حكم استعمال أواني الخمر 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 8198


   [ 400 ] مسألة 3 : يجوز استعمال أواني الخمر بعد غسلها (4) وإن كانت من الخشب أو القرع أو الخزف غير المطلي بالقير أو نحوه (5) ولا يضر نجاسة باطنها

 ـــــــــــــــــــــــــ

   (4) لأنها كسائر الأواني المتنجسة قابلة للطهارة بالغسل لاطلاق ما دلّ على غسل الاناء ثلاث مرات أو أكثر (2) .

   (5) قد يقال بالمنع من استعمال ما ينفذ فيه الخمر غسل أو لم يغسل ، ويستدل على ذلك بأن للخمر حدة ونفوذاً فاذا لم تكن الآنية صلبة نفذت في أعماقها من غير أن يصل إليها الماء حال تطهيرها وبذلك تبقى على نجاستها .

ــــــــــــــ

(2) الوسائل 3 : 496 / أبواب النجاسات ب 53 ح 1 .

ــ[276]ــ

بعد تطهير ظاهرها داخلاً وخارجاً ، بل داخلاً فقط . نعم يكره استعمال ما نفذ الخمر إلى باطنه إلاّ إذا غسل على وجه يطهر باطنه أيضاً .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ويرد على ذلك أولاً : أن هذا لا اختصاص له بأواني الخمر بوجه ، لأنه لو تمّ لعمّ الأواني الملاقية للبول والماء المتنجِّس وغيرهما من المائعات النجسة أو المتنجسة لأنها أيضاً تنفذ في أعماقها ولا يصلها الماء حال تطهيرها .

   وثانياً : قدّمنا في البحث عن المطهرات أن أواني الخمر قابلة للطهارة حتى أعماقها بجعلها في الكر أو الجاري إلى أن ينفذ الماء في جوفها .

   وثالثاً : أن نجاسة باطنها وعدم قبوله التطهير ـ لو سلم ـ لا يمنعان عن الحكم بطهارة ظاهرها بغسله ، فلو غسلنا ظاهرها من الداخل حكم بطهارته وإن كان باطنها نجساً ، هذا ولكن المعروف بينهم كراهة استعمال ما نفذ فيه الخمر كما أشار إليه الماتن بقوله : نعم يكره ....

   وبصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال : «سألته عن نبيذ قد سكن غليانه ـ إلى أن قال ـ : وسألته عن الظروف ؟ فقال : نهى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن الدباء والمزفت ، وزدتم أنتم الحنتم ـ  يعني الغضار  ـ والمزفت يعني الزفت الذي يكون في الزق ويصب في الخوابي ليكون أجود للخمر ، قال : وسألته عن الجرار الخضر والرصاص ؟ فقال : لا بأس بها» (1) والدباء هو الظروف المصطنعة من القرع ، والمزفت من الأوعية هو الاناء الذي
طلي بالزفت وهو القير والحنتم هي الجرار الصلبة المصنوعة من الخزف وقد يعبّر عنها بالجرار الخضر(2) وفي بعض العبائر «الحتم» وهو غلط . والوجه في نفيه (عليه السلام) البأس عن الجرار

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 495 / أبواب النجاسات ب 52 ح 1 .

(2) وأما الرصاص فلم نعثر على تفسيره فيما يحضرنا بالفعل من كتب الحديث واللغة ، ولعل المراد به هو الحنتم ، وإنما اُطلق عليه لاسـتحكامه وتداخل أجزائه ومنه قوله عزّ من قائل : ( كأ نّهم بُنيانٌ مرصوص ) الصف 61 : 4 .

ــ[277]ــ

الخضر والرصاص أعني الحنتم هو عدم كونه منهياً عنه في كلام النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وإنما زيد من قبلهم لقوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : وزدتم أنتم الحنتم .

   وهذه الرواية وإن كانت صحيحة سنداً إلاّ أنها غير تامة الدلالة على المراد ، وذلك لأن المزفت بل الدباء مما لا يصل الماء إلى جوفه فأين هذا من الأواني التي تنفذ الخمر في باطنها ، ولعل النهي عن استعمال تلك الظروف مستند إلى ملاك آخر غير كونها ظروف خمر ، ككونها موجبة لبعض الأمراض أو غير ذلك من الملاكات . على أنها معارضة بما دلّ على طهارة ظروف الخمر بالغسل كما قدّمناه في محلِّه (1) .

   ورواية أبي الربيع الشامي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «نهى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن كل مسكر فكل مسكر حرام قلت : فالظروف التي يصنع فيها منه ؟ قال : نهى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن الدباء والمزفت والحنتم والنقير ، قلت : وما ذلك ؟ قال : الدباء : القرع ، والمزفت : الدنان ، والحنتم : جرار خضر ، والنقير : خشب كان أهل الجاهلية ينقرونها حتى يصير لها أجواف ينبذون فيها»(2) وهذه الرواية مضافاً إلى قصورها سنداً لعدم توثيق أبي الربيع ـ  وإن لم يبعد تشيّعه  ـ لا دلالة لها على المدعى لأن الأواني المذكورة فيها ليست مما تنفذ الخمر في أعماقه لصلابتها . على أنها تنافي الصحيحة المتقدِّمة لأنها نفت البأس عن الحنتم كما عرفت ، كما أنها تعارض الأخبار الدالّة على طهارة ظروف الخمر كغيرها بالغسل .

   فالمتحصل أن الروايتين لا دلالة لهما على المنع عن استعمال أواني الخمر غير الصلبة تحريماً ولا كراهة ، وعلى تقدير التنازل نلتزم بالكراهة في مورد الروايتين ولا يمكننا التعدي عنه إلى بقية الظروف ، أو نلتزم باستحباب الترك في مورد الرواية بناء على القول بالتسامح في أدلة السنن . نعم لا مانع من الاحتياط بالترك في أواني الخمر مطلقاً خروجاً عن شبهة الخلاف .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 48 .

(2) الوسائل 3 : 496 / أبواب النجاسات ب 52 ح 2 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net