بطلان الوضوء الضّرري مع العلم والجهل بالضّرر دون النِّسيان 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6728


 

ــ[61]ــ

لأ نّه مأمور واقعاً بالتيمّم هناك بخلاف ما نحن فيه .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مبغوض والمبغوض لا يمكن التقرب به ولا يقع مصداقاً للواجب .

   وأما إذا كان ناسياً فيحكم على وضوئه بالصحّة ، لأن حديث رفع النسيان حاكم على أدلّة الأحكام وموجب لارتفاعها عند النسيان ، فالوضوء حينئذ غير محرم في حق الناسي واقعاً وليس رفعه رفعاً ظاهرياً كما في «ما لا يعلمون» ، وحيث إن المفروض أنه مكلف بالوضوء لقدرته على التوضؤ بأقل ما يجزئ في غسله ، وهو كما إذا فرضنا ماءين أحدهما مضر في حقه لشدّة حرارته أو برودته والآخر غير مضر وقد توضأ ممّا يضرّه فهو مكلفّ بالوضوء ، ولا مانع في الفرد المأتي  به لعدم حرمته واقعاً فلا محالة تنطبق عليه الطبيعة المأمور  بها ويكون الإتيان به مجزئاً في مقام الامتثال . وتوهم أن حديث نفي الضرر يوجب تقييد الطبيعة المأمور  بها بغير ذلك الفرد المضر ، مندفع بأن شأن قاعدة نفي الضرر هو رفع الأحكام لا إثباتها ولو مقيّدة ، ولا مورد للنفي في المقام ، حيث إن الفرد غير محكوم بحكم حتى ترفعه القاعدة ، لأنّ الحكم مترتب على الطبيعة دون الفرد . هذا كله في موارد النسيان .

   وأمّا إذا  كان جاهلاً بالضرر فلا يمكن الحكم بصحّة الوضوء حينئذ ، لما ذكرناه غير مرّة من أن الجهل بالحرمة والمبغوضية لا يرفع الحرمة ولا يجعل ما ليس بمقرّب مقرّباً ، وبعبارة اُخرى : أن النهي في العبادة يوجب الفساد مطلقاً كان عالماً بالحرمة أم جاهلاً بها ، نعم الجهل عذر في ارتكابه الحرام ; وأما الصحّة فلا ، لأنه مبغوض واقعي والمبغوض لا يكون مقرّبا .

   ومن جملة فروع المسألة : ما إذا كان أصل استعمال الماء مضراً في حقه ولو بأقل مما يجزئ في الوضوء ، فقد حكم في المتن ببطلان الوضوء حينئذ في صـورة العلم وقال : إنه يمكن الحكم ببطلانه في صورة الجهل والنسيان أيضاً نظراً إلى أنه غير مكلف بالوضوء واقعاً وإنما هو مأمور بالتيمم ، فلو توضأ وقع وضوءه باطلاً لا محالة

ــ[62]ــ

هذا وقد تقدّمت هذه المسألة في شرائط الوضوء وحكم (قدس سره) هناك بصحّة الوضوء في صورة الجهل والنسيان(1) ، إلاّ أنه في المقام ذكر أنه يمكن الحكم ببطلانه في كلتا الصورتين ، والصحيح هو ما أفاده هناك .

   وذلك أمّا في صورة النسيان فلما مرّ من أن النسيان يرفع الحرمة الواقعية ، ومع إباحة الفرد وعدم حرمته لا مانع من أن تنطبق عليه الطبيعة المأمور  بها . ودعوى أنه غير مأمور بالوضوء حينئذ بل مأمور بالتيمم فاسدة ، لأنه مأمور بالوضوء لتمكنه من استعمال الماء عقلاً ـ  وهو ظاهر  ـ وشرعاً ، لعدم حرمته عليه واقعاً لأجل نسيانه . ودعوى أنه وإن لم يكن محرماً عليه إلاّ أن مقتضى حديث نفي الضرر تقيد الأمر بالوضوء بغير ما كان موجباً للضرر ، فالوضوء المضر مما لا يتعلق به أمر ، غير مسموعة لأنه إنما يجري مع الامتنان ، وأي امتنان في الحكم بفساد الوضوء الذي أتى به الناسي بعد نسيانه .

   نعم يجري الحديث في صورة العلم بالضرر ـ وإن قلنا بعدم حرمته ـ ويوجب تقييد الأمر بالوضوء بغير صورة الضرر لأنه على وفق الامتنان ، لوضوح أن رفع الإلزام والتكليف والحكم بأنك غير مكلف بالوضوء موافق مع الامتنان ، ومع شمول الحديث والحكم بعدم وجوب الوضوء لو أتى به يقع فاسداً ، إذ لا مسوغ في عمله ولا أمر له فهو فاسد .

   وأمّا في صورة الجهل فإن كان الضرر من القسم المحرّم فلا إشكال في الحكم ببطلان الوضوء ، لأنه عمل محرم مبغوض واقعاً والمبغوض لا يقع مقرباً ومصداقاً للواجب فيفسد . وقد عرفت أن الجهل عذر وغير رافع للحرمة والمبغوضية الواقعية وأمّا إذا لم يكن من القسم المحرّم فإن قلنا بمقالة المشهور وحكمنا بحرمة مطلق الضرر فأيضاً لا بدّ من الحكم بالفساد ، لأنه مبغوض واقعي والمحرّم والمبغوض لا يكون مقرّباً ولا يقع مصداقاً للواجب ، ومن هنا قلنا إن النهي في العبادة يقتضي الفساد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) السابع من شرائط الوضوء .  بعد المسألة [ 559 ] .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net