عدم جدوى الترجيح - اللغة: الحمد، الرب، العالم 

الكتاب : البيان في تفسـير القرآن - خطبـة الكتاب   ||   القسم : التفسير   ||   القرّاء : 4347

عدم جدوى الترجيح:
والصحيح أن الترجيح في القراءات المعروفة لا محصل له، فان القراءات إن ثبت تواترها عن النبي (صلى الله عليه وآله) فلا معنى للترجيح ما بينها، وإن لم يثبت كما هو الحق (1) فان أوجب الترجيح الجزم ببطلان القراءة المرجوحة فهو، ودون إثباته خرط القتاد.
وإن لم يوجب ذلك - كما هو الغالب - فلا فائدة في الترجيح بعد أن ثبت جواز القراءة بكل واحدة منها(2).
والترجيح في المقام باطل على الخصوص، فان اختلاف معنى مالك ومعنى ملِك إنما يكون إذا كان الملِك - السلطنة والجِدة - أمراً اعتبارياً فانه يختلف حينئذ باختلاف موارده، وهذا الاختلاف يكون في غير الله تعالى، وأما مِلك اللّه سبحانه فانه حقيقي ناشئ عن إحاطته القيُّوميّة بجميع الموجودات، فهده الإحاطة بذاتها منشأ صدق مالك وملِك عليه تعالى، ومن ذلك يتضح أن نسبة مالك إلى الزمان إذا لم تصح في غير الله فلا يلزمها عدم صحتها فيه سبحانه فهو مالك للزمان كما هو مالك لغيره.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تقدمت أدلة ذلك في الصفحة 144 من هذا الكتاب.
(2) تقدم بيان ذلك في الصفحة 159 من هذا الكتاب.

 

ــ[454]ــ

وقد يقال:
إضافة مالك إلى يوم الدين إضافة لفظية لا تفيد التعريف فلا يصح أن تقع الجملة وصفاً للمعرفة، فالمتعبن قراءة ملِك، فإن المراد به السلطان وهو في حكم الجامد، وإضافته معنوية.
وأُجيب عنه في الكشاف وغيره: بأن إضافة اسم الفاعل ونحوه تكون لفظية إذا كان بمعنى الحال والاستقبال، ومعنوية إذا كان بمعنى الماضي أو أُريد به الدوام.
ومن الأول قوله تعالى:
{الحمد لِلّهِ فَاطِرِ السماوات وَالأرْضِ جَاعِلِ الملائِكَةِ رُسُلاً}(35: 1).
ومن الثاني قوله تعالى:
{تَنْرِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللّهِ الْعَزِيزِ اْلْعَلِيمِ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ اْلْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ}(40 : 3).
والمقام من قبيل الثاني، فإن مالكيته تعالى ليوم الدين صفة ثابتة له لا تختص بزمان دون زمان، فيصح كون الجملة صفة للمعرفة.
والتحقيق: إن الإضافة مطلقاً لا تفيد تعريفاً، وإنما تفيد التخصيص والتضييق والتعريف إنما يستفاد من عهد خارجي.
ودليل ذلك:
انه لا فرق بالضرورة بين قولنا غلام لزيد وقولنا غلام زيد فكما أن القول الأول لا يفيد إلا التخصيص كذلك القول الثاني، والتخصيص يتحقق في موارد الإضافة اللفظية كما يتحقق في موارد الإضافة المعنوية.

ــ[455]ــ

والفارق: أن التخصيص في الأولى لم ينشأ من الإضافة، بل هو حاصل بدونها، وأن الاضافة لم تفد إلا التخفيف إلا أن هذا لا يوجب أن لا يقع المضاف فيها صفة للمعرفة، فإن المصحح لذلك إن كان هو التخصيص فهو موجود في مواردها، وإن كان هو التعريف الحاصل من العهد الخارجي فهو مشترك بين الإضافتين معاً، فلا فرق في مقام الثبوت، وبلحاظ ذات المعنى بين موارد الإضافتين.
وجميع ما ذكروه لا يرجع إلى محصل: نعم يبقى الكلام في مقام الإثبات، وقد ادعي الاتفاق على أن المضاف بالإضافة اللفظية لا يقع صفة لمعرفة إذا كان المضاف من الصفات المشبهة، وأما غيرها فقد نقل سيبويه، عن يونس والخليل وقوعه صفة للمعرفة في كلام العرب كثيراً(1) وعليه يحمل ما ورد في القرآن من ذلك، كما في المقام.
وأما قول الكشاف: إن اسم الفاعل هنا بمعنى الاستمرار فهو واضح البطلان فإن إحاطة الله تعالى بالموجودات، ومالكيته لها وإن كانت استمرارية إلا أن كلمة مالك في الآية المباركة قد اضيفت إلى يوم الدين، وهو متأخر في الوجود، فلا بد من أن يكون اسم الفاعل المضاف إليه بمعنى الاستقبال.
وأما التفرقة التي ذكرها بعضهم في اسم الفاعل المضاف - بين ما إذا كان بمعنى الماضي فيصح وقوعه صفة للمعرفة، وبين غيره فلا يصح، لأن حدوث الشيء يوجب تعيّنه - فهي بيّنة الفساد، فإن حدوث الشيء لا يستلزم - في الغالب - العلم به، وإذا كانت العبرة بالعلم الشخصي فلا فرق بين تعلقه بالماضي وتعلقه بغيره.
والحاصل إن المتبع في الكلام العربي هو القواعد المتخذة من استعمالات العرب
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تفسير أبي حيان: 1 / 21.

ــ[456]ــ

الفصحى، ولا اعتماد على الوجوه الاستحسانية الواهية التي يذكرها النحويون.

اللغـة

الحمد:
ضد اللوم، وهو لا يكون إلا على الفعل الاختياري الحسن، سواء أكان إحساناً للحامد أم لم يكن، والشكر مقابل الكفران، وهو لا يكون إلا للانعام والإحسان، والمدح يقابل الذم، ولا يعتبر أن يكون على الفعل الاختياري فضلاً عن كونه إحساناً، والألف واللام في كلمة الحمد للجنس إذ لا عهد، وتقدم معنى كلمات:
"الله. الرَّحمن. الرَّحيم".
الرب:
مأخوذ من ربب، وهو المالك المصلح والمربي، ومنه الربيبة، وهو لا يطلق على غيره تعالى إلا مضافاً إلى شيء، فيقال: ربّ السفينة، رب الدار.
العالم:
جمع لا مفرد له كرهط وقوم، وهو قد يطلق على مجموعة من الخلق متماثلة، كما يقال: عالم الجماد، عالم النبات، عالم الحيوان. وقد يطلق على مجموعة يؤلف بين أجزائها اجتماعها في زمان أو مكان، فيقال: عالم الصبا، عالم الذرّ، عالم الدنيا، عالم الآخرة. وقد يطلق ويراد به الخلق كله على اختلاف حقائق وحداته، ويجمع بالواو والنون، فيقال: عالمون ويجمع على فواعل، فيقال: عوالم، ولم يوجد في لغة العرب ما هو على زنة فاعَل، ويجمع بالواو والنون غير هذه الكلمة.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net