9 ـ التبعيّة \ انواع التبعيات واحكامها 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6319


ــ[211]ــ

   التاسع : التبعية وهي في موارد :

   أحدها : تبعية فضلات الكافر المتصلة ببدنه كما مرّ (1) .

   الثاني : تبعية ولد الكافر ((1)) له في الاسلام أباً كان أو جداً ، أو اُمّاً أو جدّة (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   أما الصورة الاُولى : فلا ينبغي التردد في حرمة تعريض المرتد نفسه إلى القتل باظهاره عند الحاكم أو بغيره لوجوب حفظ النفس عن القتل ، بل له رد الشاهدين وإنكار شهادتهما أو الفرار قبل إقامة الدعوى عند الحاكم ، على أنه إظهار للمعصية وفضاحة لنفسه وهو حرام .

   وأما الصورة الثانية : فلا يبعد فيها أن يقال بوجوب تعريض المرتد نفسه إلى القتل لوجوب تنفيذ حكم الحاكم الشرعي وحرمة الفرار عنه ، لأن رد حكمه بالفعل أو القول رد للأئمة (عليهم السلام) وهو رد لله سبحانه ، هذا .

   والظاهر أن نظر الماتن إلى الصورة الاُولى أعني التعريض قبل ثبوت الارتداد عند الحاكم ، لعدم اختصاص وجوب القتل بالحاكم حيث لا يتوقّف على حكمه ، بل يجوز ذلك لجميع المسلمين إذا تمكنوا من قتله ولم يترتب عليه مفسدة ، وإنما ينجر الأمر إلى إقامة الدعوى عند الحاكم في بعض الموارد والأحيان ، فمراده (قدس سره) أن المرتد لا يجب أن يعرّض نفسه للقتل ويسلمها للمسلمين بمجرّد الارتداد ليقتلوه .

 مطهِّريّة التبعية وهي في موارد

    (1) لأن نجاسة فضلاته كطهارتها إنما هي من جهة التبعية لبدنه ولأجل إضافتها إليه ، فاذا أسلم انقطعت إضافتها إلى الكافر وتبدلت بالاضافة إلى المسلم ، فلا يصدق بعد إسلامه أن الشعر شعر كافر أو الوسخ وسخه ، بل يقال إنه شعر مسلم ووسخه كما تقدّم .

   (2) وهي القاعدة المعروفة بتبعية الولد لأشرف الأبوين ، وليس مدركهم في تلك

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بشرط أن لا يكون الولد مظهراً للكفر مع تمييزه ، وكذا الحال في تبعية الأسير للمسلم الذي أسره .

ــ[212]ــ

   الثالث : تبعية الأسير للمسلم الذي أسره (1) إذا كان غير بالغ (2) ولم يكن معه أبوه أو جده (3) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القاعدة رواية حفص قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل من أهل الحرب إذا أسلم في دار الحرب فظهر عليهم المسلمون بعد ذلك ؟ فقال : إسلامه اسلام لنفسه ولولده الصغار وهم أحرار وماله(1) ومتاعه ورقيقه له، فأما الولد الكبار فهم فيء للمسلمين إلاّ أن يكونوا أسلموا قبل ذلك ...»(2) لكي يرد عدم شمولها للجدّ والجدّة لاختصاصها بالأب أوالأبوين . على أنها ضعيفة السند بقاسم بن محمد وعلي ابن محمد القاساني الضعيف لرواية الصفار عنه فليراجع ترجمته (3) .

   بل المدرك في ذلك كما أشرنا إليه سابقاً أنه لا دليل على نجاسة ولد الكافر غير الاجماع ، وعدم القول بالفصل بين المميز المظهر للكفر وغيره ، ولا إجماع على نجاسة ولد الكافر إذا أسلم أحد أبويه أو جده أو غير ذلك من الاُصول ، فدليل النجاسة قاصر الشمول للمقام رأساً ، لا أن طهارة ولد الكافر مستندة إلى دليل رافع لنجاسته .

   (1) وذلك لأن دليل النجاسة قاصر الشمول له في نفسه ، حيث إن الدليل على نجاسة ولد الكافر منحصر بالاجماع وعدم الفصل القطعي بين المظهر للكفر وغيره ومن الواضح عدم تحقق الاجماع على نجاسته إذا كان أسيراً للمسلم مع الشروط الثلاثة الآتية ، لذهاب المشهور إلى طهارته ، فالمقتضي للنجاسة قاصر في نفسه وهو كاف في الحكم بطهارته .

