وهذا الاشكال بمكان من السقوط، فانّه يرد عليه أوّلاً: أنّ ما ذكر إنّما يصح فيما إذا كان المدخول بنفسه مفيداً للعموم، فبعد دخول النفي عليه يكون سلباً للعموم، بخلاف المقام، فانّ اليقين بنفسه لا يدل على العموم، لأنّ المراد منه الجنس، والعموم يستفاد من النفي، فيكون بمنزلة قولنا: لا رجل في الدار في إفادته عموم السلب لا سلب العموم.
وثانياً: أ نّه لا نسلّم سلب العموم حتى فيما إذا كان المدخول بنفسه مفيداً للعموم، لما ذكرنا في بحث العام والخاص(2) من أنّ الظاهر من العمومات هو العموم الاستغراقي لا المجموعي، إلاّ إذا قامت قرينة على إرادته، فمثل قولنا: لا تهن العلماء ظاهر في عموم السلب لا سلب العموم وإن كان المدخول بنفسه مفيداً للعموم.
وثالثاً: أ نّا لو سلّمنا ظهوره في سلب العموم فانّما هو فيما لم تكن قرينة على الخلاف، والقرينة في المقام موجودة، وهي أنّ الإمام (عليه السلام) بعد ما حكم بعدم وجوب الوضوء على من شك في النوم، علله بقوله (عليه السلام): «فانّه
ـــــــــــــ (2) الهداية في الاُصول 2: 300، لكن ذُكر ما ينافيه في الدراسات 2: 234 و 235.
ــ[58]ــ
على يقين من وضـوئه ولا ينقض اليقين بالشك أبداً» فلو كان المراد سلب العموم لم ينطبق على المورد وكان لزرارة أن يقول إنّه لا ينقض جميع أفراد يقينه بالشك بل بعضها، وليكن هذا اليقين من هذا البعض.
|