اشتراط زوال عين النّجس في مطهِّريّة الأرض 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6268


ــ[104]ــ

أو المسح بها (1) بشرط زوال عين النجاسة إن كانت (2) ، والأحوط (3)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الثالث : صحيحة الأحول المتقدِّمة(1) حيث إنها مطلقة ، لعدم استفصاله (عليه السلام) بين وطء الموضع حافياً ووطئه متنعلاً ، وترك الاستفصال يدل على عدم اختصاص الحكم بأسفل القدم . وهذه الرواية صحيحة السند وتامّة الدلالة غير أنها اشتملت على تحديد المشي بخمسة عشر ذراعاً ، والمشهور لا يلتزم به لذهابهم إلى كفاية مطلق المشي ، وأنّ الحدّ هو النقاء ولو حصل بالمشي بما هو أقل من خمسة عشر ذراعاً ، إلاّ أن ذلك لا يضر بالاستدلال بها ، بل إن أمكننا حمله على الاستحباب أو على بيان أن النقاء عادة لا يتحقّق بأقل من المقدار المذكور فهو ، وإلاّ فلا مناص من الأخذ به وتحديد المشي بخمسة عشر ذراعاً .

   (1) كما ورد في صحيحة زرارة ورواية حفص المتقدِّمتين (2) .

   (2) وذلك مضافاً إلى الارتكاز ـ  فان التطهير بالأرض لا يزيد على التطهير بالماء وقد مرّ اعتبار إزالة العين فيه  ـ تدل عليه صحيحة زرارة : «ولكنه يمسحها حتى يذهب أثرها» . ورواية حفص حيث حكم (عليه السلام) فيها بحصول الطهارة فيما فرضه السائل بقوله : «إن وطئت على عذرة بخفي ومسحته حتى لم أر فيه شيئا» ومعه يعتبر في مطهرية الأرض لأسفل النعل والقدم زوال عين النجس بحيث لو انجمدت تحتهما ـ  كما في الدم ونحوه  ـ ولم تزل بالمشي أو المسح لم يحكم بطهارتهما .

   (3) والوجه في هذا الاحتياط ـ أعني الاقتصار على النجاسة الحاصلة بالمشي على الأرض النجسة وعدم التعدي إلى النجاسة الحاصلة من الخارج ، كما إذا انفجر ما في أسفل قدمه من الدمل لدى المشي وأصاب الدم خفه أو رجله ـ هو أن الروايات المتقدِّمة إنما وردت في النجاسة الحاصلة بالمشي على الأرض كوطء العذرة الموجودة فيها والمرور على الطريق المتنجِّس وغيرها من الموارد ، ولا مناص معه من الاقتصار

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 100 .

(2) في ص 99 ـ 100 .

ــ[105]ــ

على المقدار المتيقن من الأخبار وهي النجاسة الحاصلة من المشي ، وأما المقدار الزائد على ذلك فيرجع فيه إلى عموم أو إطلاق ما دلّ على أن النجاسة يعتبر في إزالتها الغسل بالماء ، لأنه مقتضى القاعدة عند إجمال المخصص لدورانه بين الأقل والأكثر .

   ويؤيده ما تقدّم(1) في تفسير قوله (عليه السلام) «إن الأرض يطهّر بعضها بعضاً» من أنّ تعبيره (عليه السلام) عن مطهرية الأرض لباطن النعل والقدم وغيرهما بقوله «إنّ الأرض ...» إنما هو من جهة أن النجاسة كانت ناشئة من الأرض ولأجله صح أن يقال : إن الأرض الطاهرة مطهّرة للأرض القذرة أي للنجاسة الناشئة منها ، ومع كون الأثر وهي النجاسة مستندة إلى غير الأرض لا يصح التعبير المذكور بوجه ، هذا .

   وقد يقال بالتعدي إلى النجاسة الحاصلة من الخارج ويستدل عليه بأمرين :

   أحدهما : ما ورد في صحيحة زرارة «جرت السنة في أثر الغائط بثلاثة أحجار أن يمسح العجان ولا يغسله ، ويجوز أن يمسح رجليه ولا يغسلهما»(2) فان قوله (عليه السلام) «يجوز أن يمسح رجليه» يدلنا باطلاقه على مطهرية المسح في كل من النجاسة الناشئة من الأرض والنجاسة الناشئة من غيرها .