   (2) لأنّ الأسير البالغ موضوع مستقل ويصدق عليه عنوان اليهودي والنصراني وغيرهما من العناوين الموجبة لنجاسته .

   (3) وإلاّ تبعهما في نجاستهما ولم يمكن الحكم بطهارته بالتبعية ، للاجماع القطعي على

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في الوسائل «وولده» بدل «وماله» .

(2) الوسائل 15 : 116 / أبواب جهاد العدو ب 43 ح 1 .

(3) معجم رجال الحديث 13 : 159 .

ــ[213]ــ

   الرابع : تبعية ظرف الخمر له بانقلابه خلاًّ (1) .

   الخامس : آلات تغسيل الميت من السـدة ، والثوب الذي يغسله فيه ، ويد الغاسل دون ثيابه ، بل الأولى والأحوط الاقتصار على يد الغاسل (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نجاسة ولد الكافر كما مر ، هذا وقد ذكرنا في التعليقة شرطاً ثالثاً في الحكم بطهارته وهو أن لا يكون مظهراً للكفر وإلاّ انطبق عليه عنوان اليهودي أو غيره من العناوين الموجبة لنجاسته .

   (1) لما أسلفنا (1) في التكلم على الانقلاب من أن أواني الخمر لو كانت باقية على نجاستها بعد الانقلاب لكان الحكم بطهارة الخمر بالانقلاب لغواً ظاهراً ، هذا .

   وقد نسب إلى بعض المتقدمين من المعاصرين اختصاص الطهارة التبعية بالأجزاء الملاصقة من الاناء بالخمر ، وأما الأجزاء الفوقانية المتنجسة بالخمر قبل الانقلاب ـ  حيث إن بالانقلاب تقل كميتها  ـ فلا مقتضي لطهارتها تبعاً إذ لا يلزم من بقائها على نجاستها أيّ محذور ، ولا يكون الحكم بطهارة الخمر بالانقلاب لغواً بوجه ، ومن هنا حكم بلزوم كسر الاناء أو ثقبه من تحته حتى يخرج الخلّ من تلك الثقبة ، فان إخراجه بقلب الاناء يستلزم تنجس الخلّ بملاقاة الأجزاء الفوقانية .

   ويدفعه : أن طهارة الأجزاء الفوقانية في الاناء وإن لم تكن لازمة لطهارة الخمر بالانقلاب ، إلاّ أن السيرة العملية كافية في الحكم بطهارتها ، لأن سيرتهم في عصر الأئمة (عليهم السلام) وما بعده لم تجر على أخذ الخلّ بكسر ظرفه أو ثقبه على الكيفية المتقدِّمة ، وإنما كانوا يأخذونه من ظروفه أخذ الماء أو غيره من المائعات عن محلِّها .

   (2) للسيرة القطعية الجارية على عدم غسل السدة والثوب الذي يغسل فيه الميت بعد التغسيل ، وكذلك غيره مما يستعمل فيه من الكيس ويد الغاسل ونحوهما ، فان الثوب يحتاج في تطهيره إلى العصر ولم يعهد عصر ثوب الميت بعد التغسيل ، فطهارته تبعية مستندة إلى طهارة الميت . نعم الأشياء التي لم تجر العادة على إصابة الماء لها حال التغسيل كثوب الغاسل مثلاً لا وجه للحكم بطهارتها بالتبع .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 160 ، الخصوصية الاُولى .

ــ[214]ــ

   السادس : تبعية أطراف البئر والدلو والعدة ، وثياب النازح ـ  على القول بنجاسة البئر (1) ـ لكن المختار عدم تنجسه بما عدا التغيّر ، ومعه أيضاً يشكل جريان حكم التبعية (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا يخفى أن السيرة وإن كانت جارية على عدم غسل الدلو وأطراف البئر وغيرهما مما يصيبه الماء بالنزح عادة ولا سبيل إلى إنكارها بوجه ، إلاّ أنها من باب السالبة بانتفاء موضوعها ، لأن ماء البئر لا ينفعل بملاقاة النجس حتى تتنجس أطرافها والآلات المستعملة في النزح بسببه ويحتاج في الحكم بطهارتها التبعية إلى الاستدلال بالسيرة ، والنزح أمر مستحب أو أنه واجب تعبدي من غير أن يكون مستنداً إلى انفعال ماء البئر بملاقاة النجس ، فأطراف البئر أو الدلو ونحوهما لا تتنجس إلاّ بالتغيّر ، ولا دليل حينئذ على الطهارة التبعية في تلك الاُمور التي يصيبها الماء عند النزح ، لأن التغيّر في البئر أمر قد يتفق ولا مجال لدعوى السيرة فيه ، كيف وهو من الندرة بمكان لم نشاهده طيلة عمرنا ، وإحراز السيرة فيما هذا شأنه مما لا سبيل إليه .

