العصير التمري أو الزّبيبي إذا غلى 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 13402


ــ[187]ــ

   [ 375 ] مسألة 5 : العصير التمري أو الزبيبي لا يحرم ولا ينجس بالغليان على الأقوى ، بل مناط الحرمة والنجاسة فيهما هو الاسكار (1) .

   [ 376 ] مسألة 6 : إذا شك في الغليان يبنى على عدمه (2) كما أنه لو شك في ذهاب الثلثين يبنى على عدمه (3) .

   [ 377 ] مسألة 7 : إذا شك في أنه حصرم أو عنب يبنى على أنه حصرم (4) .

   [ 378 ] مسألة 8 : لا بأس بجعل الباذنجان ((1)) أو الخيار أو نحو ذلك في الحب مع ما جعل فيه من العنب أو التمر أو الزبيب ليصير خلاًّ أو بعد ذلك قبل أن يصير

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الدبس غير العصير ، إلاّ أن هذه الصورة خارجة عن محط كلام الماتن ، لأن ظاهره إرادة بقاء العصير بحاله لا خروجه عن كونه عصيراً .

   وقد يفرض مع بقاء العصير على كونه عصيراً وفي هذه الصورة إذا غلى بعد ما ذهب ثلثاه لا مانع من الحكم بحرمته بل بنجاسته أيضاً ـ  على تقدير القول بها  ـ لاطلاق الروايات ودلالتها على أن غليان العصير سبب لحرمته ونجاسته ، تقدّم عليه ذهاب ثلثيه أم لم يتقدّم ، ولم يقم دليل على أن ذهاب ثلثي العصير قبل غليانه يوجب سقوطه عن قابلية الاتصاف بالحرمة والنجاسة وإن غلى بعد ذلك ، وإنما الدليل دلّ على أن ذهابهما يرفع الحرمة والنجاسة بعد الغليان . وأما ذهابهما قبله فلا يترتّب عليه أثر بوجه ، وعليه لا يحكم بحلِّيّته وطهارته إلاّ أن يذهب ثلثاه ثانياً .

   (1) تكلّمنا على ذلك في مبحث النجاسات (2) فليراجع ، ويأتي منّا في المسألة العاشرة أيضاً أن العصير التمري أو غيره لا بأس به ما دام غير مسكر فانتظره .

   (2) لاستصحاب عدمه ، لأنه أمر حادث مسبوق بالعدم .

   (3) للاستصحاب .

   (4) لاستصحاب بقاء صفته وهي الحصرمية وعدم تبدلها بالعنبية .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا فيما إذا لم نقل بنجاسة العصير بالغليان وإلاّ ففيه بأس .

(2) شرح العروة  3 : 114 .

ــ[188]ــ

خلاًّ ، وإن كان بعد غليانه أو قبله وعلم بحصوله بعد ذلك (1) .

   [ 379 ] مسألة 9: إذا زالت حموضة الخلّ العنبي(2) وصار مثل الماء لا بأس به، إلاّ إذا غلى ((1)) فانّه لا بدّ حينئذ من ذهاب ثلثيه أو انقلابه خلاًّ ثانياً (3) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لا موجب للحكم بطهارة الخلّ في مفروض المسألة ـ بناء على نجاسة العصير بالغليان ـ لأن العصير وإن كان يحكم بطهارته وحليته بالانقلاب خلاًّ أو بتثليثه ، إلاّ أن الباذنجان المجعول فيه الذي تنجس بالعصير بعد غليانه باق على نجاسته ، لعدم ورود مطهر شرعي عليه وعدم الدليل على طهارته بالتبع ، وهو يوجب تنجّس العصير ثانياً بعد تثليثه أو انقلابه خلاًّ . نعم الأواني وحب التمر وغيرهما مما يتقوّم به الخلّ والعصير أو جرت العادة على جعله فيه محكومة بالطهارة تبعاً ، لأنه المتيقن من الأخبار الدالّة على طهارة العصير بالتثليث دون ما لا مدخلية له في الخلّ والعصير ولم تجر العادة على جعله فيهما . والذي يسهل الخطب أ نّا لم نلتزم بنجاسة العصير بالغليان وإنما هو سبب لحرمته فحسب ، ومعه لا إشكال في الحكم بحلية الخلّ مع جعل الباذنجان أو الخيار فيه لأنهما حينئذ من ملاقي الحرام دون النجس ، وملاقي الحرام ليس بحرام .

