الجهة الثالثة: في أنّ مورد بعض النصوص الواردة في قاعدة الفراغ وإن كان هو الطهارات والصلاة، إلاّ أ نّه نتعدى عنها لأمرين: الأوّل: العموم الوارد في موثقة ابن بكير من قوله (عليه السلام): «كل ما شككت فيه مما قد مضى فأمضه كما هو»(1). الثاني: عموم التعليل في بعض الأخبار كقوله (عليه السلام): «هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك»(2) وكقوله (عليه السلام): «وكان حين انصرف أقرب إلى الحـق منه بعد ذلك»(3) فلا مانع من جريان قاعدة الفراغ في الطواف وغيره، بل لا مانع من جريانها في العقود والايقاعات، بل في المعاملات بالمعنى الأعم الشامل للعقود والايقاعات وغيرهما كالتطهير من الخبث، فتجري قاعدة الفراغ في الجميع بمقتضى عموم الدليل على ما ذكرناه، هذا كله في قاعدة الفراغ.
وأمّا قاعدة التجاوز، فقد وقع الكلام بين الأعلام في أ نّها مختصة بباب الصلاة، أو أ نّها من القواعد العامة، ولا اختصاص لها بالصلاة؟ فذكر شيخنا الأنصاري(4) وجماعة من الفقهاء أ نّها من القواعد العامة، إلاّ أ نّه قد خرج عنها الوضوء للنصوص الخاصة الدالة على وجوب غسل العضو المشكوك فيه وما
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 8: 237 ـ 238 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 23 ح 3.
(2)، (3) تقدّمت مصادرهما في ص 316.
(4) فرائد الاُصول 2: 709 و 712.
ــ[323]ــ
بعده، وقد اُلحق بالوضوء الغسل والتيمم لتنقيح المناط أو للاجماع على ما يأتي التعرض له قريباً(1) إن شاء الله تعالى. واختار المحقق النائيني(2) (قدس سره) اختصاصها بالصلاة، وأنّ عدم جريانها في الطهارات الثلاث إنّما هو بالتخصص لا بالتخصيص. ــــــــــــ
(1) في ص 345.
(2) أجود التقريرات 4: 217، فوائد الاُصول 4: 626.
|