خيار الغبن - التأخير - الرؤية - العيب - موارد جواز طلب الأرش 

الكتاب : منهاج الصـالحين - الجزء الثاني : المعاملات   ||   القسم : الكتب الفتوائية   ||   القرّاء : 14052


( الرابع ) : خيار الغبن .

إذا باع بأقل من قيمة المثل ، ثبت له الخيار ، وكذا إذا اشترى بأكثر من قيمة المثل ، ولا يثبت هذا الخيار للمغبون ، إذا كان عالما بالحال .

( مسألة 128 ) : يشترط في ثبوت الخيار للمغبون أن يكون التفاوت موجبا للغبن عرفا ، بأن يكون مقدارا لايتسامح به عند غالب الناس فلو كان جزئيا غير معتد به لقلته لم يوجب الخيار ، وحده بعضهم بالثلث وآخر بالربع وثالث بالخمس ، ولا يبعد اختلاف المعاملات في ذلك فالمعاملات التجارية المبنية على المماكسة الشديدة يكفي في صدق الغبن فيها العشر بل نصف العشر وأما المعاملات العادية فلا يكفي فيها ذلك والمدار على ما عرفت من عدم المسامحة الغالبية .

( مسألة 129 ) : الظاهر كون الخيار المذكور ثابتا من حين العقد لا من

ــ[33]ــ

حين ظهور الغبن فلو فسخ قبل ظهور الغبن صح فسخه مع ثبوت الغبن واقعا .

( مسألة 130 ) : ليس للمغبون مطالبة الغابن بالتفاوت وترك الفسخ ولو بذل له الغابن التفاوت لم يجب عليه القبول بل يتخير بين فسخ البيع من أصله وامضائه بتمام الثمن المسمى ، نعم لو تصالحا على إسقاط الخيار بمال صح الصلح وسقط الخيار ووجب على الغابن دفع عوض المصالحة .

يسقط الخيار المذكور بأمور :

الاول : إسقاطه بعد العقد وإن كان قبل ظهور الغبن ولو أسقطه بزعم كون التفاوت عشرة فتبين كونه مائة فإن كان التفاوت بالاقل ملحوظا قيدا بطل الاسقاط وإن كان ملحوظا من قبيل الداعي كما هو الغالب صح وكذا الحال لو صالحه عليه بمال .

الثاني : اشتراط سقوطه في متن العقد وإذا اشترط سقوطه بزعم كونه عشرة فتبين أنه مائة جرى فيه التفصيل السابق .

الثالث : تصرف المغبون - بائعا كان أو مشتريا فيما انتقل إليه - تصرفا يدل على الالتزام بالعقد، هذا إذا كان بعد العلم بالغبن أما لو كان قبله فالمشهور عدم السقوط به ولا يخلو من تأمل، بل البناء على السقوط به - لو كان دالا على الالتزام بالعقد - لا يخلو من وجه ، نعم إذا لم يدل على ذلك كما هو الغالب في التصرف حال الجهل بالغبن فلا يسقط الخيار به ولو كان متلفا للعين أو مخرجا لها عن الملك أو مانعا عن الاسترداد كالاستيلاد .

( مسألة 131 ) : إذا ظهر الغبن للبائع المغبون ففسخ البيع فإن كانالمبيع موجودا عند المشتري استرده منه ، وإن كان تالفا بفعله أو بغير فعله رجع بمثله، إن كان مثليا ، وبقيمته إن كان قيميا، وإن وجده معيبا بفعله أو بغير فعله أخذه مع ارش العيب، وأن وجده خارجا عن ملك المشتري بأن نقله إلى غيره بعقد لازم كالبيع والهبة المعوضة أو لذي الرحم ، فالظاهر أنه بحكم التالف فيرجع

ــ[34]ــ

عليه بالمثل أو القيمة وليس له إلزام المشتري بارجاع العين بشرائها أو استيهابها بل لا يبعد ذلك لو نقلها بعقد جائز كالهبة والبيع بخيار فلا يجب عليه الفسخ وارجاع العين ، بل لو اتفق رجوع العين إليه باقالة أو شراء أو ميراث أو غير ذلك بعد دفع البدل من المثل أو القيمة لم يجب عليه دفعها إلى المغبون نعم لو كان رجوع العين إليه قبل دفع البدل وجب ارجاعها إليه وأولى منه في ذلك لو كان رجوعها إليه قبل فسخ المغبون ، بلا فرق بين أن يكون الرجوع بفسخ العقد السابق وأن يكون بعقد جديد ، فإنه يجب عليه دفع العين نفسها إلى الفاسخ المغبون ولا يجتزي بدفع البدل من المثل أو القيمة ، وإذا كانت العين باقية عند المشتري حين فسخ البائع المغبون لكنه قد نقل منفعتها إلى غيره بعقد لازم كالاجارة اللازمة أو جائز كالاجارة المشروط فيها الخيار لم يجب عليه الفسخ أو الاستقالة مع إمكانها ، بل يدفع وأرش النقصان الحاصل بكون العين مسلوبة المنفعة مدة الاجارة .