   (2) قيد الخلّ بالعنبي إحترازاً عن الزبيبي والتمري لعدم حرمتهما بالغليان .

   (3) في المقام مسألتان : إحداهما : أن العصير العنبي إذا غلى هل ينحصر تطهيره بتثليثه أو أنه يطهر بانقلابه خلاًّ أيضاً ؟ وهذه المسألة وإن كانت أجنبية عن المقام إلاّ أ نّا نتعرض لها تبعاً حيث أشار الماتن في طي كلامه إلى طهارة العصير المغلي بالانقلاب . وثانيتهما : أن الخلّ العنبي إذا زالت حموضته وصار ماء مضافاً فهل ينجس بالغليان ؟

   أمّا المسألة الاُولى : فقد يقال : بعدم الانحصار وطهارة العصير بانقلابه خلاًّ ويستدل عليه بوجوه :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل وإن غلى ، إذ لا أثر لغليان الخلّ الفاسد .

ــ[189]ــ

   الأوّل : الاجماع القطعي على أن انقلاب العصير المغلي خلاًّ كانقلاب الخمر خلاًّ موجب لطهارته . وفيه : أن تحصيل الاجماع التعبدي في المسألة كبقية المسائل من الصعوبة بمكان ، ولعلّه مما لا سبيل إليه .

   الثاني : الأولوية القطعية ، بتقريب أن الانقلاب خلاًّ إذا كان موجباً للطهارة في الخمر فهو موجب لها في العصير المغلي بالأولوية ، لوضوح أن الخمر أشد نجاسة من العصير . وفي هذه الدعوى ما لا يخفى على الفطن لأنها قياس . على أنه في غير محله لأنه مع الفارق ، حيث إن الخمر من النجاسات العينية والنجاسة فيها قائمة بالعنوان كعنوان الكلب والبول والخمر فاذا زال بالانقلاب ارتفع حكمه لا محالة ، ومن ثمة قلنا إن الطهارة في انقلاب الخمر خلاًّ حكم على القاعدة ولا حاجة فيها إلى التمسك بالأخبار ، وإنما مسّت الحاجة إليها من جهة نجاسة الاناء الموجبة لتنجس الخمر بعد انقلابها خلاًّ ، فلولاها لم نحكم بطهارة الخمر حينئذ ، وهذا بخلاف العصير فان النجاسة فيه بالغليان إنما ترتّبت على ذاته وجسمه ولم يتعلّق على اسمه وعنـوانه وعليه فقياس العصير بالخمر مع الفارق لبقاء متعلق الحكم في الأول دون الثاني .

   الثالث : صحيحة معاوية : «خمر لا تشربه» (1) حيث دلت على أن العصير بعد غليانه خمر ، وهو تنزيل له منزلتها من جميع الجهات والآثار ، وحيث إن الخمر تطهر بانقلابها خلاًّ فلا مناص من أن يكون العصير أيضاً كذلك .

   ويرد عليه أوّلاً : أن لفظة خمر غير موجودة على طريق الكليني (قدس سره) كما تقدّم (2) .

   وثانياً : أنها ظاهرة ـ على تقدير وجود اللفظة ـ في أن العصير منزّل منزلة الخمر من حيث حرمته ، حيث قال : «خمر لا تشربه» لأنه فرق بيّن بين أن يقال : خمر فلا  تشربه ، وبين أن يقال : خمر لا تشربه ، فان ظاهر الأول عموم التنزيل لمكان «فاء» الظاهرة في التفريع ، لدلالتها على أن حرمة الشرب أمر متفرع على التنزيل لا

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 25 : 293 / أبواب الأشربة المحرمة ب 7 ح 4 .

(2) في المسألة [ 202 ] .

