الفصل الثاني : شروط المتعاقدين 

الكتاب : منهاج الصـالحين - الجزء الثاني : المعاملات   ||   القسم : الكتب الفتوائية   ||   القرّاء : 6570

 

الفصل الثاني

شروط المتعاقدين

( مسألة 58 ) : يشترط فيكل من المتعاقدين أمور:

الاول : البلوغ ، فلا يصح عقد الصبي في ماله ، وإن كان مميزا ، إذا لم يكن بإذن الولي بل وإن كان بإذنه إذاكان الصبي مستقلا في التصرف وأما إذا كانت المعاملة من الولي ، وكان الصبي وكيلا عنه في إنشاء الصيغة فالصحة لا تخلو من وجه وجيه ، وكذا إذا كان تصرفه في غير ماله بإذن المالك، وإن لم يكن بإذن الولي .
الثاني : العقل ، فلا يصح عقد المجنون ، وإن كان قاصدا إنشاء البيع .
الثالث : الاختيار ، فلا يصح بيع المكره ، وهو من يأمره غيره بالبيع المكروه له ، على نحو يخاف من الاضرار به لو خالفه ، بحيث يكون وقوع البيع منه من باب ارتكاب أقل المكروهين ، ولو لم يكن البيع مكروها وقد أمره الظالم

ــ[17]ــ

بالبيع فباع صح ، وكذا لو أمره بشئ غير البيع وكان ذلك الشئ موقوفا على البيع المكروه فباع فإنه يصح ، كما إذا أمره بدفع مقدار من المال ولم يمكنه إلا ببيع داره فباعها ، فإنه يصح بيعها .

( مسألة 59 ) : إذ أكره أحد الشخصين على بيع داره ، كما لو قال الظالم : فليبع زيد أو عمرو داره فباع أحدهما داره بطل البيع ، إلا إذا علم إقدام الآخر على البيع .

( مسألة 60 ) : لو أكره على بيع داره أو فرسه فباع أحدهما بطل ، ولو باع الآخر بعد ذلك صح، ولو باعهما جميعا دفعة بطل فيهما جميعا .

( مسألة 61 ) : لو أكرهه على بيع دابته فباعها مع ولدها بطل بيع الدابة ، وصح بيع الولد .

( مسألة 62 ) : لا يعتبر في صدق الاكراه عدم إمكان التفصي بالتورية ، فلو أكرهه على بيع داره فباعها - مع قدرته على التورية - لم يصح البيع .

( مسألة 63 ) : المراد من الضرر الذي يخافه ، على تقدير عدم الاتيان بما أكره عليه ما يعم الضرر الواقع على نفسه وماله وشأنه ، وعلى بعض من يتعلق به ممن يهمه أمره فلو لم يكن كذلك فلا إكراه ، فلو باع حينئذ - صح البيع .

 

البيع الفضولي :

الرابع : من شرائط المتعاقدين القدرة على التصرف بكونه مالكا أو وكيلا عنه ، أو مأذونها منه ، أو وليا عليه ، فلو لم يكن العاقد قادرا على التصرف لم يصح البيع ، بل توقفت صحته على إجازة القادر على ذلك التصرف ، مالكا كان ، أو وكيلا عنه ، أو مأذونا منه ، أو وليا عليه، فإن أجاز صح ، وإن رد بطل وهذا هو المسمى بعقد الفضولي . والمشهور أن الاجازة بعد الرد لا أثر لها ، ولكنه لا يخلو عن إشكال ، بل لا يبعد نفوذها . وأما الرد بعد الاجازة فلا أثر له جزما .

ــ[18]ــ

( مسألة 64 ) : لو منع المالك من بيع ماله فباعه الفضولي ، فإن أجازه المالك صح ، ولا أثر للمنع السابق في البطلان .

( مسألة 65 ) : إذا علم من حال المالك أنه يرضى بالبيع فباعه لم يصح وتوقفت صحته على الاجازة .