( مسألة 132 ) : إذا فسخ البائع المغبون وكان المشتري قد تصرف في المبيع تصرفا مغيرا له فإما أن يكون بالنقيصةأو بالزيادة أو بالامتزاج بغيره فإن كان بالنقيصة أخذ البائع من المشتري المبيع مع أرش النقيصة وإن كان بالزيادة فإما أن تكون الزيادة صفة محضة كطحن الحنطة وصياغة الفضة وقصارة الثوب ، وإما أن تكون صفة مشوبة بالعين كصبغ الثوب ، وإما أن تكون عينا غير قابلة للفصل كسمن الحيوان ونمو الشجرة أو قابلة للفصل كالثمرة والبناء والغرس والزرع . فإن كانت صفة محضة أو صفة مشوبة بالعين ، فإن لم تكن لها مالية لعدم زيادة قيمة العين بها فالمبيع للبائع ولا شئ للمشتري ، وكذا إن كانت لها مالية ولم تكن بفعل المشتري كما إذا اشترى منه عصى عوجاء فاعتدلت أو خلا قليل الحموضة فزادت حموضته ، وإن كانت لها مالية وكانت بفعل المشتري ، فلكون الصفة للمشتري وشركته مع الفاسخ بالقيمة وجه ، لكنه ضعيف والاظهر أنه لا شئ للمشتري، وإن كانت الزيادة عينا فإن كانت غير قابلة للانفصال كسمن الحيوان ونمو الشجرة فلا شئ للمشتري أيضا ، وإن كانت

ــ[35]ــ

قابلة للانفصال كالصوف واللبن والشعر والثمر والبناء والزرع كانت الزيادة للمشتري ، وحينئذ فإن لم يلزم من فصل الزيادة ضرر على المشتري حال الفسخ كان للبائع إلزام المشتري بفصلها كاللبن والثمر ، بل له ذلك وإن لزم الضرر على المشتري من فصلها ، وإذا أراد المشتري فصلها فليس للبائع منعه عنه وإذا أراد المشتري فصل الزيادة بقلع الشجرة أو الزرع أو هدم البناء فحدث من ذلك نقص على الارض تداركه ، فعليه طم الحفر وتسوية الارض ونحو ذلك ، وإن كان بالامتزاج بغير الجنس فحكمه حكم التالف يضمنه المشتري ببدله من المثل أو القيمة سواء عد المبيع مستهلكا عرفا كامتزاج ماء الورد المبيع بالماء، أم لم بعد مستهلكا بل عد موجودا على نحو المزج مثل خلط الخل بالعسل أو السكر فإن الفاسخ بفسخه يملك الخل مثلا. والمفروض أنه لا وجود له وإنما الموجود طبيعة ثالثة حصلت من المزج فلا مناص من الضمان بالمثل أو القيمة بل الحال كذلك في الخلط بجنسه كخلط السمن بالسمن سواء كان الخلط بمثله أو كان بالاجود والاردأ فإن اللازم بعد الفسخ رد شخص المبيع، فإن لم يكن من جهة المزج وجب رد بدله من المثل أو القيمة .

( مسألة 133 ) : إذا فسخ المشتري المغبون وكان قد تصرف في المبيع تصرفا غير مسقط لخياره لجهله بالغبن ، فتصرفه أيضا تارة لا يكون مغيرا للعين وأخرى يكون مغيرا لها بالنقيصة أو الزيادة أو بالمزج . وتأتي فيه الصور المتقدمة وتجري عليه أحكامها ، وهكذا لو فسخ المشتري المغبون وكان البائع قد تصرف في الثمن أو فسخ البائع المغبون وكان هو قد تصرف في الثمن تصرفا غير مسقط لخياره فإن حكم تلف العين ونقل المنفعة ونقص العين وزيادتها ومزجها بغيرها وحكم سائر الصور التي ذكرناها هناك جار هنا على نهج واحد .

