معارضة الأصل المثبت مع استصحاب عدم اللازم - وجوه اعتبار الأصل المثبت 

الكتاب : مصباح الاُصول - الجزء الثاني   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4694


 بقي أمران لا بدّ من التنبيه عليهما:

 الأمر الأوّل: أ نّه لو قلنا بحجية الأصل المثبت في نفسه بمعنى ترتب الآثار الشرعية المترتبة على اللوازم العقلية أو العادية، فهل يكون معارضاً باستصحاب عدم تلك اللوازم لكونها مسبوقةً بالعدم فتكون الاُصول المثبتة ساقطة عن الحجية لابتلائها بالمعارض دائماً أم لا؟

 ذكر الشيخ(1) (قدس سره) أ نّه على تقدير القول بحجية الأصل المثبت لا معنى لمعارضته باستصحاب عدم اللازم، لكون استصحاب بقاء الملزوم حاكماً على استصحاب عدم اللازم، فانّ استصحاب بقاء الملزوم على تقدير حجية الأصل المثبت يرفع الشك في اللازم، فلا يبقى مجال لجريان الاستصحاب فيه، فانّ الآثار الشرعية الثابتة بتوسط اللوازم العقلية أو العادية، تكون حينئذ كالآثار الشرعية التي ليست لها واسطة في عدم معقولية المعارضة بين استصحاب بقاء الملزوم واستصحاب عدم اللازم، فلو تمّ التعارض هنا، لتم هناك أيضاً، لكونها أيضاً مسبوقةً بالعدم، فكما أنّ استصحاب الطهارة في الماء يرفع الشك في نجاسة الثوب المغسول به، ولا مجال لجريان استصحاب النجاسة كي يقع التعارض بينه وبين استصحاب طهارة الماء، فكذا الحال في الآثار الشرعية مع الوسائط العقلية أو العادية على القول بحجية الأصل المثبت، هذا.

 والصحيح في المقام: هو التفصيل فان اعتبار الأصل المثبت يتصور على أنحاء:

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فرائد الاُصول 2: 661.

ــ[188]ــ

الأوّل: أن نقول باعتباره من جهة القول بأن حجية الاستصحاب لأجل إفادته الظن بالبقاء، وأنّ الظن بالملزوم يستلزم الظن باللازم لا محالة، وعليه فلا معنى للمعارضة بين الاستصحابين، لأ نّه بعد حصول الظن باللازم بجريان الاستصحاب في الملزوم لايبقى مجال لاستصحاب عدم اللازم، ولايمكن حصول الظن بعدمه من الاستصحاب المذكور، لعدم إمكان اجتماع الظن بوجود شيء مع الظن بعدمه، فما ذكره الشيخ (قدس سره) صحيح على هذا المبنى.

 الثاني: أن نقول بحجية الأصل المثبت لأجل أنّ التعبد بالملزوم بترتيب آثاره الشرعية يقتضي التعبد باللازم بترتيب آثاره الشرعية أيضاً، فتكون اللوازم كالملزومات مورداً للتعبد الشرعي، ولا معنى للتعارض على هذا المبنى أيضاً، فانّه بعد البناء على تحقق اللازم تعبداً لا يبقى شك فيه حتى يجري الاستصحاب في عدمه. فما ذكره الشيخ (قدس سره) من الحكومة وإن كان صحيحاً على هذا المبنى أيضاً، إلاّ أنّ إثبات هذا المعنى على القول بحجية الأصل المثبت دونه خرط القتاد.

 الثالث: أن نقول به من جهة أنّ التعبد بالملزوم المدلول عليه بأدلة الاستصحاب عبارة عن ترتب جميع آثاره الشرعية حتى الآثار مع الواسطة، فان هذه الآثار أيضاً آثار للملزوم، لأن أثر الأثر أثر. وعلى هذا المبنى يقع التعارض بين الاستصحابين، لأنّ اللازم على هذا المبنى ليس بنفسه مورداً للتعبد بالاستصحاب الجاري في الملزوم، وحيث كان مسبوقاً بالعدم فيجري استصحاب العدم فيه، ومقتضاه عدم ترتب آثاره الشرعية، فيقع التعارض بينه وبين الاستصحاب الجاري في الملزوم في خصوص هذه الآثار.

 وبعبارة اُخرى: على هذا المبنى لنا يقيـنان: يقين بوجود الملزوم سابقاً، ويقين بعدم اللازم سابقاً، فبمقتضى اليقين بوجود الملزوم يجري الاستصحاب

ــ[189]ــ

فيه، ومقتضاه ترتيب جميع آثاره الشرعية حتى آثاره التي تكون مع الواسطة، وبمقتضى اليقين بعدم اللازم يجري استصحاب العدم فيه، ومقتضاه عدم ترتيب آثاره الشرعية التي كانت آثاراً للملزوم مع الواسطة، فيقع التعارض بين الاستصحابين في خصوص هذه الآثار.

 فتحصّل مما ذكرناه: أ نّه لا يمكن القول باعتبار الأصل المثبت، من جهة عدم المقتضي لعدم دلالة أدلة الاستصحاب على لزوم ترتيب الآثار مع الواسطة العقلية أو العادية، ومن جهة وجود المانع والابتلاء بالمعارض على تقدير تسليم وجود المقتضي له.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net