( مسألة 66 ) : إذا باع الفضولي مالغيره عن نفسه لاعتقاده أنه مالك ، أو لبنائه على ذلك، كما في الغاصب ، فأجازه المالك صح البيع ويرجع الثمن إلى المالك.

( مسألة 67 ) : لا يكفي في تحقق الاجازة الرضا الباطني ، بل لا بد من الدلالة عليه بالقول مثل : رضيت ، وأجزت ، ونحو هما ، أو بالفعل مثل أخذ الثمن ، أو بيعه ، أو الاذن في بيعه أو إجازة العقد الواقع عليه أو نحو ذلك . 

( مسألة 68 ) : الظاهر أن الاجازة كاشفة عن صحة العقد من حين وقوعه كشفا حكميا ، فنماء الثمن من حين العقد إلى حين الاجازة ملك مالك المبيع، ونماء المبيع ملك للمشتري .

( مسألة 69 ) : لو باع باعتقاد كونه وليا أو وكيلا فتبين خلافه فإن أجازه المالك صح وإن رد بطل ، ولو باع باعتقاد كونه أجنبيا فتبين كونه وليا أو وكيلا صح ، ولم يحتج إلى الاجازة ، ولو تبين كونه مالكا ففي صحة البيع - من دون حاجة إلى إجازته - إشكال والاظهر هو الصحة .

( مسألة 70 ) : لو باع مال غيره فضولا ، ثم ملكه قبل إجازة المالك ففي صحته - بلا حاجة إلى الاجازة أو توقفه على الاجازة أو بطلانه رأسا - وجوه أقواها أوسطها.

( مسألة 71 ) : لو باع مال غيرهفضولا فباعه المالك من شخص آخر صح بيع المالك، ويصح بيع الفضولي - أيضا - إن أجازه المشتري .

ــ[19]ــ

( مسألة 72 ) : إذا باع الفضولي مال غيره ولم تتحقق الاجازة من المالك ، فإن كانت العين في يد المالك فلا إشكال ، وإن كانت في يد البائع جاز للمالك الرجوع بها عليه ، وإن كان البائع قد دفعها إلى المشتري جاز له الرجوع على كل من البائع والمشتري، وإن كانت تالفة رجع على البائع إن لم يدفعها إلى المشتري أو على أحدهما إن دفعها إليه بمثلها ، إن كانت مثلية، وبقيمتها إن كانت قيمية .

( مسألة 73 ) : المنافع المستوفاة مضمونة ، وللمالك الرجوع بها على من استوفاها ، وكذا الزيادات العينية ، مثل اللبن والصوف والشعر والسرجين ونحوها مما كانت له مالية ، فإنها مضمونة على من استولى عليها كالعين ، أما المنافع غير المستوفاة ففي ضمانها إشكال ، والضمان أظهر .

( مسألة 74 ) : المثلي : ما يكثر وجود مثله في الصفات التي تختلف باختلافها الرغبات ، والقيمي : ما لا يكون كذلك ، فالآلات والظروف والاقمشة المعمولة في المعامل في هذا الزمان من المثلي ، والجواهر الاصلية من الياقوت والزمرد والالماس والفيروزج ونحوها من القيمي .

( مسألة 75 ) : الظاهر أن المدار فيالقيمة المضمون بها القيمي قيمة زمان القبض لا زمان التلف ، ولا زمان الاداء .