( مسألة 134 ) : الظاهر أنالخيار في الغبن ليس على الفور فلو أخر إنشاء الفسخ عالما عامدا لانتظار حضور الغابن أو حضور من يستشيره في الفسخ وعدمه ونحو ذلك من الاغراض الصحيحة لم يسقط خياره فضلا عما لو أخره جاهلا بالغبن أو بثبوت الخيار للمغبون أو غافلا عنه أو ناسيا له فيجوز له

ــ[36]ــ

الفسخ إذا علم أو إلتفت .

( مسألة 135 ) : الظاهر ثبوت خيار الغبن في كل معاملة مبنية على المماكسة صلحا كانت أو إجارة أو غيرهما .

( مسألة 136 ) : إذا إشترى شيئين صفقة بثمنين كعبد بعشرة وفرس بعشرة وكان مغبونا في شراء الفرس جاز له الفسخ ويكون للبائع الخيار في بيع العبد .

( مسألة 137 ) : إذا تلف ما في يد الغابن بفعله أو بأمر سماوي وكان قيميا ففسخ المغبون رجع عليه بقيمة التالف وفي كونها قيمة زمان التلف أو زمان الفسخ أو زمان الاداء وجوه أقواها الثاني ، ولو كان التلف باتلاف المغبون لم يرجع عليه بشئ ، ولو كان باتلاف أجنبي ففي رجوع المغبون بعد الفسخ على الغابن أو على الاجنبي أو يتخير في الرجوع على أحدهما وجوه أقواها الاول ، ويرجع الغابن على الاجنبي ، وكذا الحكم لو تلف ما في يد المغبون ففسخ بعد التلف فإنه إن كان التلف بفعل الغابن لم يرجع على المغبون بشئ ، وإن كان بآفة سماوية أو بفعل المغبون أو بفعل أجنبيرجع على المغبون بقيمة يوم الفسخ ورجع المغبون على الاجنبي إن كان هو المتلف وحكم تلف الوصف الموجب للارش حكم تلف العين .

( الخامس ) : خيار التأخير :

إطلاق العقد يقتضي أن يكون تسليم كان من العوضين فعليا فلو إمتنع أحد الطرفين عنه أجبر عليه فإن لم يسلم كان للطرف الآخر فسخ العقد بل لا يبعد جواز الفسخ عند الامتناع قبل الاجبار أيضا ، ولا يختص هذا الخيار بالبيع بل يجري في كل معاوضة ويختص البيع بخيار وهو المسمى بخيار التأخير ، ويتحقق فيما إذا باع سلعة ولم يقبض الثمن ولم يسلم المبيع حتى يجئ المشتري بالثمن فإنه يلزم البيع ثلاثة أيام فإن جاء المشتري بالثمن فهو أحق بالسلعة وإلا فللبائع فسخ البيع ولو تلفت السلعة كانت من مال البائع سواء أكان التلف في

ــ[37]ــ

الثلاثة أم بعدها ، حال ثبوت الخيار وبعد سقوطه .

( مسألة 138 ) : الظاهر أن قبض بعض الثمن كلا قبض ، وكذا قبض بعض المبيع .

( مسألة 139 ) : المراد بالثلاثة أيام : الايام البيض ويدخل فيها الليلتان المتوسطتان دون غيرهما ويجزي في اليوم الملفق كما تقدم في مدة خيار الحيوان .

( مسألة 140 ) : يشترط في ثبوت الخيار المذكور عدم إشتراط تأخير تسليم أحد العوضين وإلا فلا خيار .

( مسألة 141 ) : لا إشكال في ثبوت الحكم المذكور فيما لو كان المبيع شخصيا ، وفي ثبوته إذا كان كليا في الذمة قولان ، فالاحوط وجوبا عدم الفسخ بعد الثلاثة إلا برضى الطرفين .

( مسألة 142 ) : ما يفسده المبيت مثل بعض الخضر والبقول واللحم في بعض الاوقات يثبت الخيار فيه عند دخول الليل، فإذا فسخ جاز له أن يتصرف في المبيع كيف يشاء ، ويختص هذا الحكم بالمبيع الشخصي .

( مسألة 143 ) : يسقط هذا الخيار باسقاطه بعد الثلاثة وفي سقوطه باسقاطه قبلها ، وباشتراط سقوطه في ضمن العقد اشكال ، والاظهر السقوط والظاهر عدم سقوطه ببذل المشتري الثمن بعد الثلاثة قبل فسخ البائع ولا بمطالبة البائع للمشتري بالثمن ، نعم الظاهر سقوطه بأخذه الثمن منه بعنوان الجري على المعاملة لا بعنوان العارية أو الوديعة ويكفي ظهور الفعل في ذلك ولو بواسطة بعض القرائن .

