ــ[286]ــ
الأمر الأوّل: قد ذكرنا مراراً أنّ المستفاد من أدلة الاستصحاب حرمة نقض اليقين بالشك، ولا يصدق النقض المذكور إلاّ فيما إذا كان الشك متعلقاً بعين ما تعلق به اليقين، غاية الأمر أنّ اليقين قد تعلق به حدوثاً، والشك قد تعلق به بقاءً.
وبهذا يظهر أنّ أخبار الاستصحاب لا تشمل موارد قاعدة المقتضي والمانع، إذ اليقين فيها متعلق بوجود المقتضي، والشك فيها متعلق بوجود المانع، فاذا صببنا الماء لتحصيل الطهارة من الخبث مثلاً، وشككنا في تحقق الغسل لاحتمال وجود مانع من وصول الماء، فلنا يقين بوجود المقتضي ـ وهو انصباب الماء ـ وشك في وجود المانع، فعدم ترتيب آثار الطهارة لا يصدق عليه نقض اليقين بالشك، لعدم تعلق اليقين بالطهارة، بل بوجود المقتضي. وليست الطهارة من آثار وجوده فقط، بل تتوقف على عدم المانع أيضاً، والمفروض أ نّه لا يقين بوجود المقتضي وعدم المانع لتكون الطهارة متيقنة. وبالجملة بعد كون اليقين متعلقاً بشيء والشك متعلقاً بشيء آخر، لا يكون عدم ترتيب الأثر على الشك من نقض اليقين بالشك، فلا يكون مشمولاً لأدلة الاستصحاب، وهو ظاهر.
وقد يتمسك في موارد قاعدة المقتضي والمانع بأصالة عدم المانع، فبعد إحراز صب الماء بالوجدان وعدم المانع بالأصل، يحكم بوجود الطهارة.
وفيه: أنّ الأثر الشرعي ليس مترتباً على عدم الحاجب، بل على الغسل، ولا يمكن إثبات الغسل بأصالة عدم الحاجب إلاّ على القول بالأصل المثبت.
|