( مسألة 76 ) : إذا لم يمض المالك المعاملة الفضولية فعلى البائع الفضولي أن يرد الثمن المسمى إلى المشتري، فإذا رجع المالك على المشتري ببدل العين من المثل أو القيمة فليس للمشتري الرجوع على البائع في مقدار الثمن المسمى. ويرجع في الزائد عليه إذا كان مغرورا وإذا رجع المالك على البائع رجع البائع على المشتري بمقدار الثمن المسمى إذا لم يكن قد قبض الثمن، ولا يرجع في الزائد عليه إذا كان غارا . وإذا رجع المالك على المشتري ببدل نماء العين من الصوف واللبن ونحوهما أو بدل المنافع المستوفاة أو غير ذلك ، فإن كان المشتري مغرورا من قبل البائع، بأن كان جاهلا بأن البائع فضولي ، وكان البائع عالما

ــ[20]ــ

فأخبره البائع بأنه مالك ، أو ظهر له منه أنه مالك رجع المشتري على البائع بجميع الخسارات التي خسرها للمالك ، وإن لم يكن مغرورا من البائع كما إذا كان عالما بالحال ، أو كان البائع أيضا جاهلا لم يرجع عليه بشئ من الخسارات المذكورة ، وإذا رجع المالك على البائع ببدل النماءات ، فإن كان المشتري مغرورا من قبل البائع لم يرجع البائع على المشتري ، وإن لم يكن مغرورا من قبل البائع رجع البائع عليه في الخسارة التي خسرها للمالك وكذا الحال في جميع الموارد التي تعاقبت فيها الايدي العادية على مال المالك ، فإنه إن رجع المالك على السابق رجع السابق على اللاحق إن لم يكن مغرورا منه ، وإلا لم يرجع على اللاحق ، وإن رجع المالك على اللاحق لم يرجع إلى السابق ، إلا مع كونه مغرورا منه، وكذا الحكم في المال غير المملوك لشخص كالزكاة المعزولة ، ومال الوقف المجعول مصرفا في جهة معينة أو غير معينة ، أو في مصلحة شخص أو أشخاص فإن الولي يرجع على ذي اليد عليه، مع وجوده ، وكذا مع تلفه على النهج المذكور .

( مسألة 77 ) : لو باع إنسان ملكه وملك غيره صفقة واحدة صح البيع فيما يملك ، وتوقفت صحة بيع غيره على إجازة المالك، فإن أجازه صح، وإلا فلا ، وحينئذ يكون للمشتري خيار تبعض الصفقة ، فله فسخ البيع بالاضافة إلى ما يملكه البائع.

( مسألة 78 ): طريق معرفة حصة كل واحد منهما من الثمن: أن يقوم كل من المالين بقيمته السوقية، فيرجع المشتري بحصة من الثمن نسبتها إلى الثمن نسبة قيمة مال غير البائع إلى مجموع القيمتين، فإذا كانت قيمة ماله عشرة وقيمة مال غيره خمسة، والثمن ثلاثة يرجع المشتري بواحد الذي هو ثلث الثمن ، ويبقى للبائع اثنان . وهما ثلثا الثمن ، هذا إذا لم يكن للاجتماع دخل في زيادة القيمة ونقصها، أما لو كان الامر كذلك وجب تقويم كل منهما في حال الانضمام إلى الآخر ثم تنسب قيمة كل واحد منهما إلى مجموع القيمتين ، فيؤخذ من الثمن بتلك النسبة. مثلا إذا باع الجارية وابنتها بخمسة ، وكانت قيمة

  
 

ــ[21]ــ

الجارية في حال الانفراد ستة ، وفي حال الانضمام أربعة ، وقيمة ابنتها بالعكس فمجموع القيمتين عشرة ، فإن كانت الجارية لغير البائع رجع المشتري بخمسين ، وهما اثنان من الثمن ، وبقي للبائع ثلاثة أخماس ، وإن كانت البنت لغير البائع رجع المشتري بثلاثة أخماس الثمن ، وهو ثلاثة وبقي للبائع اثنان .

( مسألة 79 ) : إذا كانت الدار مشتركة بين شخصين على السوية فباع أحدهما نصف الدار ، فإن قامت القرينة على أن المراد نصف نفسه، أو نصف غيره ، أو نصف في النصفين عمل على القرينة ، وإن لم تقم القرينة على شئ من ذلك حمل على نصف نفسه لا غير .