( مسألة 144 ) : فيكون هذاالخيار على الفور أو التراخي قولان : أقواهما الثاني.

ــ[38]ــ

( السادس ) : خيار الرؤية :

ويتحقق فيما لو رأى شيئا ثم إشتراه فوجده على خلاف ما رآه أو إشترى موصوفا غير مشاهد فوجده على خلاف الوصف فإن للمشتري الخيار بين الفسخ والامضاء .

( مسألة 145 ) : لا فرق في الوصف الذي يكون تخلفه موجبا للخيار بين وصف الكمال الذي تزيد به المالية لعموم الرغبة فيه وغيره إذا اتفق تعلق غرض للمشتري به ، سواء أكان على خلاف الرغبة العامة مثل كون العبد أميا لا كاتبا ولا قارئا أم كان مرغوبا فيه عند قوم ومرغوبا عنه عند قوم آخرين ، مثل إشتراط كون القماش أصفر لا أسود .

( مسألة 146 ) : الخيار هنا بين الفسخ والرد وبين ترك الفسخ وإمساك العين مجانا وليس لذي الخيار المطالبة بالارش لو ترك الفسخ ، كما أنه لا يسقط الخيار ببذل البائع الارش ولا بإبدال العين بعين أخرى واجدة للوصف .

( مسألة 147 ) : كما يثبت الخيار للمشتري عند تخلف الوصف يثبت للبائع عند تخلف الوصف إذا كان قد رأى المبيع سابقا فباعه بتخيل أنه على ما رآه فتبين خلافه أو باعه بوصف غيره فانكشف خلافه .

( مسألة 148 ) : المشهور أن هذا الخيار على الفور ولكن الاقرب عدمه .

( مسألة 149 ) : يسقط هذا الخيار باسقاطه بعد الرؤية بل قبلها ، وبالتصرف بعد الرؤية إذا كان دالا على الالتزام بالعقد وكذا قبل الرؤية إذا كان كذلك ، وفي جواز إشتراط سقوطه في ضمن العقد وجهان : أقواهما ذلك فيسقط به .

( مسألة 150 ) : مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية ولا يجري في بيع الكلي فلو باع كليا موصوفا ودفع إلى المشتري فردا فاقدا للوصف لم يكن للمشتري الخيار وإنما له المطالبة بالفرد الواجد للوصف ، نعم لو كان المبيع كليا

ــ[39]ــ

في المعين كما لو باعه صاعا من هذه الصبرة الجيدة فتبين الخلاف كان له الخيار .

( السابع ) : خيار العيب:

وهو فيما لو إشترى شيئا فوجد فيه عيبا فإن له الخيار بين الفسخ برد المعيب وإمضاء البيع فإن لم يمكن الرد جاز له الامساك والمطالبة بالارش ولا فرق في ذلك بين المشتري والبائع ، فلو وجد البائع عيبا في الثمن كان له الخيار المذكور .

( مسألة 151 ) : يسقط هذا الخيار بالالتزام بالعقد، بمعنى إختيار عدم الفسخ ومنه التصرف في المعيب تصرفا يدل على إختيار عدم الفسخ .

موارد جواز طلب الارش :

لا يجوز فسخ العقد بالعيب في موارد وإنما يتعين جواز المطالبة بالارش فيها :

الاول : تلف العين .

الثاني : خروجها عن الملك ببيع أو عتق أو هبة أو نحو ذلك .

الثالث : التصرف الخارجي في العين الموجب لتغيير العين مثل تفصيل الثوب وصبغه وخياطته ونحوها .

الرابع : التصرف الاعتباري إذا كان كذلك مثل إجارة العين ورهنها .

الخامس : حدوث عيب فيه بعد قبضه من البائع ففي جميع هذهالموارد ليس له فسخ العقد برده نعم يثبت له الارش إن طالبه . نعم إذا كان حدوث عيب آخر في زمان خيار آخر للمشتري كخيار الحيوان مثلا جاز رده .

( مسألة 152 ) : يسقط الارش دون الرد فيما لو كان العيب لا يوجب نقصا في المالية كالخصاء في العبيد إذا إتفق تعلق غرض نوعي به بحيث صارت قيمة

ــ[40]ــ

الخصي تساوي قيمة الفحل ، وإذا إشترى ربويا بجنسه فظهر عيب في أحدهما ، قيل : لا أرش حذرا من الربا ، لكن الاقوى جواز أخذ الارش .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net