اعتبار طهارة الأرض في مطهِّريّتها - اعتبار جفاف الأرض في مطهِّريّتها 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6432


ــ[112]ــ

على الفرش ، والحصير ، والبواري ، وعلى الزرع والنباتات ، إلاّ أن يكون النبات قليلاً  بحيث لا يمنع عن صدق المشي على الأرض(1) ، ولا يعتبر أن تكون في القدم أو النعل رطوبة (2) ولا زوال العين بالمسح أوالمشي وإن كان أحوط (3) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لصدق المشي على الأرض عند قلة النبات ولا سيما في البلدان ـ دون البوادي  ـ لأنّ الأرض فيها لا تخلو عن الأجزاء العرضية كأجزاء الحطب أو الخرق مما ليس من الأجزاء الأرضية ، ومع ذلك يصدق المشي على الأرض عرفاً .

   (2) لاطلاق الروايات .

   (3) فإذا زالت العين ـ قبل المسح أو المشي ـ بخرقة أو خشبة ونحوهما ثم مسح رجله أو نعله أو مشى بهما على الأرض كفى في الحكم بطهارتهما ، فلا يعتبر أن يكون زوال العين بالمسح أو المشي .

   أما عدم اعتبار زوال العين بالمشي فلعدم تقييد الأدلّة الدالّة على مطهريته بما إذا زالت العين بالمشي ، وإنما هي مطلقة كقوله (عليه السلام) «أليس تمشي بعد ذلك في أرض يابسة ؟» (1) .

   وأما عدم اعتبار زوالها بالمسح فلاطلاق صحيحة زرارة الدالّة على مطهرية المسح كالمشي فان قوله : «ولكنّه يمسحها»(2) غير مقيد بأن يكون المسح بالأرض فيعم المسح بغيرها ، إلاّ أنه لا بدّ من تقييد إطلاقه بذلك ، نظراً إلى أن المستفاد من النصوص أن المسح قائم مقام المشي في التطهير ، والمشي هو الانتقال من مكان إلى مكان بوضع القدم ورفعها ، فغاية ما يمكن استفادته من الروايات أن الشارع ألغى خصوصية الانتقال من مكان إلى مكان ، واكتفى بمجرّد وضع الرجل على الأرض ورفعها أعني المسح وهو في مكانه من غير أن ينتقل إلى مكان آخر ، وأما إلغاؤه خصوصية الأرض فلا يسعنا استفادته منها بوجه ، وعلى ذلك فلا يعتبر في مطهِّرية الأرض زوال العين بالمسح لأنه كما مرّ قائم مقام المشي وقد مر عدم اعتباره فيه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المتقدِّمة في ص 101 .

(2) المتقدِّمة في ص 99 .

ــ[113]ــ

ويشترط طهارة الأرض (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ذهب إلى ذلك جماعة نظراً إلى أن المتنجِّس لا يكفي في تطهير مثله ، ولا سيما بملاحظة ما هو المرتكز في الأذهان من أن فاقد الشيء لا يكون معطياً له ، وإلى قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) «جُعِلَت لي الأرض مسجداً وطهوراً» (1) لأن معنى الطهور هو ما يكون طاهراً في نفسه ومطهراً لغيره . وإلى غير ذلك من الوجوه .

   وعن جماعة منهم الشهيد الثاني (قدس سره) عدم الاشتراط، بل ذكر (قدس سره) أن مقتضى إطلاق النص والفتوى عدم الفرق في الأرض بين الطاهرة، وغيرها(2) هذا .

   وربما ناقش بعضهم في الاشتراط بأن الأحكام الشرعية تعبدية محضة ولا مجال فيها لاعمال المرتكزات العرفيـة ، فمن الجائز أن يكون النجس مطهراً لغـيره بالتعـبّد الشرعي . واستقراء موارد التطهير بالمياه والأحجار في الاستنجاء وغيرها مما اعتبرت فيه الطهارة لا يفيد القطع باعتبارها في كل مطهر .

   والصحيح هو ما ذهب إليه الماتن وغيره من اشتراط الطهارة في مطهرية الأرض وذلك لوجهين :

   أحدهما : أن العرف حسب ارتكازهم يعتبرون الطهارة في أيّ مطهر ، ولا يجوز عندهم أن يكون المطهر فاقداً للطهارة بوجه ، ولا سيما بملاحظة أن فاقد الشيء لا  يكون معطياً له ، ولا نرى أيّ مانع من الاستدلال بالارتكاز وإن كان قد يناقش فيه بأنه لا ارتكاز عرفي في التطهير بالأرض ، ولكنه كما ترى .

   وثانيهما : صحيحة الأحول المتقدِّمة (3) «في الرجل يطأ على الموضع الذي ليس بنظيف ثم يطأ بعده مكاناً نظيفاً ، قال : لا بأس إذا كان خمسة عشر ذراعاً أو نحو ذلك» فان قيد النظافة في المكان وإن ورد في كلام السائل دون الإمام (عليه السلام) إلاّ أنه يمكن أن يستدل بالصحيحة على اعتبار الطهارة من جهتين :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 350 / أبواب التيمم ب 7 ح 2 ، 3 ، 4 .

(2) الروضة البهية 1 : 66 .

(3) في ص 100 .