   ويدفعه أوّلاً : أن من المحتمل القوي أن يكون قوله : «ويجوز أن يمسح رجليه» ناظراً إلى المسح في الوضوء لنفي ما يزعمه أهل الخلاف من اعتبار غسل الرجلين فيه ، ومن هنا قال : «ويجوز أن يمسح ...» مع أن مسحهما من الشرائط المعتبرة في الوضوء فهو أمر لازم لا جائز ، وعليه فالرواية أجنبية عما نحن بصدده .

   وثانياً : أن الرواية لو سلم كونها ناظرة إلى مطهرية المسح ، فلا شك في أنها ليست بصدد البيان ، للقطع بعدم كون المسح مطهراً مطلقاً كالمسح بالخرقة أو الخشب ونحوهما ، فلا إطلاق للرواية حتى يدل على مطهرية الأرض من النجاسة الحاصلة من الخارج .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 102 .

(2) الوسائل 1 : 349 / أبواب أحكام الخلوة ب 30 ح 3 ، 3 : 459 / أبواب النجاسات ب 32 ح  10 .

ــ[106]ــ

   وثانيهما : ما ذكره المحقِّق الهمداني (قدس سره) (1) وتوضيحه : أن مقتضى الارتكاز عدم الفرق في مطهرية الأرض بين النجاسة الحاصلة من الأرض وبين الحاصلة من غيرها ، إذ لا يتبادر من الأخبار سوى أن المسح أو المشي مطهّر للرجل أو الخف من النجاسة ، من غير أن تكون لكيفية وصولها إلى الرجل مدخلية في الحكم . ومن هنا لا  يتوهم أحد فرقاً بين أن تكون العذرة التي يطئها برجله مطروحة على الأرض أو على الفراش ، وبهذا الارتكاز العرفي نتعدى عن مورد الروايات إلى مطلق النجاسة سواء حصلت بالمشي على الأرض أو بغيره ، هذا .

   ولا يخفى أن الارتكاز العرفي وإن كان يقتضي عدم الفرق بين كون العذرة مطروحة على الأرض أو على الفراش ، إلاّ أن الكلام في المقام غير راجع إلى النجاسة المستندة إلى المشي وإن لم تكن ناشئة من الأرض ، وذلك إذ قد لا تصل النعل أو الرجل إلى الأرض أصلاً لحيلولة العذرة أو غيرها من النجاسات بينهما كما اُشير إليه في صحيحة زرارة حيث قال : «فساخت رجله فيها» (2) أو لكون العذرة الموطوءة مطروحة على خرقة أو خشبة أو غيرهما من الأشياء الموجودة في الطريق ، فلا يعتبر أن تكون النجاسة ناشئة من الأرض وإنما يعتبر استناد النجاسة إلى المشي ، سواء أ كانت العذرة واقعة على الأرض أم على الفراش فما أفاده (قدس سره) خارج عن محل الكلام .

   وإنما كلامنا فيما إذا استندت النجاسة إلى الخارج وغير المشي كما في المثال المتقدم حيث إن تنجس الاصابع بالدم حينئذ غير مستند إلى المشي ، وفي مثله إن أقمنا دليلاً قطعياً على عدم الفرق بين النجاسة الحاصلة بالمشي والنجاسة الحاصلة بغيره فهو وإلاّ فلا بد من الاقتصار على القدر المتيقن وهو النجاسة الحاصلة بالمشي ، وفي المقدار الزائد يرجع إلى العموم أو الاطلاق وهما يقتضيان إناطة تطهير المتنجِّس بالغسل بالماء . ولا سبيل لنا إلى مناطات الأحكام الشرعية وملاكاتها ونحتمل وجداناً أن تكون لكيفية وصول النجاسة بالمشي مدخلية في الحكم . ويشهد على ذلك ملاحظة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الفقيه (الطهارة) : 643 السطر 4 .

(2) المتقدِّمة في ص 99 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net