( مسألة 80 ) : يجوز للاب والجد للاب وإن علا التصرف في مال الصغير بالبيع والشراء والاجارة وغيرها ، وكل منهما مستقل في الولاية فلا يعتبر الاذن من الآخر ، كما لا تعتبر العدالة في ولايتهما ، ولا أن تكون مصلحة في تصرفهما ، بل يكفي عدم المفسدة فيه ، إلا أن يكون التصرف تفريطا منهما في مصلحة الصغير ، كما لو اضطر الولي إلي بيع مال الصغير ، وأمكن بيعه بأكثر من قيمة المثل ، فلا يجوز له البيع بقيمة المثل ، وكذا لو دار الامر بين بيعه بزيادة درهم عن قيمة المثل ، وزيادة درهمين ، لاختلاف الاماكن أو الدلالين ، أو نحو ذلك لم يجز البيع بالاقل، وإن كانت فيه مصلحة إذا عد ذلك تساهلا عرفا في مال الصغير، والمدار في كون التصرف مشتملا على المصلحة أو عدم المفسدة على كونه كذلك في نظر العقلاء ، لا بالنظر إلى علم الغيب ، فلو تصرف الولي باعتقاد المصلحة فتبين أنه ليس كذلك في نظر العقلاء بطل التصرف ، ولو تبين أنه ليس كذلك بالنظر إلى علم الغيب صح، إذا كانت فيه مصلحة بنظر العقلاء .

( مسألة 81 ) : يجوز للاب والجد التصرف في نفس الصغير بإجارته لعمل ما أو جعله عاملا في المعامل ، وكذلك في سائر شؤونه مثل تزويجه نعم ليس لهما طلاق زوجته ، وهل لهما فسخ نكاحه عند حصول المسوغ للفسخ ، وهبة المدة في عقد المتعة: وجهان والثبوت أقرب .

ــ[22]ــ

( مسألة 82 ) : إذا أوصى الاب أو الجد إلى شخص بالولاية بعد موته على القاصرين نفذت الوصية ، وصار الموصى إليه وليا عليهم بمنزلة الموصي تنفذ تصرفاته . ويشترط فيه الرشد والامانة ، ولا تشترط فيه العدالة على الاقوى . كما يشترط في صحة الوصية فقد الآخر ، فلا تصح وصية الاب بالولاية على الطفل مع وجود الجد ، ولا وصية الجد بالولاية على حفيده مع وجود الاب ، ولو أوصى أحدهما بالولاية على الطفل، بعد فقد الآخر لا في حال وجوده ، ففي صحتها إشكال .

( مسألة 83 ) : ليس لغير الاب والجد للاب والوصي لاحدهما ولاية على الصغير ، ولو كان عما أو أما أو جدا للام أو أخا كبيرا ، فلو تصرف أحد هؤلاء في مال الصغير ، أو في نفسه ، أو سائر شؤونه لم يصح ، وتوقف على إجازة الولي .

( مسألة 84 ) : تكون الولاية على الطفل للحاكم الشرعي، مع فقد الاب والجد والوصي لاحدهما، ومع تعذر الرجوع إلى الحاكم فالولاية لعدول المؤمنين، لكن الاحوط الاقتصار على صورة لزوم الضرر في ترك التصرف ، كما لو خيف على ماله التلف - مثلا - فيبيعه العادل ، لئلا يتلف ، ولا يعتبر - حينئذ - أن تكون في التصرف فيه غبطة وفائدة ، بل لو تعذر وجود العادل - حينئذ - لم يبعد جواز ذلك لسائر المؤمنين ، ولو اتفق احتياج المكلف إلى دخول دار الايتام والجلوس على فراشهم ، والاكل من طعامهم ، وتعذر الاستئذان من وليهم لم يبعد جواز ذلك ، إذا عوضهم عن ذلك بالقيمة ، ولم يكن فيه ضرر عليهم وإن كان الاحوط تركه ، وإذا كان التصرف مصلحة لهم جاز من دون حاجة إلى عوض . والله سبحانه العالم .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net