ــ[114]ــ

وجفافها (1) نعم الرطوبة غير المسرية غير مضرّة ((1)) ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   إحداهما : أن قوله (عليه السلام) «لا بأس» نفي له عما أخذه السائل في كلامه من القيود ، ومعناه أنه لا بأس بما فرضته من وطء الموضع الذي ليس بنظيف مع وطء المكان النظيف بعـده ، وهذا في الحقيقة بمنزلة أخذ القيود المذكورة في كلام الإمام (عليه  السلام) .

   وثانيتهما : أن نفي البأس في كلامه (عليه السلام) قد علّق على ما إذا كان خمسة عشر ذراعاً ، والضمير في قوله «كان» يرجع إلى المكان النظيف أي لا بأس إذا كان المكان النظيف خمسة عشر ذراعاً . ونحن وان ذكرنا أن التحديد بذلك من جهة أن الغالب توقف زوال العين بالمشي خمسة عشر ذراعاً ، إلاّ أن تعليقه (عليه السلام) عدم البأس على ما إذا كان المكان النظيف كذلك يرجع بحسب اللب إلى أنه لا بأس إذا كان المكان النظيف بمقدار تزول عنه العين بالمشي عليه ، فاذا لم يكن المكان النظيف بهذا المقدار انتفى المعلق عليه وهو عدم البأس لا محالة .

   (1) لرواية محمد الحلبي : «أليس تمشي بعد ذلك في أرض يابسة»(2) ورواية المعلّى ابن خنيس : «أليس وراءه شيء جاف» (3) وهما يقتضيان اعتبار الجفاف في الأرض وعلى ذلك فالأرض الرطبة ـ  مسرية كانت أم لم تكن  ـ لا تكون مطهّرة لشيء إلاّ أن تكون الرطوبة قليلة بحيث يصدق معها الجفاف ، ويصح أن يقال إن الأرض يابسة لأنها غير مضرة حينئذ .

   هذا ، ولكن الروايتين ضعيفتان ، فانّ في سند إحداهما المفضل بن عمر والراوي في الثانية المعلى بن خنيس ، وهو وإن كنّا نعتمد على رواياته إلاّ أن الصحيح أن الرجل ضعيف لا يعوّل عليه ، ومعه لا يمكن الاستدلال بهما على اعتبار الجفاف في الأرض فلا مانع على ذلك من الالتزام بمطهّرية الأرض الندية بمقتـضى الاطـلاقات . نعم إذا

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) إذا صدق معها الجفاف واليبوسة .

(2) المتقدِّمة في ص 101 .

(3) المتقدِّمة في ص 99 .

ــ[115]ــ

ويلحق بباطن القدم والنعل حواشيهما بالمقدار المتعارف ممّا يلتزق بها من الطين والتراب حال المشي (1) وفي إلحاق ظاهر القدم أو النعل بباطنهما إذا كان يمشي بهما ، لاعوجـاج في رجله وجه قوي وإن كان لا يخلو عن إشـكال (2) ، كما أن إلحاق الرّكبتين واليدين بالنسبة إلى مَن يمشي عليهما أيضاً مشكل (3) وكذا نعل الدابة

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كانت رطبة على نحو تسري رطوبتها إلى الرجل لم يكن المشي عليها مطهراً ، لأنه كل ما يصل من الرطوبة إلى المحل النجس فهو ينجس بالملاقاة فلا بد من زواله في حصول طهارته . ولعله إلى ذلك ينظر ما ذكره الماتن بقوله : «نعم ، الرطوبة غير المسرية غير مضرة» .

   (1) دون الزائد عن المقدار المتعارف وذلك لاطلاق الروايات ، بداهة أن إصابة الأرض أو نجاستها لباطن الرجل أو النعل بخصوصه من دون أن تصيب شيئاً من حواشيهما بالمقدار المتعارف مما يلتزق بهما حال المشي ، قليلة الاتفاق بل لا تحقق لها عادة .

   (2) والوجه في القوة هو أن في مفروض المسألة يصدق وطء الأرض والعذرة والمشي على الأرض وغير ذلك من العناوين المأخوذة في لسان الأخبار ، لأن الوطء هو وضع القدم على الأرض من دون أن تؤخذ فيه خصوصية معينة إذ الوطء في كل شخص بحسبه ، وبما أن الاعوجاج في الرجل أمر متعارف وكثيراً ما يتّفق في كل بلدة ومكان فلا يمكن دعوى انصراف الروايات عن مثله ، ومعه لا مجال للاشكال في المسألة بوجه .

   (3) وذلك لأنّ وضع اليد أو الركبة على الأرض أجنبي عن المشي بالرجل والقدم والأخبار مختصة بالمشي بهما ، وليس فيها ما يعم وضع اليد أو الركبة على الأرض . والتعليل الوارد في بعضها «إن الأرض يطهر بعضها بعضاً» أيضاً لا عموم له ، وذلك لأنّ الأخبار المشتملة على التعليل إنما وردت لبيان عدم انحصار المطهّر في الماء وللدلالة على أن الأرض أيضاً مطهرة في الجملة ، ولم ترد لبيان أنها مطهّرة على وجه العموم ، بل لا يمكن حملها عليه ـ أي العموم ـ لاستلزامه تخصيص الأكثر المستهجن .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net