ــ[190]ــ

أن التنزيل خاص بحرمة الشرب ، والثاني ظاهر في إرادة التنزيل من حيث حرمة الشرب فحسب .

   وثالثاً : هب أنها دلت على تنزيل العصير منزلة الخمر مطلقاً ، إلاّ أنه ينصرف إلى أظهر الخواص والآثار وهي في الخمر ليست إلاّ حرمة الشرب والنجاسة ، وأما طهارتها بالانقلاب خلاًّ فهي من الآثار غير الظاهرة التي لا ينصرف إليها التنزيل بوجه .

   والصحيح أن يستدل على ذلك بالأخبار الواردة في طهارة الخلّ وجواز شربه وأوصافه وآثاره كما دلّ على أنه مما لا بدّ منه في البيوت ، وأنه ما أفقر بيت فيه خل(1) وغير ذلك من الآثار ، وذلك لأن الخلّ لا يتحقّق إلاّ بعد نشيش العصير وغليانه بنفسه ، وقد دلّت الروايات على حليته مع أنه غلى قبل الانقلاب . بل الحرمة بالنشيش آكد من الحرمة بالغليان بالنار أو غيرها ، ومقتضى الأخبار المذكورة طهارة الخلّ الحاصل بالنشيش فضلاً عن الحاصل بالغليان بالأسباب ، ومعه لا حاجة إلى الاستدلال بشيء من الوجوه المتقدِّمة . هذا كله في المسألة الاُولى .

   أمّا المسألة الثانية : أعني نجاسة الخلّ الذي ذهبت حموضته وحرمته بالغليان ، فقد ذهب الماتن إلى نجاسته وحرمته إذا غلى إلاّ أن يذهب ثلثاه أو ينقلب خلاًّ ثانياً .

   ولا يمكن المساعدة عليه ، وذلك لأنّ الموضوع للحكم بالحرمة أو هي مع النجاسة هو الغليان على نحو صرف الوجود المنطبق على أوّل الوجودات ، ومعه إذا تحقّق الغليان أوّلاً ، ثم طهر بذهاب الثلثين أو التخليل فالغليان الثانوي لا يترتّب عليه أثر من الحرمة والنجاسة حتى نحتاج في تطهـيره وتحليله إلى ذهاب الثلثين أو التخليل هذا في العصير . وكذلك الحال في الخلّ لعدم حرمته ونجاسته بالغليان حيث سبقه الغليان مرّة وترتبت عليه الحرمة والنجاسة وزالتا بانقلابه خلاًّ . إذن فالوجود الثاني من الغليان لا يؤثر شيئاً منهما وإنما هو باق على حليته وطهارته غلى أم لم يغل ، هذا

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 25 : 85 / أبواب الأطعمة المباحة ب 43 ، 44 ، 45 ، 370 / أبواب الأشربة المحرمة ب  31 .

ــ[191]ــ

   [ 380 ] مسألة 10 : السيلان وهو عصير التمر أو ما يخرج منه بلا عصر ، لا مانع من جعله في الأمراق ولا يلزم ذهاب ثلثيه كنفس التمر (1) .

ـــــــــــــــــــــــــ

كلّه في الخلّ غير الفاسد . وأما الخلّ الفاسد أعني ما زالت عنه حموضته فهو أيضاً كسابقه والغليان الثانوي لا يقتضي حرمته ولا نجاسته .

   (1) والوجه في حليته وطهارته أن العصير التمري لا دليل على حرمته أو نجاسته بالغليان ما دام غير مسكر ، وإذا أسكر فهو حرام كما ورد في جملة من الأخبار وفي بعضها : «يا هذا قد أكثرت عليَّ أفيسكر ؟ قال : نعم قال : كل مسكر حرام» (1) . والروايات الدالّة على حرمة العصير أو نجاسته بالغليان مختصة بالعصير العنبي دون التمري ، فلئن تعدى أحد فانّما يتعدى إلى الزبيبي أو يحتاط فيه ، وأما التمري أو غيره فالالتزام بحرمته أو نجاسته بالغليان بلا موجب يقتضيه .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net