة قراء آخرون هم: خلف بن هشام البزار. يعقوب بن إسحاق. يزيد بن القعقاع.

ــ[123]ــ

تمهـيد:
لقد اختلفت الآراء حول القراءات السبع المشهورة بين الناس، فذهب جمع من علماء أهل السنة إلى تواترها عن النبي (صلى الله عليه وآله) وربما ينسب هذا القول إلى المشهور بينهم. ونقل عن السبكي القول بتواتر القراءات العشر(1) وأفرط بعضهم فزعم أن من قال إن القراءات السبع لا يلزم فيها التواتر فقوله كفر. ونسب هذا الرأي إلى مفتي البلاد الاندلسية أبي سعيد فرج ابن لب (2).
والمعروف عند الشيعة أنها غير متواترة، بل القراءات بين ما هو اجتهاد من القارئ وبين ما هو منقول بخبر الواحد. واختار هذا القول جماعة من المحققين من علماء أهل السنة. وغير بعيد أن يكون هذا هو المشهور بينهم -كما ستعرف ذلك - وهذا القول هو الصحيح. ولتحقيق هذه النتيجة لابد لنا من ذكر أمرين:
الأول: قد أطبق المسلمون بجميع نحلهم ومذاهبهم على أن ثبوت القرآن ينحصر طريقه بالتواتر. واستدل كثير من علماء السنة والشيعة على ذلك: بأن القرآن تتوافر الدواعي لنقله، لأنه الأساس للدين الإسلامي، والمعجز الإلهي لدعوة نبي المسلمين.
وكل شيء تتوفر الدواعي لنقله لا بد وأن يكون متواترا. وعلى ذلك فما كان نقله بطريق الآحاد لا يكون من القرآن قطعا.
نعم ذكر السيوطي: "أن القاضي أبابكر قال في الانتصار: ذهب قوم من الفقهاء
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مناهل العرفان للزرقاني: ص 433.
(2) نفس المصدر: ص 428.

ــ[124]ــ

والمتكلمين إلى إثبات قرآن حكما لا علما بخبر الواحد دون الاستفاضة وكره ذلك أهل الحق، وامتنعوا منه" (1).
وهذا القول الذي نقله القاضي واضح الفساد - لنفس الدليل المتقدم - وهو أن توفر الدواعي للنقل دليل قطعي على كذب الخبر إذا اختص نقله بواحد أو اثنين. فإذا أخبرنا شخص أو شخصان بدخول ملك عظيم إلى بلد، وكان دخول ذلك الملك إلى ذلك البلد مما يمتنع في العادة أن يخفى على الناس، فإنا لا نشك في كذب هذا الخبر إذا لم ينقله غير ذلك الشخص أو الشخصين، ومع العلم بكذبه كيف يكون موجبا لإثبات الآثار التي تترتب على دخول الملك ذلك البلد. وعلى ذلك، فإذا نقل القرآن بخبر الواحد، كان ذلك دليلا قطعيا على عدم كون هذا المنقول كلاما إلهيا، وإذا علم بكذبه، فكيف يمكن التعبد بالحكم الذي يشتمل عليه.
وعلى كل حال فلم يختلف المسلمون في أن القرآن ينحصر طريق ثبوته والحكم بأنه كلام إلهي بالخبر المتواتر.
وبهذا يتضح أنه ليست بين تواتر القرآن، وبين عدم تواتر القراءات أية ملازمة، لأن أدلة تواتر القرآن وضرورته لا تنبت -بحال من الأحوال - تواتر قراءاته، كما ان أدلة نفي تواتر القراءات لا تتسرب إلى تواتر القرآن بأي وجه وسيأتي بيان ذلك - في بحث "نظرة في القراءات" - على وجه التفصيل.
الثاني: ان الطريق الأفضل إلى إثبات عدم تواتر القراءات هو معرفة القراء أنفسهم، وطرق رواتهم، وهم سبعة قراء. وهناك ثلاثة آخرون تتم بهم العشرة، نذكرهم عقيب هؤلاء. وإليك تراجمهم، واستقراء أحوالهم واحدا بعد واحد:
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الاتقان: 1 / 243، في النوع 22 - 27 الطبعة الثالثة.

ــ[125]ــ

1
عبدالله بن عامر الدمشقي

هو أبو عمران اليحصبي. قرأ القرآن على المغيرة بن أبي شهاب. قال الهيثم بن عمران: "كان عبدالله بن عامر رئيس أهل المسجد زمان الوليد بن عبدالملك، وكان يزعم أنه من حمير، وكان يغمز في نسبه". وقال العجلي والنسائي: "ثقة".
وقال أبو عمرو الداني: "ولي قضاء دمشق بعد بلال بن أبي الدرداء... اتخذه أهل الشام إماما في قراءته واختياره "(1). وقال ابن الجزري: "وقد ورد في إسناده تسعة أقوال، أصحها أنه قرأ على المغيرة". ونقل عن بعض أنه قال: "لا يدري على من قرأ". ولد سنة ثمان من الهجرة. وتوفي سنة 118(2).
ولعبدالله راويان رويا قراءته - بوسائط - وهما: هشام، وابن ذكوان.
أما هشام: فهو ابن عمار بن نصير بن ميسرة، أخذ القراءة عرضا عن أيوب بن تميم. قال يحيى بن معين: "ثقة". وقال النسائي: " لا بأس به". وقال الدار قطني: "صدوق كبير المحل ". ولد سنة 153 وتوفي سنة 245 (3).
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تهذيب التهذيب: 5 / 274.
(2) طبقات القراء: 404.
(3) طبقات القراء: 2 / 354 - 356.

ــ[126]ــ

وقال الآجري عن أبي داود: "إن أبا أيوب - يعني سليمان بن عبدالرحمن - خير منه، حدث هشام بأربعمائة حديث مسند ليس لها أصل".
وقال ابن وارة: "عزمت زمانا أن أمسك عن حديث هشام، لأنه كان يبيع الحديث".
وقال صالح بن محمد: "كان يأخذ علي الحديث، ولا يحدث ما لم يأخذ … قال المروزي: ذكر أحمد هشاما فقال: "طياش خفيف" وذكر له قصة في اللفظ بالقرآن أنكر عليه أحمد حتى أنه قال: "إن صلوا خلفه، فليعيدوا الصلاة" (1).
أقول: فيمن روى القراءة عنه خلاف، فليراجع كتاب الطبقات وغيره. وأما ابن ذكوان: فهو عبدالله بن أحمد بن بشير، ويقال: بشير بن ذكوان. أخذ القراءة عرضا عن أيوب بن تميم. قال أبو عمرو الحافظ: "وقرأ على الكسائي حين قدم الشام ". ولد يوم عاشوراء سنة 173، وتوفي سنة 242 (2).
أقول: والحال في من روى القراءة عنه كما تقدم.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تهذيب التهذيب ج 11 ص 52 - 54.
(2) طبقات القراء: 1 / 403.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net