   (2) والوجه في ذلك ليس هو استناد طهارة البئر حينئذ إلى زوال التغيّر لا إلى النزح ، لأن الطهارة في مفروض الكلام وإن كانت مستندة إلى زوال التغيّر لقوله (عليه السلام) في صحيحة محمّد بن إسماعيل بن بزيع : «فينزح حتى يذهب الريح ويطيب طعمه» (1) والنزح مقدّمة له ، ومن هنا ذكرنا أن زوال التغيّر إذا نشأ من القاء عاصم عليه أيضاً كفى في تطهيره من غير حاجة إلى النزح ، إلاّ أنه لا فرق في الحكم بالطهارة التبعية وعدمه بين استناد الطهارة إلى النزح واستنادها إلى زوال التغيّر ، فان السيرة إن كانت جارية على عدم غسل الحبل والدلو وأطراف البئر ونحوها فلا مناص من الالتزام بطهارتها بالتبع ، سواء استندت طهارة البئر إلى زوال التغيّر أم إلى النزح ، وإن لم تجر السيرة على ذلك فلا مناص من الالتزام بنجاستها ، استندت طهارة البئر إلى النزح أو إلى زوال التغيّر .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 172 / أبواب الماء المطلق ب 14 ح 6 .

ــ[215]ــ

   السابع : تبعية الآلات المعمولة في طبخ العصير ـ  على القول بنجاسته  ـ فانّها تطهر تبعاً له بعد ذهاب الثلثين (1) .

   الثامن : يد الغاسل وآلات ((1)) الغسل في تطهير النجاسات (2) وبقية الغسالة الباقية في المحل بعد انفصالها (3) .

   التاسع : تبعية ما يجعل ((2)) مع العنب أو التمر للتخليل كالخيار والباذنجان ونحوهما كالخشب والعود ، فانّها تنجس تبعاً له عند غليانه ـ  على القول بها  ـ وتطهر تبعاً له بعد صيرورته خلاًّ(4).

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بل الوجه فيما أفاده أن النجاسة بعد ما ثبتت تحتاج إزالتها إلى غسلها أو إلى دليل يقتضي زوالها من غير غسل ، والأول مفروض العدم في الدلو وأشباهه والثاني غير متحقق لانحصار دليل الطهارة بالسيرة وهي غير محرزة لقلة الابتلاء بتغيّر البئر كما مر ، فأدلّة لزوم الغسل في المتنجسات محكمة ومقتضى تلك الأدلّة عدم طهارة الدلو ونظائره من غير غسل .

   (1) للسيرة المحققة ، ولأن الحكم بطهارته من غير طهارة الاناء المطبوخ فيه العصير لغو ظاهر كما عرفت في أواني الخمر المنقلبة خلاًّ .

   (2) لا دليل على طهارتهما التبعية بوجه ، وإنما لا يحتاجان إلى الغسل بعد تطهير المتنجسات لانغسالهما حال غسلها وتطهيرها ، فكما أن المتنجِّس يطهر بغسله كذلك اليد والظرف يطهران به ، لا أنهما يطهران بتع طهارة المتنجِّس من غير غسلهما .

   (3) والأمر وإن كان كما أفاده ، إلاّ أن طهارة بقية الغسالة لا تستند إلى الطهارة بالتبع ، بل عدم نجاستها من باب السالبة بانتفاء موضوعها ، لأن الغسالة في الغسلة المتعقبة بطهارة المحل طاهرة كما بيّناه في محله .

   (4) إثبات الطهارة لما يجعل مع العنب أو التمر للتخليل من الصعوبة بمكان ودون

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحكم بطهارتها إنما هو لأجل غسلها بالتبع ، وأما بقية الغسالة فقد مرّ أنها طاهرة في نفسها .

(2) في تبعيته في الطهارة إشكال بل منع ، والذي يسهل الخطب ما مرّ من أن العصير لا ينجس بالغليان .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net